الكولونيل شربل بركات/لماذا أقدم حزب الله على تنفيذ حكم الاعدام بلقمان سليم في هذه المرحلة؟

434

لماذا أقدم حزب الله على تنفيذ حكم الاعدام بلقمان سليم في هذه المرحلة؟
الكولونيل شربل بركات/09 شباط/2021

يا أحرار لبنان لا تيأسوا ولا تقفوا مكتوفي الأيدي خائفين. لأن الليل الطويل الذي يمر على لبنان لا بد أن ينتهي، والحرية التي طالما كانت تظلل هذا البلد وشعبه ستبقى صورته البهية. ولا بد أن تنتصر ارادة الشعب وقراره بالحياة الكريمة واستعادة دوره الطبيعي والرائد في هذه المنطقة من العالم. وإن الطغاة وأفرازاتهم إلى مذبلة التاريخ…

*****
إن حزب الله، وهو جزء من الآلة العسكرية لنظام الملالي الإيراني، لا يمكنه أتخاذ قرار باعدام شخصية بارزة ومعروفة على مستوى عالمي بهذه السهولة، وخاصة أنها متخصصة بحقوق الانسان ومتعاونة مع كثير من المنظمات الحقوقية العالمية. والكل يعلم بأنه أراد ذلك منذ زمن طويل، ولكن قرار العودة إلى مساسل القهر والعنف ليس بيده. فقد كان مقتل قائد الحرس الثوري سليماني ورفيقه المهندس كبّل هذه المجموعة وأفقدها المبادرة ما دعى مسؤوليها لتحسس رقابهم والتخفي في الجحور. وحزبالا هذا ليس سوى عبد مطيع وجندي منفذ لأوامر قيادته في طهران. ولو أن مسلسل الاغتيالات كان الوسيلة المثلى التي جعلته يسيطر على الساحة في لبنان بعد اعدام كل الأحرار؛ بدءً من الرئيس الحريري ورفاقه، مرورا بسمير قصير وجورج حاوي وجبران تويني وبيار الجميل ووليد عيدو وأنطوان غانم، ومن ثم الضباط فرنسوا الحاج ووسام عيد وسامر حنا ووسام الحسن، وأخيرا محمد شطح.

التفجيرات المعروفة هذه كان الأمر باستعملها قد صدر من اسياده في طهران، ردا على القرار الدولي 1559 الذي طالب بتحرير لبنان من كل آفات الارهاب، ابتدأ من جيوش النظام السوري، مرورا بعناصر الحرس الثوري أو ما يسمونه حزبالا، وحتى آخر مسلح في بؤر المعسكرات والمخيمات التي لا تزال مشاريع فتنة يستعملونها أية ساعة يريدون إذلال اللبنانيين الأحرار، كما فعلوا مع العبسي في نهر البارد، وبعده عندما اخترعوا الدواعش لكم أفواه السوريين الأحرار والقضاء على ثورتهم.

ولكن لماذا توقف العمل بمسلسل التفجيرات تلك وهو يستعاد اليوم؟ وهل هذه الجريمة هي بداية لمسلسل جديد آخر؟ أم أنها جريمة منفردة تعتبر ردة فعل على تصريحات الشهيد لقمان سليم والتي لم يعد حزب طهران بقادر على هضمها؟ ولماذا لم ينفذ هؤلاء جريمتهم قبل اليوم؟

أسئلة مهمة قد تكون الأجوبة عنها اشارات لمعالم الطريق الذي يرسم ما بعد تغيير القيادة في الولايات المتحدة. ولذا يجب على أحرار لبنان تفهّم الأمور بجديتها. والعمل بشكل سريع على وضع مشروع تخليص لبنان على طاولة التفاوض الدولي المزمع قيامه سريعا. ولجم آلة القتل تلك، والتي اصبحت غير مكلفة في هذه الظروف، كون الحكم في لبنان، الذي سيطر عليه كليا حزبالا، أصبح جزءً من المنظومة القاتلة اليوم، ولا حاجة للتمويه أو استعمال المتفجرات التي تثير ضجة من حولها متى كان التنفيذ بكاتم الصوت أسهل ويتم بدون ملاحقة.

