اوكتافيا نصر/ يجب فصل الدين عن الدولة

273

 يجب فصل الدين عن الدولة
اوكتافيا نصر/النهار/4 تشرين الثاني 2014

كشف تنظيم “داعش” أن هناك بركاناً من الغضب والكراهية والهلاك يغلي تحت السطح في عدد كبير من البلدان في مختلف القارات. لقد بات الإسلام المتشدّد واقعاً لا بد لنا جميعاً من الإقرار به، على رغم أن كثراً لا يزالون ينكرون تهديده المتعاظم، في حين ينأى آخرون بأنفسهم عن المذنبين مدّعين أن لا علاقة لهم بالإسلام. فيما نشاهد السلطات في أميركا الشمالية وأوروبا تعزّز إجراءاتها الأمنية خوفاً من الهجمات، ندرك أن هذا العدو لا يحتاج إلى شن هجمات كي يزرع الخوف بل يكفي أن يصمد ويستمر. حتى لو كان نائماً، فان تهديده حقيقي.

الحقيقة ساطعة مثل نور الشمس، ولا نزال نرفض الإقرار بان ثمة مشكلة جوهرية في كل الأنظمة. والنتيجة هي “استاتيكو” معمّم على العالم بأسره حيث تُخنَق الأصوات المعتدلة أو تكون موضع تجاهل، في حين تتنعّم أصوات التطرّف بالحريات التي تمنحها إياها الأنظمة الليبرالية والمنفتحة وكذلك الأنظمة الاستبدادية حيث رأت النور في الأصل. في العالم العربي، تتمسّك الأنظمة الديكتاتورية الفوضوية بالسلطة أياً كان الثمن على رغم الاستياء الواضح الذي يُبديه عدد كبير من المواطنين ومن الأصوات المرتفعة التي تطالب بإصلاح الأنظمة والبنى التحتية. ويُعتبَر انتقاد الأصولية الإسلامية انتقاداً للدين الإسلامي برمته، لذلك يُعامَل على أنه خط أحمر لا يجوز لأحد تخطّيه. والنتيجة هي صمت قاتل بالمعنى الحرفي للعبارة في حين أنه يجب رفع الصوت عالياً احتجاجاً على ما يجري.

الحرية المحدودة الممنوحة لنا خارج دولنا وأوطاننا مهدّدة الآن بالاختفاء. ففيما نطالب بمزيد من الحريات والاستقلال عن الأنظمة المكبِّلة، يستخدم آخرون الحريات القائمة لنشر رسائل الكراهية وتجنيد مزيد من الشباب المضلّلين وتوريطهم في حمام دماء عبثي.

ينبغي ألا يستخدم هذا الواقع المنافي للمنطق ذريعةً للاستخفاف بالتهديد الذي تشكّله المجموعات الإرهابية لنا جميعاً. كما ينبغي ألا يُلجأ إلى الحجّة التي تدّعي أنه لا علاقة لهؤلاء الأشخاص بالإسلام كلما عجزنا عن التحدث جهاراً عن الإسلام الأصولي.

إذا نظرنا إلى الدول الإسلامية المزدهرة في العالم، قد نجد أن سرّ نجاحها هو الفصل الواضح بين الدين والدولة. هل يمكنكم أن تتخيّلوا مثلاً بلداً مثل أندونيسيا أو ماليزيا أو الإمارات العربية المتحدة يعامل غير المسلمين على أنهم “كفّار” ويدعوهم إلى اعتناق الدين الإسلامي أو مواجهة الموت؟ فلنقف في وجه كل أشكال الأصولية قبل أن تُفرَض علينا أكثر فأكثر رغم أنوفنا.