سابين عويس/طرابلس رهينة المواجهة المفتوحة ولا تراجع للجيش لبنان في عين العاصفة: لا حرب ولكن لا استقرار دائماً

390

طرابلس رهينة المواجهة المفتوحة ولا تراجع للجيش لبنان في عين العاصفة: لا حرب ولكن لا استقرار دائماً

سابين عويس/النهار

27 تشرين الأول 2014

أعادت أحداث طرابلس الأخيرة المخاوف مجدداً إلى الواجهة من استمرار مخطط الاستهداف الذي تخضع له المدينة ومنطقة الشمال عموماً، وذلك بعد فترة من الهدوء الهش الذي لم يقنع أياً من القوى السياسية فيها بديمومته. لا ترى مراجع سياسية بارزة في المواجهات في طرابلس مجرد رد فعل على عملية عاصون، بل تذهب الى القول بأن ما حصل لم يكن عفوياً أو إنفعالياً إطلاقاً، بل يدخل في إطار الإستهداف المبرمج للمجموعات الإرهابية الساعية وراء خطف البلاد وليس طرابلس فقط. وما تشهده المدينة هو الثمن الذي يدفعه أبناؤها لقاء فشل المشروع حتى اليوم. وأكثر ما يقلق هذه المراجع هو وجود الكثير من الخلايا النائمة والأجهزة المستعدة للتحرك عندما تُعطى الإشارة لذلك، والهدف إنهاك الجيش عبر فتح أكثر من جبهة لإلهائه وإستنفاد قواه، تارة عبر خطف عناصر منه وطورا عبر إستهداف حواجزه وآلياته بهدف تكبيده أكبر حجم ممكن من الخسائر التي تدفع نحو حالات تململ او إنشقاق. لكن الواقع والثابت أمران: أن لا تراجع للجيش عن مهمته أياً تكن الكلفة، وأن حالات الانشقاق الفردية الضئيلة يقابلها إندفاع غير مسبوق نحو التطوع والخدمة.

لكن المشكلة الحقيقية التي تقض المراجع السياسية تتمثل في أن المجموعات الإرهابية تأخذ من المواطنين رهائن لها، فتتحصن في المناطق الآهلة بسكان لا يريدونهم، ويرفضون أن يشكلوا بيئة حاضنة لهم.

وهذا ما يدفع “تيار المستقبل” الذي يشكل الشمال وطرابلس تحديداً القاعدة الشعبية الأكبر له، إلى تأكيد موقفه مرارا وتكراراً: الجيش خط أحمر والتيار يقف وراءه في معركة بسط سلطة الدولة ومنع التمدد الإرهابي إلى الداخل اللبناني ولا سيما من البوابة الشمالية.

وتعي أوساط “مستقبلية” بارزة أن ما شهدته طرابلس أخيراً سيكون من الصعب إحتواؤه في وقت قريب، مبدية قلقها من الاستهدافات المتكررة للجيش التي تحصد شهداء وتحمل المؤسسة العسكرية كلفة باهظة، فيما تحصن المجموعات الإرهابية بالمناطق الآهلة يقيّد حركة الجيش ويحد من قدرته على التقدم، فيما تتعرض عناصره للإستنزاف. وتشير الاوساط الى ان الاتصالات الجارية حاليا تهدف إلى تأمين مسالك آمنة للمواطنين لإخراجهم من نقاط الاشتباكات بما يتيح للجيش هامش حركة يسمح له بإحراز التقدم والسيطرة على المناطق الساخنة.

وفيما تبدو الصورة قاتمة إزاء ما تشهده طرابلس، يؤكد مرجع حكومي سابق أن لبنان لن يرتاح داخلياً ما دام الغليان مستمراً على مستوى المنطقة. ويضيف أن لبنان سيظل محكوماً بشروط اللعبة الإقليمية والدولية. وإذ يطمئن وفقاً لما تجمّع لديه من معطيات وقراءات للتطورات في المنطقة والمواقف الدولية إزاء الوضع اللبناني، الى أن لا مؤشرات لإمكان إندلاع حرب في لبنان، فالحرب ممنوعة حتى بلورة المشهد الإقليمي، فان هذا لا يلغي في رأيه، الفسحة المتاحة أمام الاضطرابات والسجالات السياسية وتعثر عمل المؤسسات، وإن كانت عملياً مشروطة بأن تبقى تحت سقف الاستقرار، وإن في حدوده الدنيا. وهذا الواقع سينسحب في نظره، على كل الأداء السياسي في المرحلة المقبلة ولا سيما حيال الإستحقاقات الداهمة.

وإذا كانت أحداث طرابلس قد سرقت الأضواء المسلطة على مسلسل التمديد للمجلس النيابي الذي بلغ حلقاته الأخيرة، فإن تلك الأحداث ستعطي، ويا للأسف، الذريعة الأمنية التي تعزز منطق التمديديين بإستحالة خوض إنتخابات نيابية في ظل الظروف الأمنية الراهنة، لكنها حتماً لن تعزز منطق الداعين إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية يعيد الى الدولة ومؤسساتها رأسها المقطوع منذ أربعة أشهر!