أنطوان مراد/بين الرابية والربوة

226

بين الرابية والربوة
أنطوان مراد – رئيس تحرير إذاعة “لبنان الحر
31 تشرين الأول/14

فصل أول

ظاهرة التعميم والمساواة بين الذئب والحمل، بين المدمّر والمعمّر، بين المعطّل والمسهّل، سواء بالنسبة للإستحقاق الرئاسي أو غيره من القضايا التي يعانيها اللبنانيون، باتت ظاهرة متفاقمة ومرضيّة، وتهدف إلى الكلام لمجرد الكلام، والعراضة لمجرد العراضة، وإلى الإدعاء بأن أصحابها هم الأطهار ، وبأن سواهم يمنة ويسرة وبالجملة هم الأشرار

لا يا سادة ، كائناً من كنتم وأياً كان موقعكم الموٌقّر،

هناك أبيض وأسود

هناك حقيقة ووهم

هناك حقّ وباطل

وهناك صادقون ولو كذبوا، وكاذبون ولو صدقوا .

فصل ثان

وصلتنا دعوة إلى مؤتمر العائلة وتحديات العصر في الشرق الأوسط. والدعوة من غبطة البطريرك غريغوريوس الثالث لحام وسيادة المطران أنطوان نبيل عنداري ، والموعد يوم الجمعة المقبل في المركز العالمي لحوار الحضارات في الربوة .

صحيح أن المؤتمر يشارك في افتتاحه رؤساء الكنائس والطوائف الإسلامية، ويتحدث في افتتاحه دولة الرئيس تمام سلام ، ويضم بعض المتكلّمين الوسطيين ، لكن الصحيح أيضاً أن هذا المؤتمر يقدم منبراً كاملاً وشاملاً للفريق المسيحي في 8 آذار ، بينما يغيّب تغييباً كاملا وشاملاً الفريق المسيحي في 14 آذار ، ما يطرح تساؤلات حول الخلفيات الكامنة وراء هذه

الصبغة الفئوية ، التي يراد منها التعتيم على وجود فريق مسيحي يمثل نصف المسيحيين على الأقل في لبنان .

ففي الإفتتاح ، يتكلّم الوزير السابق نقولا الصحناوي من مسيحيي 8 آذار، علماً أن صفة السابق ألغيت في الدعوة، وتم تبرير كلمته بأنه سيتحدث باسم الجمعية اللبنانية لتطوير الحوار، علما أن ثمة جمعيات بالعشرات على شاكلتها.

كما يتكلم في الإفتتاح وزير الثقافة روني عريجي من مسيحيي 8 آذار ، فضلاً عن وزير الخارجية جبران باسيل من مسيحيي 8 آذار، مع الإشارة إلى أن لا حجة مقنعة لمشاركتهم في مؤتمر حول العائلة ، كما أن لا حجة مقنعة لعدم دعوة سواهم .

أما في الجلسات فلفتت أيضاً دعوة نائبين من الفريق المسيحي في 8 آذار هما الدكتور فريد الخازن والنائب غسان مخيبر .

وحتى في موضوع ثورة التكنولوجيا وانعكاساتها على العائلة ، تم اختيار أحد المحسوبين على 8 آذار .

أي أن الحضور في مؤتمر الربوة هو بنتيجة 6 مقابل 0 . ستة متكلمين من مسيحيي 8 آذار ولا وجود لمسيحيي 14 آذار . ومهما كانت التبريرات فهي لن تنجح في إقناعنا بأن الأمر مجرد صدفة أو أن هؤلاء المتكلمين “الله خلقهن وكسر القالب” !

إنها فضيحة مخزية لمن ركّب هذه التركيبة ، والسؤال : كيف لم ينتبه إليها صاحبا الغبطة والسيادة!

أهكذا نبني العائلة في مواجهة تحديات العصر ، وهل يكون البناء بتشتيت العائلة الكبرى وتفريقها والتمييز بين الأخ والأخ ؟!

وهل أصبح مؤتمر الربوة نسخة عن لقاء بيت عنيا الذي يجمع تشكيلة من الوجوه المرتبطة بالنظام السوري وجماعته إلى بعض أصحاب السحنات الكالحة المنسيّة أو الرموز الحاقدة والباحثة عن أدوار ، ليتشّدقوا باسم المسيحيين ، والمسيحية منهم براء ؟!  والسلام .