الكولونيل شربل بركات/الفلاح اللبناني والخوابي المباركة

202

الفلاح اللبناني والخوابي المباركة
الكولونيل شربل بركات/02 حزيران/2020

على تلك الروابي وبين الصخور الصم
جلس يرتاح من عناء النهار…
الشمس تحرق ما بدى من جلده الأسمر
فيخرج عرق الجهد دررا تتدحرج فوق الجبين…

أمامه فتحت الأرض فاهها…
اثلاما حمراء تتراصف صفوفا صفوف منتظرة خير السماء
وتلين حباتها التي كان صلبها الجفاف
فبدت كالصحراء قاحلة تشتاق آلته الصلبة
تشق أعماقها بحثا عن الخير فيها وتحثها على العطاء…

“سك دود ارص”… “ازرعي الحب في الأرض”
قال ايل لعناة منذ بدء السكن في هذه الربوع
وهو كالأجداد تناقل المهمة
وتابع العمل بكل نشاط
لم يأبه لتعب ولا تزمّر من قلة…

كدن فدّانه قبل الفجر كالعادة…
“زهير والصبحة” يعرفان الأرض عن ظهر قلب
ولا حاجة له أن يحثهما على المضي في جر السكة تداعب التراب
والحفافي طالما أطعمتهما قليلا من أوراق العشب
النابت بالقوة وبالرغم من الشح…

منذ الفجر ترك البيت سائرا خلف حماره المحمل
بالآلة والعدة ومطرة الماء
في جيبه بعض من أقراص الدحروب
مصدر طاقة عند الحاجة ورغيف خبز ناشف لسد الجوع…

طريق “الجرودة” ضيّق ومعلّق
يضطره أحيانا أن يمسك العود ليحمي الحمار من السقوط…
ولكنه يوفر ساعة من الدوران حول “ضهر الشير” ليصل إلى مكان العمل…

لن يقدر أن يرتاح طويلا فعليه أن يكمل شقاق الملك قبل أن يبدأ مطر تشرين
والأرض مشتاقة لترتوي… فهي لم تعرف الماء منذ آخر شتوة في نيسان
وقد رنّختها زخات ايلول الشحيحة لتذكرها بأن الخير آت…

في برنامجه الكثير من المحطات… تتداخل أحيانا
وفي كل جهة من أرض القرية قطعة أرض يتنوع الزرع فيها
فالتربة والريح والشمس وحتى المطر تختلف من موقع لآخر…

هو كما الجدود ورثها عمن سبقه واستبقاها ذخرا ومجال عمل
فهي الساحة لنضاله وهي مصدر الخير ومبعث الافتخار…
لن يفرط بحبة منها ولن يتركها بدون عطاء فهي تفرح به ومعه بنتاج الجهد

بالأمس كان يقطف حبات الزيتون الناضجة ويدرسها في المعصرة
متأملا نبع الخير السائل كالذهب يملأ الخوابي
ويختبئ بقرب نعائر المكبوس والقاورما والدبس وصحاحير التين والزبيب
فيطمئن البيت لشتاء مكفي