فاطمة حوحو/الطرابلسيون صوتاً واحداً: الدولة لا الإمارة

327

الطرابلسيون صوتاً واحداً: الدولة لا الإمارة
فاطمة حوحو/المستقبل/29 تشرين الأول/14

جاءت رسالة الرئيس سعد الحريري التي وجّهها امس الى اللبنانيين في مكانها، لاسيما بالنسبة الى اهالي طرابلس، الذين اعتبروها ترجمة لمواقف تيار «المستقبل» في رفض التطرف ودعم مؤسسة الجيش وعدم السير في مشاريع مشبوهة تخدم الخارج ولا تخرج لبنان من ازمته، بل تزيد التعقيدات الموجودة، عبر استثارة المشاعر المذهبية ردا على انتهاكات «حزب الله» للدولة وجرّ الشباب نحو خيارات انتحارية تشبه خيارات حزب ولاية الفقيه وتلاقيه في مشروعه لتدمير الدولة لصالح الدويلة وفي ضرب المؤسسات ومظاهر الحياة العادية المعبر عنها في العيش الواحد والتنوع واسلوب الحياة الحضاري والديموقراطي، ورفض تحويل السنة الى عصابات مأجورة وهو مخطط له ومن صنع اجهزة استخبارية تريد ادخال لبنان في فتن وتسعى الى إيجاد احزاب متطرفة على مثال «حزب الله» في الطوائف الاخرى سعيا الى تدمير فكرة لبنان وضرب مظاهر التعددية والاختلاف الذي ميز لبنان في محيطه.

الطرابلسيون اليوم، بعدما حسم الجيش اللبناني المعركة لمصلحة القوى الشرعية وبسط سلطة الدولة وإطاحة الإمارات ودولة الخلافة ولعبة الغاء الحدود على طريقة ما جرى في العراق وسوريا، مرتاحون ويتطلعون بعين التفاؤل الى المستقبل محتضنين الجيش ومتعاونين معه من اجل استقرار الوضع الامني وأعينهم على ما بعد ولاسيما بالنسبة الى تنفيذ الخطط الانمائية التي وُعدوا بها وما زالوا ينتظرون تنفيذها وهي اليوم زادت بعد تدمير الاسواق الداخلية التراثية وبعد ان تحول حي التبانة الى منطقة مهجورة بحكم الاضرار التي اصابتها.

ترى مديرة احدى المدارس الرسمية في المدينة رشا حروق وهي ابنة حي التبانة ومقيمة في حي الزاهرية أن «الرسالة التي وجهها الرئيس سعد الحريري اليوم يمكن اعتبارها خطة عمل لتخليص لبنان من الوضع المأسوي الذي جرنا اليه حزب الله وحليفه السوري»، متمنية على» كل من يحب لبنان ويعتبره وطنا نهائيا للجميع مد اليد لهذه المبادرة المنطقية الوطنية»، وقالت ان «الشمال يريد أن يبقى في حضن الدولة اللبنانية ومنها ولا يرغب ابناؤه في الإنضمام الى دولة الخلافة المفترضة».

وتعتبر ان «ما حصل في المدينة مؤلم لكنه ضروري، إذ اضطر الجيش للتدمير بسبب ضيق الطرق في منطقة التبانة مما لا يسمح بدخول الآليات، فكانت قواته مضطرة لاقتحام المحالّ الأرضية تحت البنايات للعبور إلى أماكن المسلحين، فالخلايا الإرهابية كانت منتشرة في بعض الأماكن في التبانة والجيش اضطر الى تنفيذ عملية اقتحام حتى يصل اليهم». وتعبر حروق عن صدمتها من حجم الدمار الذي حصل وتصف حال العائلة في قلب المعركة «عشنا حالة حرب بكل معنى الكلمة كل أنواع الأسلحة استخدمت فيها، وخفنا من أن يقتحم المسلحون بيوتنا لأخذنا كدروع بشرية كما حصل في التبانة وكذلك اثناء المعركة مع «فتح الاسلام» سابقاً، كنا مطمئنين لوجود الجيش وقدراته وكنا نتمنى أن يحسم الوضع سريعاً». وعن وجود عناصر «داعش» في التبانة تقول: «كانوا موجودين وتم القبض على عدد لا بأس به منهم ولكن الرأس الأكبر شادي المولوي ورفاقه هربوا عندما فتح الجيش ممراً آمناً لاجلاء السكان».

وتنفي ما تردد عن أن «الجيش قام بتسوية وقالت: «لو كان الجيش يرغب في التسوية لما قبض على أحمد سليم الميقاتي خلال اقتحام خلية عاصون، وهو من أكبر رؤوس الارهاب». وتتخوف رشا من «عدم انتهاء المعركة»، معربة عن اعتقادها أن «طرابلس لن تنعم بالهدوء طويلا وقد يكون هناك جولات»، مشيرة الى ان الناس «مستاؤون من أداء بعض الأمنيين في المدينة». وتؤكد ان «إهمال الدولة الدائم لطرابلس وعدم الاهتمام بالمناطق الشعبية يجعلها عرضة للحركات الخارجة عن القانون، الوضع مأسوي في التبانة بسبب الفقر المدقع فكيف الآن؟ وقد تهدمت أكثرية المنازل فيها، حيث تهجر أهلها إلى المدارس وتعمل الجمعيات الأهلية لتأمين حاجاتهم و«تيار المستقبل» سبّاق في ذلك، فهو لا يوفر لا الجهد ولا المال في سبيل تأمين ما يلزم للناس».

