ريفي للنهار: نعم لسمير جعجع رئيساً للجمهورية في مرحلة تحوّلية حتى لو كانت لحزب الله القدرة على إيصال عون لما أوصله

225

ريفي لـ”النهار”: نعم لسمير جعجع رئيساً للجمهورية في مرحلة تحوّلية حتى لو كانت لـ”حزب الله” القدرة على إيصال عون لما أوصله

مي عبود ابي عقل/النهار

15 تشرين الثاني 2014

قبيل خروجه الى التقاعد، أراد ان يؤمن دوراً يمكنه من البقاء في الخدمة العامة وقريباً من الناس. وعند تشكيل الحكومة الأخيرة شكل العقدة الكبرى في الحقيبة التي ستسند اليه، وتأخر اعلان تشكيلتها ساعة حتى رضي بالعدل عوض الداخلية. هو ابن الدولة ورجل المؤسسة، من السلك الامني الى وزارة العدل السيادية، مساران يتكاملان في مسيرة اللواء اشرف ريفي المهنية. هو دائماً محط اتهامات وتحت مجهر مناوئيه، لكنه لا يعير “هذه الغرف السوداء”، كما يصفها، اي اهتمام. في لقائنا معه كان التركيز على ما يهم الناس أكثر: الأمن، وبعدها السياسة التي يحاول ان يتأقلم مع اهلها من خلال موقعه الوزاري.

¶ ما دام هناك وسيط يزور الخاطفين، وبعض الاهالي يزورون ابناءهم، مما يعني ان مكانهم محدد ومعروف، لماذا لا تبادر الدولة الى القيام بعمل ما؟

– من مصلحة الجميع عدم التكلم في هذا الملف بوجود مفاوضات مع فريقين لكل منه تركيبته الخاصة، واتصال غير مباشر معهما عبر وسيط، الى الخطر الذي يهدد العسكريين المخطوفين، وهو ليس نظرياً، اذ استشهد البعض منهم بطريقة جارحة ومؤثرة، علماً ان نسبته تراجعت مبدئياً بوجود هذه المفاوضات، من دون ضمان انه زال كلياً. من ناحية ثانية، كمجلس وزراء وكخلية أزمة، فوّضنا الى الجيش القيام بالاجراء الذي يراه مناسباً لتحرير العسكريين، ولديه الصلاحية بهذا الشأن. وأنا كأمني وعسكري أقول: هم مجموعات صغيرة في اماكن متفرقة وليسوا في مكان واحد، ويلزم الامر حسابات دقيقة وحساسة عسكريا، ولا يمكن القيام بعملية ارتجالية او متسرعة. لا شيء في الامكان القيام به الا نفعله، ونحن حاملون القضية على اكتافنا. صحيح اننا لا نتكلم كثيراً، لكننا نفعل الكثير. وفي قضايا مشابهة يجب ان يكون الكلام أقل ما يمكن على المفاوضات والتواصل والاجراءات وكل ما يحصل في هذا الاطار. وهنا اؤكد ان تحريرهم في أسرع ما يمكن هو أولوية الحكومة، مثلما هو اولوية الاهالي.

¶ هل انتهت المعارك في طرابلس فعلياً؟

– دخلنا في مرحلة جديدة. لا نريد ان نغش الناس، لسنا في وضع طبيعي في لبنان ولا في المنطقة، لكن اذا قارنا ما يحصل في لبنان بما يحصل في المنطقة فنحن بخير ونعمة. هناك قرار اقليمي ودولي، وقرار من القوى اللبنانية الداخلية، لا أحد يريد تفجير البلد بالكامل. عندنا تداعيات طبيعية للوضع السوري ولما يحصل على الحدود مع سوريا، لكنها حوادث متفرقة هنا وهناك نعمل على اطفائها ضمن قدرتنا كلبنانيين، سواء في الجيش او قوى الامن او المؤسسات القضائية كي لا يحصل حريق كبير.

¶ كل يوم نسمع عن توقيفات، أين تضعون كل هؤلاء الناس؟

– لم يعد لدينا أمكنة للتوقيف. في السابق كان لدينا 4 الاف سجين، ولم يكن لدينا مكان. اليوم عندنا 6 آلاف سجين ويجب ليس فقط انارة الضوء الأحمر بل 100 ضوء أحمر واعلان حال الطوارئ للسجون، والاسراع في تنفيذ خطة السجون ومباشرة بناء سجون جديدة. وعلى الدولة تخصيص موازنة استثنائية لهذا البرنامج.

