داود البصري/ميليشيات العراق الطائفية وتبييض الجرائم

324

ميليشيات العراق الطائفية وتبييض الجرائم
داود البصري/السياسة
19 تشرين الأول/14

بعد أن أدانت المنظمات الدولية, ذات الصلة بحقوق الإنسان, الميليشيات والعصابات الطائفية العراقية, ذات المرجعية الإيرانية بممارستها لجرائم شنيعة ضد الجنس البشري, والمكون السني في العراق في جرائم الاغتيال والخطف والتفجير للمساجد ودور العبادة كما حصل في ديالى والفلوجة والرمادي وبغداد والبصرة, عمدت تلكم الميليشيات وعلى رأسها عصابة “عصائب أهل الحق” التي يقودها الشيخ قيس الخزعلي, وهي في حقيقتها النواة التكوينية الأولى لمؤسسة الحرس الثوري العراقي, التي يريد النظام الإيراني فرضها في العراق لحماية أتباعه الطائفيين , وبناء النموذج الميليشياوي العسكري الذي يمكنه من استنساخ التجربة السلطوية الإيرانية في العراق. وهي تجربة يعتقد الإيرانيون بأن العراق اليوم بات مهيأ لها بعد بناء القواعد والمؤسسات الطائفية وتبلور المشروع الطائفي العراقي المستند لأموال وغنائم السلطة, فالمالكي حينما كان يتحدث علنا عن بقائه في السلطة, وبعدم قدرة الخصوم على أخذها منه لم يكن يمزح أبدا, بل كان يعبر بصوت عال عن طبيعة الأجندة الطائفية المخطط لها بمستوى ستراتيجي في طهران تحديدا!

اليوم وبعد انهيار الجيش الحكومي العراقي وتضعضع عقيدة الدفاع الوطني باتت الأجواء العراقية مفتوحة بالكامل للبديل العسكري الميليشياوي الطائفي ممثلا في عصابة العصائب الإرهابية المنشقة أصلا عن جيش المهدي الصدري, وحيث بدأت عملياتها الإرهابية باختطاف وقتل خبراء بريطانيين في كربلاء أيام وزارة باقر صولاغ للداخلية. وضاعت تلك الجريمة ولم يحاسبهم عليها لا البريطانيون ولا الاميركان. ثم تعزز البناء العسكري لتلك العصابة الطائفية من خلال تدريب عناصرها في المعسكرات الإيرانية لايجاد قوة عسكرية رديفة تكون بديلا عن جيش الحكومة الذي قرر الطائفيون تدميره عبر دمج عصابات الميليشيات فيه, وإعطاء الرتب العسكرية لعناصر جاهلة وفاشلة وممارسة مختلف الأساليب من أجل إفشال عملية بناء جيش وطني عقائدي عراقي, يكون عنوانا للوحدة الوطنية لكون ذلك يصطدم بالمصالح الإيرانية, لذلك كانت سلسلة الهزائم الغريبة في الموصل وصلاح الدين وسحب القائد العام السابق نوري المالكي لفيالق الجيش بعد التخلي عن أسلحتها, كل ذلك ليفتح المجال لنمو وبروز قوة الميليشيات التي مارست عمليات قتل ميدانية تحت القيادة الإيرانية في مناطق الثورة السورية لدعم النظام السوري ضد ثورة الشعب السوري. لقد هاجت عصابة العصائب ورفعت الدعاوى القضائية ضد النائب العراقي ظافر العاني لكونه أشار بوضوح لمسؤوليتهم عن مجزرة مسجد مصعب بن عمير في ديالى قبل شهور قليلة. وهي المجزرة الطائفية المروعة التي هرب من قام بها لإيران طلبا للحماية هناك, وهو ما يفضح أسرار التخادمات الطائفية البغيضة في العراق.

أهل العصائب بإرهابهم يلوحون بسيف القانون ضد خصومهم والجميع يعلم نوعية وماهية وطبيعة القضاء العراقي في المرحلة الراهنة!!, ما يخشى منه قادة الميليشيات الإرهابية العراقية هو شمولها بإجراءات الحظر الدولي ضد الجماعات الإرهابية, فرغم انكشاف ملفات جرائم تلكم الجماعات. وخصوصا العصائب ولواء أبو الفضل وكتائب حزب الله في التصفيات الطائفية وفي عمليات الانتقام وقطع الرؤوس والتمثيل بالجثث, إلا أن قرارا دوليا لم يصدر حتى اللحظة بتجريمها ومتابعة قياداتها وعناصرها أسوة بداعش والنصرة وغيرها. رغم أنهم لايختلفون عن أولئك إلا بدرجة التغاضي الغربي والدولي عنهم, وهو أمر لن يستمر طويلا في ظل الانكشاف المستمر لجرائم تلكم الجماعات, وهو ما يخشاه أشد الخشية ويتحسب له النظام الإيراني الراعي لتلكم الجماعات بجدية. بكل تأكيد فإن سكوت المجتمع الدولي عن تلك الجرائم في ظل التقارير الموثقة التي تصدرها منظمة العفو الدولية “امنستي” لن يستمر للأبد لكون الصحف الغربية والاميركية قد فتحت تلك الملفات السوداء وهو ما يعني بأن محاولات ميليشيات القتل والإرهاب الطائفية لتبييض جرائمها مجرد محاولات عبثية, فسيف العدالة سيلاحقها لا محالة, ولكن حتى تلك اللحظة تظل الجرائم مستمرة في عراق يزحف على بطنه نحو التشظي والكارثة.