وتقول ملوك محرز ان «ما لفتها في رسالة الرئيس الحريري تشديده على مبدأ بناء الدولة»، وتقول: «خطابه خطاب مسؤول من رجل مسؤول همه الوطن»، وترى ان «تشديده اليوم على ضرورة الالتفاف حول المؤسسة العسكرية ودعم الجيش يدحض كل الشائعات التي طالت تيار المستقبل بكل رموزه».

وتقول: «في كل مناسبة يذكر الحريري ان الدولة بلا رأس هي دولة بلا هيبة وبلا كيان، علّ صوته يُسمع وعلى اصحاب العقول ان يستفيقوا لنعيد لهذه الدولة كيانها بلغة المنطق والعقل وبعيدا من التعنت والمكابرة».

وتؤكد «اهل طرابلس ملتفون حول الجيش في معركته ضد الارهابيين، وقد اثبت أهل المدينة ان لا أرضية ولا بيئة حاضنة للارهاب ولـ«داعش» كانت هناك محاولة مقصودة لتصوير طرابلس انها خاضنة للتطرف، لكن طرابلس غير ذلك، فهي مدينة تجسد صورة عن لبنان الحقيقي، فالأحياء القديمة التي دمرت في المدينة تحكي قصة العيش المشترك الصحيح، طرابلس فيها جوامع وكنائس قرب بعضها، وأولادها هم أولاد المؤسسة العسكرية». وتضيف: «من يتهم طرابلس بالتطرف من المفترض ان يكون خطابه معتدلاً وأقل تطرفاً، فخطاب التطرف الذي ينشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي من قبل «حزب الله» وغيره لا يقل خطورة عن انتشار «داعش». وتمنت أن تكون هذه الجولة آخر جولات القتال في المدينة، نريد أمنا متوازنا فممنوع الكيل بمكيالين كما لا نريد الا ان نكون تحت حماية الجيش اللبناني ولا نريد سلاحاً بيد غيره، فليطبق مبدأ لبنان منزوع السلاح»، وتسأل: «أين ضاع شادي وابن منصور وحبلص؟ الأمن السائب يولد الخراب، يجب القبض عليهم». وإذ تشدد على أهمية الأمن الاجتماعي في طرابلس ومحاربة الفقر والفوضى وإنعاش الاقتصاد والحاجة الى إعلام موضوعي ينصفها وليس الى اعلام يحرض عليها، تشير الى ان «وضع أهل التبانة محزن. هناك عائلات منكوبة فعلاً وهم عائلات الأسواق التجارية التي تدمرت، لقد شعرنا ان هناك مؤامرة لتدمير هذه المدينة بكل مكوناتها، ولكن ما من احد قادر على تدمير ارادة اهلها الذين سيبقون حراسا لها مهما كثرت المشكلات والضغوط».

ويقول التاجر نبيل الحلبي الذي تضرر محله التجاري في الأسواق وأصبح «على الأرض يا حكم»: «ان رسالة الحريري ليست مزايدة على احد وهو واضح في دعم الجيش وقيام الدولة وإبقاء طرابلس مدينة العيش المشترك ورفض العبث بأمن الوطن من اي جهة جاء وحماية الطائفة السنية من الخيارات المتهورة لمصلحة الاعتدال والسلم الاهلي ورفض القتال المذهبي والعبث بالدولة وأمنها». واذ يعتبر ان «ما حصل في طرابلس أمر مؤسف وله علاقة مباشرة بما يحصل في سوريا والمنطقة»، يؤكد أن «المعركة انتهت»، لكنه يتخوف «من ولادة حالات أخرى وبأوجه أخرى، علماً ان طرابلس بغالبية شعبها وأهلها الطيبين مع الدولة ومؤسساتها وملاذهم الأول والأخير هو الجيش اللبناني والقوى الأمنية».

ويقول ان «طرابلس لا تستأهل كل هذا الدمار، فالمطلوب تعزيز الأمن في المدينة ومساعدة القوى الأمنية بكل الوسائل على تعزيز وجودها وتسهيل عملها بما يخدم مصالح الناس ويتوافق مع رغباتهم وهم الذين نادوا ولا يزالون بضرورة بسط سلطة الدولة على كامل المدينة، كما لا بد من إنماء متوازن والإسراع في دفع التعويضات للمتضررين والمتوقفة منذ الجولات السابقة للمعارك وايجاد فرص عمل للشباب حتى لا يصبحوا لقمة سائغة للمتطرفين الارهابيين». ويؤكد: «الناس يريدون فرض الأمن والإعمار، يريدون الحياة، الأضرار كبيرة جداً في مناطق الاشتباكات في التبانة والأسواق الداخلية البيوت محروقة والمحال التجارية والأهالي في أزمة فمعظمهم يعمل من أجل القوت اليومي وليس لديهم مدخرات يعتمدون عليها».