¶ لماذا طالبت بالغاء المحكمة العسكرية؟ هل لأنها تحاكم الاسلاميين؟

– لا أبداً. لم يعد في الدول التي تحترم نفسها وجود لمحاكم استثنائية، لا محكمة عسكرية ولا مجلس عدلي. واذا بقيت في بعض الدول فلمحاكمة العسكريين فقط، وألغي المجلس العدلي أيضاً لانه لا يحاكم على درجات، اي ليس للمحكوم الحق في الاستئناف ولا في التمييز، ولم يعد يوجد اي دولة تقبل بالمحاكمة على درجة واحدة فقط . طلبت اعادة النظر في قانون المحكمة العسكرية والغاءها او حصر صلاحيتها بالعسكريين فقط، مثل مشروع النائب كيروز، وأنا مع الغاء المجلس العدلي لكي لا تجرى المحاكمات على درجة واحدة فقط.

¶ مع أن هناك العديد من القضايا طلب فريقكم احالتها على المجلس العدلي.

– ليس لدينا الخيار حالياً في القانون الا الذهاب الى المحكمة العسكرية او الى المجلس العدلي، وفي رأيي ان المحكمة العسكرية اسوأ من المجلس العدلي، وهو أرحم لأن فيه قضاة يحاكمون، وشائبته ان المحاكمات فيه على درجة واحدة، بينما المحكمة العسكرية المتضرر لا يمثل أمامها، وينتظر صدور حكمها العسكري ثم يذهب الى محاكم أخرى للمطالبة بحقوقه المدنية، كما ان نظامها وتركيبتها خطأ، وهي الوحيدة التي لا تعلل أحكامها. وفي النهاية القضاة يحاكمون ولا الضباط، انا افتخر ويشرفني انني كنت ضابطاً، ولكن لا يحل ضابط مكان قاض ويصبح رئيس محكمة.

¶ تطالب بالتعجيل في محاكمات للاسلاميين، لماذا هم فقط، والمعلوم ان معظم السجناء مثلهم ولم تصدر احكامهم بعد؟

– لم اطالب بالتعجيل في المحاكمات الاسلاميين فقط، بل كل المحاكمات. عند التسليم والتسلّم قلت ان لدي اولويتين:

1- التعجيل في المحاكمات وكل القضايا، اذ لا يجوز ان تبقى قضية مدنية او جزائية عالقة لسنوات في المحاكم.

2- السجون، ولدينا خطة خمسية من اجلها، وضرورة ارجاعها الى وزارة العدل.

عندما بدأنا التعجيل في المحاكمات جاءنا دفق النزوح السوري ، الذي يشمل مليوناً و500 الف لاجىء، وزادت ملفاتنا القضائية 35% في بعض المحاكم ، اي زاد حجم العمل 35% من دون ان يتزامن ذلك مع تطوير قدراتنا البشرية والتجهيزية بالقدر نفسه.

¶ هل انت راض عن عمل القضاء وسرعته في مواكبة الظروف والقضايا؟

– انا راض عن القضاة، لكنني لست راضياً عن عمل القضاء. ولا انا ولا هم راضون عن النظام القضائي. هناك نقص في القضاة الذين يمثلون اليوم ثلث العدد المطلوب، يجب ان يكونوا 770 وعندنا 500 ، اضافة الى نقص اكثر من 50% من المساعدين القضائيين. كذلك لا مباني ولا قصور عدل ولا نظافة او صيانة، هناك مداورة للقضاة في قاعات المحاكم في بعبدا، بينما المفروض ان يكون هناك قاعة لكل هيئة. أمن قصور العدل غير مؤمن، عندنا نواطير وحراسة ولكن ليس عندنا تجهيزات للامن. كذلك يجب اعادة النظر في الهيكلية التنظيمية للوزارة. التفتيش القضائي يقوم بعمله في شأن القضاة، لكن بصمت وبدون تشهير. هناك ورشة تنقية ذاتية في مجلس القضاء الاعلى لتطوير المعارف والقدرات والمعلومات من ناحية، وتنقية الذات وتعجيل المحاكمات من ناحية أخرى.

¶ ماذا بعد اعلان العماد عون توقف الحوار مع “تيار المستقبل”؟

– لست في دائرة هذا الحوار وما يجري فيه. لكنني شخصيا لم اكن ضد حصول انفتاح، لكن ليس على رئاسة الجمهورية، لأن مجتمعنا لا يمكنه ان يقبل العماد عون رئيساً للجمهورية، عنده جرح كبير منه لأنه يتطاول على الرئيس رفيق الحريري وهو شهيد، ويفاخر بأنه اسقط من الرابية حكومة سعد الحريري، هذه سابقة في السياسة اللبنانية لا احترام فيها للعبة السياسية ولا للشراكة اللبنانية. كذلك أحدث جرحاً كبيراً عند جماعتنا عندما قال لسعد الحريري قطعنا لك تذكرة “وان واي تيكت”. ليس بهذه البساطة يمكن ان ينسى الناس. لذلك عندما حصل الانفتاح على ميشال عون، كنت ارى انه لا يمكن ان يتعدى سقفاً معيناً. ثم نحن لدينا حليف مسيحي اساسي هو سمير جعجع، ولا احد يضيع حليفه الاستراتيجي بحليف تكتيكي. كنت أرى دائماً ان عون حليف تكتيكي، وجعجع استراتيجي، فلا نضيعن البوصلة. مع الحليف الاستراتيجي يمكن الوصول الى رئاسة الجمهورية، ومع الحليف التكتيكي يصل التواصل الى حدود معينة. لا جمهورنا كان ليقبل عون رئيس جمهورية ولا بيئتنا.

