انطوان سعادة/عشرون عاما حكي فاضي

94

عشرون عاما حكي فاضي
انطوان سعادة/الكلمة اولاين/15 نيسان/2020

عشرون عاما هي المدة الزمنية التي قضيتها في السوق المصرفي والمالي اللبناني أبيع ما تنتجه هذه المصارف من برامج.
وقد كان لي الشرف بإنتاج بعضا منها موجها خصيصا للأعمال الصغيرة، ولدعم الأرياف والمجتمعات خارج العاصمة.
عشرون عاما كانت كافية لحفظ التعاميم التي تصدر عن مصرف لبنان والقوانين المالية في النقد والتسليف، ومحاولة شرحها وافهامها للناس وتحديدا لطالب القرض الذي يريد التعامل مع هذه المصارف.
عشرون عاما ونحن نقول للناس اذا أردت قرضا من المصرف عليك ان تستوفي ثلاثة شروط أساسية ، واذا شرط من هذه الشروط لم يكن مستوفيا فلا قرض.
الشروط الثلاث هي:
١-ملاءة عقارية
٢-حركة حساب مصرفية مناسبة لقيمة القرض مع تاريخ مصرفي.
٣-معلومات ممتازة عن السيرة المصرفية.
عشرون عاما دون التنازل عن فكرة ان مصرف لبنان والقطاع المصرفي هما من الأمتن والأكثر مصداقية في العالم.
لكن تبين ان هذه المنظومة تفتقر الى ابسط القواعد التقنية والمهنية والمصرفية.
للمفارقة لقد قامت هذه المنظومة نفسها بنسف القواعد الثلاث التي كانت تلزم بها اي طالب لقرض مصرفي.
ما يعني انه عندما يتقدم اي شخص بطلب قرض مصرفي نقوم بتأسيس ملف لدرس وضعه ونسلم بعدها الملف الى المصرف الذي بدوره يدرس الوضع من كافة نواحيه:
المهنية، المالية، العقارية ويقوم حتى بدراسة وافية للسوق، بعدها يصدر له موافقة مشروطة مقابل ضمانات عقارية او مالية.
وكل ذلك للمحافظة على أموال المودعين.
الا ان المصارف بتعاطيها مع الدولة لم تقم بأية دراسة للوضع ولم تقيم المخاطر ولم تطلب ضمانات لحماية أموال المودعين التي هي أمانة لديها ولدى مصرف لبنان الذي هو قيم على هذه المصارف.
من هنا نستطيع القول ان هذه المصارف مع كل المنظومة المالية اللبنانية (مصرف لبنان، وزارة المالية، وزارة الاقتصاد وكل الدولة) كانت تعي ماذا تفعل وكانت عن سابق تصور وتصميم تستنسخ طريقة مادوف لجمع الأموال، معتمدة على فوائد مرتفعة، مما انهك الاقتصاد ونحر الأسواق الاستهلاكية وترجم انكماشا في النمو العام.
كل ذلك من دون اية رقابة او محاسبة.
الأخطر ان مادوف لبنان ما زال حرا طليقا، وبيرني مادوف الأصلي يقبع بالسجن.
من هنا يجب على كل من لديه قرض مصرفي التوقف عن الدفع لان الدولة ليست أفضل منه، بل يجب عليه المطالبة باسترداد ضمانته تشبها بدولته او القيام بالادعاء على دولته ومصارفها والحجز على أملاكهم جميعا.
بعد عشرين عاما لستم أفضل من الناس.