محمد سلام/عقيدة قتالية جديدة ورئيس لبنان

371

عقيدة قتالية جديدة … ورئيس لبنان
محمد سلام، الإثنين 1 كانون الأول 2014

تعكس ولادة تنظيم الدولة الإسلامية تبدلاً جذرياً في جوهر العقيدة القتالية عالمياً. فلم يعد السؤال المطروح هو: من ينتصر ومن ينهزم في أي حرب؟ صارت إيديولوجيا الصراع العنفي تتمحور حول: من يتضرر أكثر من أي حرب.

قاعدة بن لادن حاولت أن تنقل الضرر إلى ميدان الغرب بضربات 11 أيلول في أميركا وتفجيرات إسبانيا وغيرها، ورد عليها الغرب محاولاً نقل الضرر إلى ميدانها في أفغانستان … فإنهزما معا، القاعدة تشرذمت والغرب يتسابق لسحب ضحاياه الأحياء من أفغانستان على خلفية الحوار مع طالبان.

التحدي الجديد الذي تطرحه عقيدة من يتضرر أكثر من أي حرب أدركه الغرب، لذلك أرسل قواته الجوية، وسيرسل بعدها البحرية، إلى ميدان القتال في الشرق، كي لا ينتقل القتال إلى أراضيه في بلدانه. وقد “يضحّي” بإرسال نخب إستشارية-قيادية  “رمزيّة” إلى أرض الميدان العربية، من دون أن يقارب حتى فكرة إرسال جحافل برية.

هذا التغيير الجذري في العقيدة القتالية أدركته إسرائيل، لذلك هدد رئيس أركان قواتها الجديد الجنرال غادي ايزنكوط بأنّه “يتحتّم على إسرائيل في المواجهة القادمة مع حزب الله اعتبار كلّ لبنان كأنّه الضاحية الجنوبيّة،” التي دمرها الجيش الإسرائيلي كلياً في حرب تموز-آب العام 2006 وفق ما نقلته عنه صحيفة يديعوت أحرونوت.

واقعي الجنرال إيزنكوط إلى درجة أنه أوضح علناً للصحيفة العبرية بأنه “صحيح أنّ الجبهة الداخلية الإسرائيليّة ستتعرض لإصابات، ولكنّ الجيش الإسرائيليّ حسّن قدراته بشكل كبير للغاية، وبالتالي فإنّ الخسائر التي سيتكبدها الطرف الثاني (لبنان كله) ستكون وخيمة جدًا…”

جوهر فلسفة العقيدة القتالية الجديدة هو بالضبط الإقرار بأن “الجبهة الداخلية ستتعرض لإصابات  … لكن الخسائر التي سيتكبدها الطرف الآخر ستكون وخيمة جداً.”

الميدان العربي يجمع الحالتين معاً في اللحظة السياسية الواحدة. هو “الجبهة الداخلية” وهو أيضا “الطرف الثاني.” وبالتالي فهو قابل لأن يحصد “الوخامتين” وليس وخامة واحدة.

هذا التغيير الكبير في العقيدة القتالية يدركه النظام العربي أيضاً، لذلك يشارك مع تحالف أوباما في الضربات الجوية لأهداف الدولة الإسلامية، ويحاذر إرسال قوات برية إلى ميدان المعركة الأساس، في سوريا والعراق، والمتوسع إلى اليمن وربما … إلى لبنان.

التحدي الذي يواجهه النظام العالمي (غير العربي والإسلامي) هو كيف يمنع الحرب التي تدور على أرض العرب السنّة من أن تنتقل إلى أرضه.

التحدي الذي يواجهه النظام العربي هو كيف يمنع الحرب التي تدور على أرضه من أن تتمدد … في أرضه.

معضلة النظامين الغربي والعربي معاً تكمن في وجود قوة أخرى على الميدان العربي للصرع، وهي فيالق الدولة الإيرانية التي تحمل مسميات عدة من أحزاب “الله” إلى فيالق “القدس” وعصائب “أهل الحق” وكتائب أبو الفضل العباس ألخ.

ولم يستطع النظامان الغربي والعربي، حتى الآن، تقديم جواب عن التساؤل المميت: كيف نحارب الدولة الإسلامية على أرض السنّة، ولا نحارب الدولة الإيرانية على أرض السنّة. كيف نكسب السنّة، أو بالأحرى كيف نتفادى عداء السنّة، إذا كنا لا نقاتل معهم عدوهم على أرضهم، بل إذا كنا نريدهم أن يقاتلوا معنا عدو عدوهم؟؟؟

هذا السؤال تحديداً، بل الخلاف الحاد حيال الجواب عن هذا السؤال تحديداً، هو الذي أدى إلى “إستقالة” وزير الدفاع الأميركي من إدارة أوباما، وهي ثاني إستقالة لوزير دفاع من إدارة أبو حسين أوباما “الديمقراطية” جداً.

لذلك، ولحراجة تقديم إجابة عن هذا السؤال للشعب الأميركي ولشعوب دول التحالف الغربية، خرجت واشنطن من سياق الجدل السياسي لتؤكد أنها ما زالت تعتبر حزب حسن نصر الله “إرهابياً”.

عادة، في علم السياسية وعلم الرأي العام والدعاية السياسية، لا يتم اللحوء إلى خيار “تأكيد” موقف ما إلا عندما تثار شبهات حيال فرضية، أو إمكانية، أو واقعية التخلّي عنه. والتأكيد قد لا يعني بالضرورة تأكيد الإلتزام بالمؤكد.

ولذلك، ولحراجة تقديم إجابة عن هذا السؤال لشعوب الأنظمة العربية، طلبت المملكة العربية السعودية إدراج حزب “الله” ضمن لائحة التنظيمات الإرهابية المقاتلة … في سوريا.

والسؤال المركزي الذي يبحث النظام العربي عن إلإجابة عنه هو: هل يكون ضررنا أقل إذا قاتلنا الدولة الإسلامية على أرض العرب السنّة، أم إذا قاتلنا الدولة الإيرانية على أرض العرب السنّة؟؟؟

المعضلة الحقيقية التي تواجه النظام العربي تكمن في إدراكه الضمني بأن من يجيب عن السؤال المركزي هو الشعوب وليس الأنظمة.

لبنانياً، المعضلة تكمن في الإدراك الضمني بأن حزب إيران هو عدو معلن رسمياً للنظام العربي في سوريا، وهو عدو واقعي للشعوب العربية السنيّة على إمتداد الأرض العربية، وإن “بالتجزئة النظامية،” وفق قواعد … “السوق”، فهو عدو للسعودية على الأرض السعودية، وعدو للإمارات على الأراضي الإماراتية … وعلى الأرض السورية …ألخ.

السؤال اللبناني إنحسر إلى مستوى: كيف نقلل الضرر: بإنتخاب رئيس يختاره حزب إيران، بإنتخاب رئيس يختاره النظام العربي، بإنتخاب رئيس يختاره النظام العالمي؟

واقعياً، وبغض النظر عن الردحيات الزجلية “الوطنية،” لا يوجد خيار إسمه ننتخب رئيساً يختاره الشعب اللبناني أو صنع في لبنان … ألخ.

الخيار الرابع” الذي تحلم به “السلطويات” (تحالف مشاريع السلطة) اللبنانية هو إنتخاب رئيس يتشارك النظام العربي مع إيران في إختياره؟

ألن يعتبر هذا الخيار أغلى “الهدايا” التي تقدم للدولة الإسلامية، بغض النظر عن مرتبته على سلّم “الوطنجيات” اللبنانية ؟

(صفحة كلام سلام)