¶ وهل يقبل الفريق الاخر جعجع رئيساً للجمهورية؟

– في مرحلة تحولية لبناء الدولة نعم سمير جعجع يجب ان يكون رئيس جمهورية.

¶ ماذا تعني بمرحلة تحولية؟

– أي الوصول الى مرحلة تبنى فيها دولة لا تسيطر عليها دويلة.

¶ لست مع رئيس توافقي؟

– ربما في الواقع أحياناً، لا بد من الوصول الى رئيس توافقي. لذلك أقول المرحلة التي فيها تحول نحو دولة سائدة لحالها، بدون وجود دويلة مسلحة ودويلة تتحكم في الدولة، تتطلب شخصاً مثل سمير جعجع.

¶ ما هي المواصفات التي يتمتع بها سمير جعجع وتؤهله ليكون رئيس جمهورية؟

– هو يؤمن مثلي بعدم إمكان تعايش الدولة مع الدويلة. لا يمكن الدولة ان تقلع في شكل سليم بوجود دويلة عندها جيش جرار يتجول بسلاحه وملابسه العسكرية ولا احد يتعاطى معه، في الوقت الذي نوقف شخصاُ يحمل بندقية. هذا لا يصنع أمنا ولا شعوراً وطنياً.

¶هذا ما يجمعكم بسمير جعجع؟

– نعم، تجمعنا رؤيتنا الموحدة ان الدولة اللبنانية لا تقلع الا بالعودة الى الدولة وحدها فقط لا غير، دون وجود دويلة داخلها عندها امتيازات تختلف عن امتيازات الاخرين.

¶ هل سقطت نهائيا ورقة وصول عون الى رئاسة الجمهورية؟

– لم يكن له حظوظ مرة. وحتى لو كان لـ”حزب الله” القدرة على ايصاله، لما اوصله. لم أر مرة ميشال عون مرشحاً جدياً يحتمل وصوله الى رئاسة الجمهورية. وفي ما خصني لم اكن مرة مع هذا الاحتمال.

¶ المسيحيون والدروز يتطوعون بأمرة “حزب الله” لحماية مناطقهم، وخصوصاً في البقاع. ما رأيكم؟

– هذا الأمر مخيف، وهو خطأ استراتيجي وأسرع طريق للمشاكل الداخلية وللحرب الاهلية. لا خلاص لنا الا بالرهان على الدولة اللبنانية، ووجود دويلة الى جانب الدولة خطأ استراتيجي ليس مقبولاً، ولا يحق لأحد حمل السلاح، كائناً من كان، الا الدولة اللبنانية فقط.

¶ في غياب الدولة عن مناطقهم هم مضطرون الى الدفاع عن انفسهم.

– هذه وجهة نظر قاصرة، لأن وجود السلاح بين ايدي الناس هو مدعاة ليشتبكوا ببعضهم، ولا ليدافعوا عن الارض. الجيش اللبناني كاف وقادر على الدفاع عن الارض اذا كنا موحدين وراءه. لذلك اقول على “حزب الله” ان ينسحب بأسرع ما يمكن من سوريا، التي كان دخوله اليها خطأ استراتيجياً بالاساس، وأن يعتذر الى الشعبين السوري واللبناني، ولننشر الجيش اللبناني على كل حدودنا، واذا اضطرنا الامر الاستعانة بالقرار 1701 وجلب اليونيفيل كمواطنين دوليين لمصلحتنا، نحن قادرون على الدفاع عن انفسنا بوجه “داعش” و”النصرة” ولا نخاف احداً. لنكون موحدين يجب ازالة نقاط الخلاف، نحن حكما مختلفين ولا نتحد على وجود “حزب الله” في سوريا أبداً. هذه ليست حرباً استباقية، ولا دفاعاً عن مزارات، بل مؤازرة نظام نعتبره جائراً بحق لبنان والسوريين. لم يخرج احد خارج اراضيه الا دفع الثمن وكانت آخرته ونهايته، وقد ارتكب “حزب الله” الخطيئة الكبرى بخروجه الى اللعبة العسكرية السورية.