الأسد ومعركته الأخيرة … في لبنان
محمد سلام
الجمعة 29 آب 2014
بشار الأسد فقد، أو هو في صدد فقدان، السيطرة على كل المحافظات السورية التي لها حدود مع الأردن والعراق وتركيا … وإسرائيل. لم يبق له سوى الأراضي السورية المحاذية للبنان حيث سيخوض معركة تراجعه إلى القرداحة. معركة الأسد الأخيرة، ومعه حزب الإرهاب الفارسي المسمى حزب “الله” ستدور في جزء كبير منها على الأراضي اللبنانية. لذلك يسعى الحزب الإرهابي إلى توريط الجيش اللبناني فيها كي يكون معيناً له، ولذلك يسعى الحزب الإرهابي إلى تكوين تحالف يسميه وطنياً يهدف إلى زج كل القوى والشرائح اللبنانية في معركة الدفاع عن إيران والأسد في لبنان، وهو ما أدركه أهل بلدة دير الأحمر المسيحية ورفضوه في بيان علني.
وما يجري في جرود عرسال ما هو إلا نموذج صغير لما يعدّه الحزب الإرهابي والأسد لبقية المناطق اللبنانية، بقاعاً وشمالاً، ويبدو وفق ما تؤشر إليه المعطيات الميدانية أن بلدة الصويري البقاعية ستكون بؤرة التفجّر الثانية بعد عرسال في محاولة من الحزب الإرهابي وأدوات الأسد للحفاظ على خط مفتوح من البلدة اللبنانية السنية إلى معبر جديدة يابوس السوري المواجه لها، علماً أن معبر المصنع اللبناني يقع عقارياً ضمن خراج بلدة الصويري. والصويري، كما عرسال وغيرها من البلدات السنية البقاعية والعكارية والريفيّة، هي “أم الجيش” لها في المؤسسة العسكرية قرابة 3 آلاف من أبنائها، هي مع الجيش بصفته … جيش الدولة اللبنانية. ولكن، الصويري كما عرسال وغيرها من البلدات السنية هي ضد الحزب الإرهابي وأجندته الفارسية-الأسدية، ولم يستطع النائب السابق عبد الرحيم مراد الذي حاول إغراقها بالخدمات التوظيفية والمساعدات الدراسية أن يكوّن فيها قاعدة تأييد للأسد أو للحزب الإرهابي.
من هنا تتجلى خطورة ما تحيكه الغرف المظلمة للصويري ولقطاع البلدات السنية والدرزية والمسيحية على الخط الممتد من المصنع إلى عين عطا في جبل الشيخ مروراً براشيا.
الحزب الإرهابي يريد الإمساك بالصويري بإعتبارها المعبر البري ألأساسي إلى الأراض السورية، لذلك يحاول تحريك أنصاره من إحدى العائلات التي كانت قد تورطت سابقاً في صراع مع أهالي البلدة.
وأنصار الأسد، كما الحزب، يريدون الإمساك بما يعرف بجبل عربي، وهوعملياً جبل أجرد يفصل المنطقة عن الأراضي السورية، كي يؤمّنوا طريق إمدادهم، والأهم، طريق إنسحابهم وهروبهم من الأراضي السورية، علماً بأن “طريق الهروب” هي دائماً جزء أساسي من أي خطة عسكرية.
ونشّط حزب الله أيضاً القلّة المؤيدة له في بلدتي خربة روحا ومدوخا على الخط بين الصويري وعين عطا لتأمين الوصل بإنتظار ساعة الصفر، مستفيداً من “نكد” شريحة صغيرة ممن أوقف تنظيم سياسي مخصصاتهم، فلجأوا إلى الحزب الإرهابي على قاعدة ولاء ماريكا “أي الولاء بالبدل.” ولكن خبراء في المنطقة يشددون على أن لا قيمة حقيقية لهؤلاء في ساعة الحقيقة عندما “تلحق كل عنزة بقطيعها.”
إدارة خصوصية وضع راشيا-عين عطا-دير العشائر هي رهن التفاهم الذي أنجزه الزعيم الدرزي وليد جنبلاط في جولاته على المناطق الدرزية وآخر محطاتها اللقاء الدرزي الجامع في بلدة بيصور بحضور ومباركة الأمير طلال أرسلان وبمشاركة حيثيات “درزية-قومية” على قاعدة متلازمة: “لا نعادي أي جار، ولا نقبل إعتداء من أي جار، ولا نتحالف مع أي جار ضد أي جار.”
فعلى الجيران أن يحترموا “جوهر” قاعدة “الجوار” الدرزي لأنها تصب في مصلحة الجميع، وليس في مصلحة الدروز فقط، بإستثناء من يريد توريط الجميع من دروز وغير دروز في ما لا يريدونه وما لا مصلحة لهم فيه، وهذه خرج منها … حتى وئام وهاب بإقفال مراكز ومكاتب حزبه في سوريا.
وخصوصية قاعدة الجوار هذه يفهمها من لملم “حادثة” عين عطا بعد وقوعها بإعتبارها “مجرد عملية تهريب” من الطراز الرائج في كل البلدات الحدودية، بغض النظر عما إذا كانت “البضاعة المهربة” مازوت أو سلاح أو … بشر، وتم توقيف البشر تماماً كما يتم ضبط البضائع المهرّبة، وتم توقيف المهربين كما يتم توقيف كل المهربين.
الخلاصة هي أن معركة الأسد الأخيرة سيكون لبنان ميدانها، أو جزءاً أساسياً من ميدانها. والمعركة آتية. العنصر الوحيد الأساسي الذي يحدد نتيجتها ومصير البلد معها هو … أداء الجيش اللبناني فيها.
وأداء الجيش اللبناي يحتاج إلى قرار حكومي واضح وصريح بإقفال كل الحدود البرية مع سوريا، وضبط المعابر الحدودية الشرعية بفعالية وحزم بحيث لا يعبرها في الإتجاهين من لا يعترف الدستور بوجوده أساساً ولا يسمح القانون بعبوره تالياً، بغض النظر عن التفاهات اللغوية التي تُحقَن في أي بيان وزاري.
خلاصة الخلاصة هي أن اللبنانيين لن يقاتلوا دفاعاً عن حزب الإرهاب الفارسي تحت أي علم أو راية. فليدافع الحزب وشعبه عن حروبهم التي خاضوها ويخوضونها في لبنان وخارجه، فهذه خياراتهم، ولا شأن لبقية اللبنانيين بها. هذا شوكهم، فليقتلعوه … هم، وحدهم. (صفحة كلام سلام)