داود البصري/ولاية عراق العجم الفارسية!

561

ولاية عراق العجم الفارسية!

داود البصري/السياسة

29 تشرين الثاني/14

في تطور ميداني عراقي على صعيد تعزيز العلاقات الخاصة جدا بين النظام الإيراني وحكومة الأحزاب الإيرانية الحاكمة في العراق, أعلن النائب الأول لرئيس البرلمان العراقي المعمم المجلسي همام حمودي, وهو أحد رجال النظام الإيراني الثقاة في العراق عن نية حكومة الطائفيين بإلغاء تأشيرات الدخول المسبقة بين البلدين من اجل تسهيل امور الزيارات الدينية كما قال! رغم مخاطر الاختراقات الأمنية التي اودت بحياة العديد من الزوار الإيرانيين, ومشروع إلغاء التأشيرة هو مجرد تحصيل حاصل لكون الحكومات الطائفية التي تعاقبت على إدارة وتزعم السلطة التنفيذية في العراق تمكنت من إنجاز جل الأهداف الإيرانية الطموحة والمخطط لها منذ ثلاثة عقود ماضيات, وأهمها تحويل العراق محمية إيرانية خالصة بعد اشتعال الحرب الطائفية منذ أيام المخلوع الطائفي نوري المالكي, الذي نمت وازدهرت في عهده كل خلايا النظام الإيراني النائمة والمستيقظة أيضا بعد أن اعتمد اعتمادا جليا على الميليشيات الطائفية الإيرانية سواء في حربه ضد خصومه الداخليين أوفي مساهمته الفاعلة في شد أزر النشاطات الإيرانية الإقليمية من خلال الحرب ضد الثورة السورية والدفاع عن نظام دمشق من خلال إرسال الميليشيا الطائفية وتزويدها بمختلف الاحتياجات إضافة للدعم الاقتصادي الكبير لنظامي دمشق وطهران.

وسيسجل التاريخ دور نوري المالكي باعتباره اللاعب الأكبر في توسيع الوجود الإيراني في العراق, وبعد الانهيار الأمني والعسكري في صيف 2014 تحول الجهد العسكري الإيراني ليكون جهدا محوريا في الساحة العراقية, ولتكون أرض العراق ممرا ومستقرا وميدانا لجنرالات الحرس الثوري حيث يصولون ويجولون ويتحركون ويديرون المعارك الميدانية بل ويقدمون الخسائر البشرية في معارك العراق الداخلية على مستوى العمليات البرية أو الجوية ويساهمون في قيادة قوات الحشد الطائفي من خلال القيادات الإرهابية الدولية المنضوية تحت الراية الإيرانية, من أمثال الإرهابي الدولي المعروف أبومهدي المهندس أو الإرهابي أبودرع (إسماعيل اللامي) أوغيرهما من غلاة الطائفيين والقتلة الذين تدربوا على أساليب القتل والإرهاب في معسكرات الحرس الثوري الإيراني.

لقد بينت المعارك الميدانية الأخيرة في العراق عن حجم ودرجة التغلغل العسكري الإيراني الواسع في العراق وانهيار, بل وتلاشي السيادة الوطنية العراقية وتململ الأطراف الوطنية من تحول العراق محمية إيرانية خالصة بعد أن برز الدور الإيراني بكل جلاء ووضوح, فمثلا لم يتردد الشاعر العراقي الكبير سعدي يوسف عن وصف العراق بكونه حاليا “عراق العجم”! مما أثار قطاعا طائفيا متخلفا وهمجيا من مدعي الأدب طالب بحرق دواوين ومؤلفات الشاعر! في خطوة أقل ما يقال فيها انها مفتقدة للحس الوطني والإنساني الحقيقي وبما يمثل مهزلة حقيقية على الواقع الثقافي البائس القائم في العراق والذي وصل لمرحلة حرق الآراء والأفكار بطريقة جاهلية خبيثة.

بكل تأكيد فإن تغلغل العسكر الإيراني في العراق يمثل خطة ستراتيجية إيرانية لحماية الداخل الإيراني من خلال العمق العراقي, والسيطرة على بغداد هي امتداد للسيطرة على دمشق وصنعاء, كما أن تمركز الحرس الثوري الإيراني بمحاذاة الحدود الكويتية يمثل اقترابا خطرا من نقطة ستراتيجية وبابا مستقبليا مفتوحا لإطلالة إيرانية مباشرة على شمال الخليج العربي وباتجاه تفعيل مخططات الفتنة الطائفية الإيرانية في البحرين والسعودية والضغط على الغرب في مسألة الإمدادات النفطية والطاقة خصوصا أن الإيرانيين ما فتئوا يعلنون ان الغرب يخضع لرحمة جنود الولي الفقيه المسيطرين على مناطق امداد الطاقة.

سيناريوهات مستقبلية خطيرة للغاية تؤشر على خضوع العراق بالكامل للإرادة والقرار الإيراني لكون نتائج المعارك الداخلية هناك ستكون محورية ومباشرة على صعيد تقوية, أو اضعاف, النفوذ الإيراني المتزايد. في ظل حالة الاستنزاف الإيرانية الكبرى في العراق, حكومة العراق وأحزابها الطائفية لا تملك من خيار سوى التحصن خلف العباءة الإيرانية التي تحاول جاهدة إخراج العراق من المعادلة الإقليمية باعتباره ملحقا تابعا لولاية الولي الفقيه. فهل تستطيع المعدة الإيرانية المتضخمة هضم وابتلاع العراق? بكل تأكيد الجواب ما سنراه لا ما سنسمعه.