رولا عبدالله وخالد موسى/كيف يحلّل حزب الله مقايضة أسراه ويحرّمها على أبنائنا؟

296

كيف يحلّل «حزب الله» مقايضة أسراه ويحرّمها على أبنائنا؟

رولا عبدالله وخالد موسى/المستقبل

سقط أمس خبر عملية تبادل «حزب الله» لعنصره الأسير عماد عياد الذي كان محتجزاً لدى المسلحين في القلمون كالصاعقة على قلوب الأهالي، الذين يقبعون تحت رحمة الطقس الماطر والبرد القارس في خيمهم في ساحة رياض الصلح، ينتظرون بفارغ الصبر عودة أبنائهم الأسرى، فإذا بأسير الحزب يعود من الجرود من دون أن يعود أبناؤهم. لم تصدّق أم جورج والدة العسكري المخطوف جورج خوري هذا الخبر، وتصفه في حديث إلى «المستقبل» بأنه «كالكذبة»، لافتةً الى أن «عسكريي الدولة ما زالوا في الأسر منذ أربعة أشهر وأهلهم ينتظرونهم في الخيم في ساحة رياض الصلح ومشتتين على الطرقات، وأبناؤنا في الجرود لا نعرف عنهم شيئاً، واليوم «حزب الله» يفاوض على أحد عناصره ويبادله باثنين من المسلحين، ولكن ماذا عن مصير أبنائنا؟».

حال أم جورج كحال معظم الأهالي ومن بينهم آمنة عمار «أم حسين» والدة العسكري المخطوف حسين عمار، التي توجهت في حديث إلى «المستقبل» الى قيادة «حزب الله» بالقول: «لماذا تعرقلون عملية التفاوض على التبادل بين الحكومة والخاطفين تحت حجّة الحفاظ على «هيبة الدولة»، بينما تعملون في الخفاء وتجرون المفاوضات من أجل إخراج أسراكم لدى الخاطفين، فعن أي هيبة تتحدّثون؟»، مشيرة الى أن «الأهالي سيقومون بالتصعيد اليوم رداً على هذا الخبر، فلتحزم الدولة أمرها في هذا الملف، نحن لا نريد سوى عودة أبنائنا إلينا بأسرع وقت ممكن«. وشدّدت على أن «حزب الله لا يريد لأبنائنا أن يخرجوا الى الحرية، هو يريد أن يقتلهم في المكان الذي يتواجدون فيه، من أجل أن يقول للجميع إنه لا يوجد هناك دولة»، متسائلة: «لماذا تم قصف أماكن تواجد أبنائنا لأكثر من مرة، ما الغاية من هذا الأمر؟ لكن ما نعلمه هو أن «حزب الله» وحده من يعرقل المفاوضات لإخراج أبنائنا فيما يفاوض لإخراج أسراه». بدوره، لفت حسين يوسف والد العسكري المخطوف محمد يوسف الى أنه «عندما سمعت هذا الخبر، أصبت بخيبة أمل لم أكن أتوقعها أبداً، وكم كنت أتمنى أن تقوم الدولة بهذه المبادرة وتصل الى حل هذا الموضوع»، مشيراً الى «اننا نعتبر قصف حزب الله لمواقع تواجد المسلحين وأبنائنا هو محاولة عرقلة للملف أو تهديد لأبنائنا بالقتل، بغض النظر عن هدفه من القصف، والمضحك المبكي أنّ «الحزب يسعى اليوم جاهداً الى إطلاق أحد عناصره وتمكّن من ذلك، ما يدل على أنه لا يوجد هناك شيء صعب على الدولة، وبإمكانها الآن الرد على رفض «حزب الله» مقايضة مسجونين مقابل العسكريين الأسرى».

وتوجّه الى الدولة بالقول: «عيب جداً أن يقوم حزب بإرجاع أسراه والمفاوضة عليهم، فيما الدولة جالسة تنظر إليه»، مشيراً الى أنه «كان يجب على الدولة أن تقوم بهذه المبادرة وتخرج أسراها الذين يمثّلون كل البلد».

وكشف يوسف عن «اجتماع موسّع سيعقده أهالي العسكريين اليوم الساعة العاشرة صباحاً ممكن أن تتخذ إثره خطوات تصعيدية لا أدري الى أين ممكن أن تؤدي بنا»، مشدداً على أن «ما سمعه الأهالي من إخراج «حزب الله» لأسيره جعل الأهالي يقولون بأن هيبة الدولة سقطت اليوم». وبشأن أجواء لقائهم بعضو خلية الأزمة اللواء محمد خير، لفتوا إلى أن «لا جديد ولكن هناك مماطلة من قبل النصرة والحكومة بانتظار الرد وهي تسعى الى حلحلة الموضوع والاتصالات والمفاوضات ما زالت مستمرة وغير مقطوعة». وقد تتقاطع هذه المعطيات مع ما يجري تناقله بأنّ تنظيم داعش بات يتساهل أكثر من النصرة بالنظر الى الظروف المناخية الصعبة في المنطقة الجردية العليا حيث يوجد المختطفون، أما عناصر «النصرة» فإنهم يتمركزون في منطقة أقل قسوة مناخياً وأقل ارتفاعاً، ولعل في ذلك مبرر للمرونة التي سيبديها داعش ما يدفعها الى تسريع وتيرة المفاوضات«. لقد باتت دواليب السيارات رفيقة أهالي العسكريين المخطوفين، مرة تدور بهم الى أعالي الجرود للقاء أبنائهم، ومراراً يشعلونها من حرقة قلبهم تاركين شحتارها يختلط بأجسادهم التي اصطبغت بـ«الرمادي» مثلما صار لون المعطيات بين أيديهم، لا هي بيضاء ولا سوداء. وفي الساحة حيث تسابقهم العواصف، ويقطع المارة من حولهم كأنهم صاروا من معالم المكان، ليس من منقذ سوى الدولاب يعتمدونه بديلاً عن المقاعد الحجرية الباردة ومثبتاً للصحون اللاقطة وطاولة تصلح بعد التعديل لجلسة تبادل مخاوف وأوجاع وذكريات. وكما الأمس، وما قبله، هو حالهم: «دولاب ويدور بهم في كل الاتجاهات» يقول أحد الأهالي بينما عجلات السيارة تطير بأبناء العسكري المخطوف خالد مقبل برفقة والدتهم «وضحة« الى فنيدق حيث أقرب طبيب، وعلامات المرض: «إسهال واستفراغ»، وتشخيص الطبيب في كل مرة: «معقول أطفال عندن حساسية يناموا بخيم مشرعة للعواصف». وإنذار الطبيب للأم: «حرام اللي عمبتعملوا بالأولاد». والأم وضحة حائرة بين أن ترضخ لتحذيرات الطبيب أو أن ترضخ لتهديدات الخاطفين بضرورة التزام الأهالي خيم الاعتصام.

وكان قد زار أهالي العسكريين أمس اللقاء الشبابي اللبناني – الفلسطيني في وقفة تضامنية تحت عنوان «لا كرامة للوطن إلا بعودة حماة الوطن».