إن سيطرة الحزب على موقع رئاسة الجمهورية وعلى الأكثرية النيابية، أعطاه حرية التصرف بالسيطرة على مفاصل الدولة، وحرر حلفاء إيران من مسؤولية معنوية عن احتلال لبنان من قبل مرتزقتها. فكل شيء يتم ضمن القانون؛ مثل تدمير وتهجير نصف بيروت بانفجار هو الأكبر في العالم، وبدون أن يرمش جفن للمسؤول الحقيقي عن ذلك. فآلة التدمير هذه نفسها كانت تستخدم لتفجير وتهجير أبناء سوريا وتغيير البنية الديموغرافية فيها. ولماذا لا تتم في بيروت ايضا بتهجير نصف المدينة وتغيير الديموغرافيا فيها ايضا؟ فقد سئم الحزب من تمادي تطاول الناس على أدواته، وظهور ذلك الشعور المطالب بالحرية والرافض لمشاريعه في التظاهرات التي كان يريدها فقط لاكمال السيطرة على البلد، ولكنها افلتت من يده لتطالب بالتغيير الجدي الذي يعيد للبلد كرامته ونظامه. فكان رده الأول تحويل التظاهر إلى عملية قتال بين جماعته والآخرين، ومن ثم استعمال أجهزة الدولة لضرب الثورة، وأخيرا التفجير الذي هدم كل شيء على رؤوس الناس كما كان فعل نظام دمشق بالسوريين.

لقد شدد لقمان سليم في أحدى مقابلاته الأخيرة على موضوع ارتباط نيترات الأمونيوم بحاجة سوريا لتبديل وسائل القتل المتبعة حتى يومها، لأن استعمال الأسلحة الكيماوية اعتبر خطا أحمر من قبل الرئيس أوباما والمجتمع الدولي، فكانت عملية استيراد هذه المواد عبر بيروت ونقلها لتستعمل بالبراميل المتفجرة والتي كانت تحوي كل منها الف كيلو تقريبا. وقد قدر عدد البراميل التي استعملت بالف وستمئة ما يعني بأن ما تبقى في المرفاء يجب أن يكون حوالي الف طن صدّر منها حزبالا إلى مجموعاته حول العالم أكثر من النصف واستعمل ما تبقى لتهجير بيروت.

يقال بأن هذه المقابلة هي ما دفع إلى قتل الشهيد سليم. ولا نستبعد أن تكون أحد الأسباب، سيما وأن التذكير بقرار الرئيس أوباما بموضوع حظر الأسلحة الكيماوية في سوريا قد يفتح الباب لامكانية الضغط على الرئيس بايدن بنفس الاتجاه. ولذا وجب التصرف بسرعة وكم كل الأفواه، خاصة اليسارية منها، لعدم التاثير على قرارات الولايات المتحدة. فضمن ادارة الرئيس الأميركي الجديد الكثير من اصحاب الفكر اليساري والذين قد يتاثرون من التجاوزات الفاقعة لحقوق الانسان.

من هنا على اللبنانيين مجتمعين المبادرة إلى تحرك دولي للمطالبة برفع الموضوع اللبناني، وخاصة تنفيذ القرارات الدولية، إلى مستوى عالي، وقبل البدء بالتفاوض مع إيران، لكي يكون تحرير القرار اللبناني، ورفع يد طهران عنه، وخلاصه من آفة السلاح، واعلان حياده، أمور لا يطالب بها البطريرك الماروني وحده بل كافة الفئات اللبنانية. فعندما يتخلص الشعب اللبناني من مشاكل السلاح وافرازاته، ويضمن استقلاله حدود آمنة واعتراف من قبل الكل بعدم التدخل في أموره، والاقرار بالحاجة له في هذه المنطقة من العالم، يتحصن البلد ويصبح موضوع الحكم، بالشكل والدستور ومجموع القوانين، مواضيع داخلية تتم برأي الشعب وتماشي تطلعاته. لأن التمثيل الشعبي في غياب القوة يصبح أكثر وضوحا وأقرب إلى الواقع منه في ظل السلاح وتقاسم المغانم.

المطلوب إذا أولا حماية الأفراد وعدم تركهم يناضلون بدون مظلة أمنية ويواجهون الاغتيال كلما رفعوا الصوت. وثانيا الالتفاف حول مطالبة المجتمع الدولي لتخليص لبنان من آفة السلاح، التي روّعت المواطنين وساهمت بتعميم الفساد وأفقرت البلاد وهجرت الناس. وهي تسعى لافراغ البلد، كما حصل في سوريا، من أهله وطاقاته ليسهل هضمه والسيطرة عليه.

فيا أحرار لبنان لا تيأسوا ولا تقفوا مكتوفي الأيدي خائفين. لأن الليل الطويل الذي يمر على لبنان لا بد أن ينتهي، والحرية التي طالما كانت تظلل هذا البلد وشعبه ستبقى صورته البهية. ولا بد أن تنتصر ارادة الشعب وقراره بالحياة الكريمة واستعادة دوره الطبيعي والرائد في هذه المنطقة من العالم. وإن الطغاة وأفرازاتهم إلى مذبلة التاريخ…