داود البصري/سنوات الحرب الاميركية الطويلة ضد داعش

292

سنوات الحرب الاميركية الطويلة ضد داعش

داود البصري/السياسة/ 20.11.14/

في تصريح ملفت للنظر, وله دلالاته ومعانيه الستراتيجية, اعلن رئيس هيئة الاركان الاميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي ان الحرب ضد الجماعات المتطرفة, وعلى رأسها تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) قد تستمر سنوات طويلة!! دون ان يحدد اي معالم و افاق لكيفية الانتصار, والاكتفاء بدعوة الحكومة العراقية لضبط ايقاعات تفاهم مذهبي داخلي يمكن ان يؤدي للانتصار على التطرف وهزيمته!, وقد تناسى الجنرال الاميركي حقيقة كون التطرف ليس مرتبطا بجهة واحدة او اتجاه منفرد! بل انه يضم ايضا اطراف تقود الحكومة العراقية ذاتها اليوم, وهي متحالفة مع الجهد العسكري الاميركي ايضا لاسباب مصلحية انية بحتة رغم امتلاكها لفكر ورؤية و منهج مستقبلي لا يختلف عن »داعش«, انها »ماعش«, اي الميليشيات الطائفية التكفيرية التي تمارس الارهاب العلني في شوارع العراق, وتقتل اهل السنة بدم بارد, وادارة المجازر الطائفية بحرفنة كما فعلوا مع المصلين في مسجد مصعب بن عمير في ديالى في اغسطس الماضي. حيث نفذت تلك الجريمة عصابة طائفية تابعة لميليشيات »عصائب اهل الحق« التي يقودها الشيخ قيس الخزعلي ومرجعيتها السياسية والفقهية ايرانية بحتة, وتم تهريب المتورطين بقتل المصلين لايران للاختفاء هناك اسوة بما تم سابقا مع الارهابي الطائفي اسماعيل اللامي المعروف بابي درع الذي اعدم المئات من اهل السنة على الهوية في بغداد ثم هرب لايران وعاد اخيرا. الا يعلم الجنرال ديمبسي والمخابرات الاميركية ايضا ان »العصائب« لا تختلف عن »داعش«, وانها ايضا حليف اليوم للولايات المتحدة حيث تتحرك تحت الحماية الجوية الاميركية!!

وكذلك الحال مع عصابة بدر المهيمنة على وزارة الداخلية وعصابة كتائب حزب الله التي يقودها الارهابي الدولي المطلوب اميركيا وكويتيا ابو مهدي المهندس (جمال جعفر ابراهيمي)! وجميع تلك التنظيمات الشيعية المتطرفة والاقوى تسليحا من داعش تخضع للقيادة المركزية في فيلق القدس للحرس الثوري الايراني بقيادة السردار قاسم سليماني الذي يدير العمليات الميدانية تحت غطاء الحماية الجوية الاميركية. كيف يريد الجنرال الاميركي القضاء على التطرف المزعوم بينما المتطرفون يسرحون, ويمرحون, ويقتلون, ويسرقون وينهبون بسيارات وادوات و اسلحة الحكومة العراقية ذاتها التي تبدو منشرحة ومرتاحة لتجاوزات اهل عصابة »ماعش« من المفسدين في الارض والموطئين لعصر الهيمنة الايرانية المطلقة على العراق؟ ثم ما حكاية السنوات الطويلة التي تستهلكها وتحتاجها تلك الحرب كما قال ديمبسي؟ ومن يمول تلك الحرب ومن اين تستقطع اموال التسلح والتجهيز وبقية الشؤون اللوجستية ؟ وما اثرها على المجتمع العراقي الذي ستتوقف فيه كل خطط التنمية من اجل ادارة حرب شبحية غير مرئية تسببت بها اصلا السياسات الطائفية ومأساة التحاصص الطائفي البغيضة, والابتعاد عن خيار الدولة الوطنية من اجل الكانتونات الطائفية المريضة؟ أليس من الافضل العمل اولا على تفكيك تلك الدولة الطائفية المفككة وبناء عملية سياسية وطنية تأخذ بنظر الاعتبار الهم الوطني بعيدا عن الانحياز الطائفي المدمر, وملاحقة ومتابعة كل التنظيمات الارهابية من اي طرف جاءت, وليس استخدام التخادم والتفاهمات السرية مع النظام الايراني لتمرير مخططات تدمر الشعب العراقي ولا تقضي على الارهاب والتطرف بل تدعمه. تصريحات الجنرال الاميركي مرعبة للغاية على صعيد بناء المستقبل لانها تنذر بتحويل العراق ساحة حرب ومنطقة قتل ضد فئة واحدة ممن يشار لها بالارهاب, بينما تترك الجماعات الاخرى حرة طليقة رغم ارهابها الواضح! وذلك بالضبط ما سيجعل المعركة ضد الارهاب والتطرف في العراق فاشلة شكلا وموضوعا!, فاما ان تكون الحلول شاملة جامعة مانعة او لا تكون. ويبدو ان جنرالات البنتاغون ليسوا معنيين بالسلم الاهلي قدر اهتمامهم بتصريف السلاح الفائض! وتلك هي المشكلة والمعضلة… والمأساة!