داود البصري/مجازر النظام السوري والمباركة الدولية

310

مجازر النظام السوري والمباركة الدولية
 داود البصري/السياسة

28 تشرين الثاني/14

  بعد نحو الأربعة أعوام عجاف من الثورة السورية, وأطنان الدماء التي سفكت على مذبحها , يظل العالم يتفرج بوحشية فظة على أفظع فصول ومراحل تلك الحرب الضروس بعد أن أضحى مشاركا للأسف في تنفيذ صفحاتها السوداء عبر الإستمرار في تغذية تلك الحرب بكل الوسائل التي تسمح للنظام السوري المجرم بممارسة راحته الستراتيجية في قتل الناس, وتدمير سورية ويتحول من منبوذ دولي تطالب دول العالم بمحاسبته وإقصائه ومحاكمته ونزع الشرعية عنه كما فعلت الإدارة الأميركية مرات عديدة لفظيا! ثم تراجعت عن الفعل الصريح والمباشر لترجمة وتنفيذ ذلك التصريح المنافق ! إلى مشارك نشيط وفاعل في الحرب الدولية لتدمير سورية بذريعة تدمير تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” الذي هيمن على مساحات واسعة من الأراضي السورية والعراقية أيضا.

فالغارات الجوية لغربان النظام السوري على مدينة الرقة وإيقاعها مئات الخسائر المفجعة بالمدنيين السوريين المبتلين بحكم الطغاة والغلاة من المتطرفين هي بمثابة مجزرة بشرية مروعة, وحرب إبادة بشرية شاملة تجري فصولها المرعبة أمام عيون نواظر التحالف الدولي الذي بات مشتركا, فعليا وميدانيا, في تغطية جرائم النظام وتوفير الأرضية المناسبة لها, بل وحمايتها دوليا من أي مساءلة وتواطؤ الإعلام الدولي في التغطية على تلك الجرائم, والتعتيم عليها فيما يظل الشعب السوري في حالة نزيف دموي هو الأشد في تاريخ النزاعات في العالم.

العالم الذي يسمي نفسه حرا يتفرج ببلاهة على مصارع السوريين, وتتسابق قوات التحالف الدولي مع “شبيحة” ومجرمي العصابات الطائفية للنظام في إيقاع الأذى بأكبر عدد ممكن من السوريين بذريعة محاربة الإرهاب والتطرف, بينما الواقع العملياتي يؤكد وبما لايدع مجالا لأي شك بأن العالم بسكوته المخزي عن المجازر وبتغطيته لجرائم النظام إنما يساهم أبشع مساهمة في سقي بذور التطرف, ودعم الإرهاب الذي سيتطور وينمو ويشتد عوده كحالة رد فعل على التجاهل الدولي لمآسي السوريين المتوالدة فصولا!

لقد نكص العالم الحر عن كل تعهداته السابقة التي تحولت تاريخاً بائساً, وتراجع أصدقاء سورية عن إلتزاماتهم المقررة وتحولت بياناتهم اطلالاً وخرائب, وغابت الجامعة العربية بالكامل عن الصورة, وتحولت شاهد زور لم يعد يحصي حتى أعداد قتلى الشعب السوري, وطائرات التحالف تجوب الأجواء السورية وتغطي وبفضائحية على مجرمي الطيران الحربي السوري البارعين في قصف وحرق وتدمير شعبهم والجبناء أمام الرد على اي غارات جوية إسرائيلية.

لا أدري لماذا لايتحرك العالم لفرض منطقة حظر جوي أسوة بما فعل مع النظام العراقي السابق رغم أن نظام صدام حسين, وهذه للحقيقة والتاريخ, لم يرتكب عشر الجرائم التي إرتكبها نظام دمشق الذي ظل طليقا وعصيا عن أي مساءلة مدعوما من النظام الإيراني الصلف الطائفي, ومافيا الروسية ومظهرا لسانه ساخرا من كل الدنيا, وهو يمارس جرائمه الشنيعة?

ألا يؤكد التواطؤ الدولي في التغطية على النظام وحماية ظهره على دوره الكامل والواضح في ملفات التآمر الدولي, وعلى حجم المؤامرة الماسونية المدبرة ضد الشعب السوري الذي تحول لأنقاض وشتات وقطاعات كبيرة منه تحولت لمتسولين في دول العرب والغرب, فيما تنمو في صفوفه الجماعات الدينية المتطرفة كالفطر السام وتزدهر العصابات الطائفية, وتتحول قضية الحرية السورية لفتنة طائفية إقليمية كبرى?

لقد نجح النظام الإستخباري السوري للأسف في فرض سيناريوهاته التخريبية, ونجح في تحويل سورية الحضارة والجمال لمستنقعات طائفية رثة بسبب تواطؤ المجتمع الدولي والدول الكواسر التي فضلت على ما يبدو تبني خيار تهشيم سورية بالكامل عبر مساعدة نظام الإرهاب لكي لا تقوم للشعب السوري قائمة, وإمعانا في تمزيق وتشطير المنطقة على أسس طائفية رثة كما يحصل حاليا في العراق أيضا, والذي تمكنت الطائفية فيه برعاية دولية من أن تجد لها موقعا تاريخيا شاخصا ومدمرا ! أما العالم العربي وجامعته العتيدة فهو في الصيف قد ضيع اللبن! وبات أطلالا يتفرج على المأساة ويكتفي بعد الضحايا والعجز التام عن الفعل وحتى رد الفعل. مواقف بائسة للمنظومة العربية السياسية ستدفع أثمانها وتداعياتها الشعوب العربية, وهي تعيش النسخة الجديدة والمعاصرة من عصر الفتنة الكبرى. لابد لجرائم النظام السوري أن تتوقف وأن يتم إستئصال النظام المجرم ومحاسبته على كل قطرة دم بريئة سفكها وتلك مسؤولية أحرار الشام والتي سينجزونها رغم كل صيغ وأشكال التآمر الدولي