علي حماده: التأليف السريع ليس مسؤولية الحريري وحده

1540

التأليف السريع ليس مسؤولية الحريري وحده
علي حماده/النهار/12 تشرين الثاني 2016

من حيث المبدأ، يعتبر تأليف الحكومة مسؤولية رئيس الحكومة المكلف بالتشاور مع رئيس الجمهورية. الواقع أن المسؤولية أوسع بكثير، وتتجاوز رئيسي الجمهورية والحكومة معا. فالتركيبة اللبنانية والتوازنات السياسية والطائفية المتقاطعة تسحب المسؤولية على كل الاطراف المعنية والوازنة في المعادلة السياسية اللبنانية. لذا، فإن العقبات (ليست دراماتيكية حتى الآن) التي بدأت تلوح في وجه التأليف السريع هي عقبات بوجه الجميع معا، وليس بوجه عهد الرئيس عون ورئاسة الحريري فحسب.

فالسمة الغالبة في مطلع عهد الرئيس ميشال عون، هي أن لبنان داخل مرحلة تسوية كبيرة انضمت اليها كل الاطراف، حتى تلك التي لم تنتخب عون في المجلس النيابي.

وبما اننا نتحدث عن تسوية كبيرة تسع الجميع، فالحكومة موسعة، ولا يحتمل تأليفها تبادل “فيتوات” من اي نوع كانت، ولا سيما متى تجاوزت منطق التوازنات الدقيقة التي ترعى المعادلة اللبنانية الداخلية. فليس معقولا أن يوضع فيتو بوجه حصول حزب “القوات اللبنانية” على وزارة سيادية. في المقابل، لا يمكن الأخير أن يضع فيتو على انضمام حزب الكتائب الى الحكومة، على قاعدة استبعاد من عارضوا انتخاب عون، لأن الامر لا يستوي مع دخول حركة “أمل” وكتلة “التنمية والتحرير” شريكين في الحكومة، مع انهما كانا رأس حربة في معارضة وصول عون، ومثلهما “تيار المردة” برئاسة النائب سليمان فرنجية. والمنطق عينه ينسحب على ما يحكى عن فيتو وضع على احد مرشحي الرئيس نبيه بري لتولي حقيبة المال.

لقد انطلق عهد جديد على قاعدة تسوية كبيرة تضم كل الاطراف الوازنة. ومن هذا المنطلق، ليس من الحكمة بمكان تبادل “الفيتوات” التي من شأنها اذا ما تراكمت على طريق التأليف أن تؤخر انطلاقة عهد رئاسي جديد، ومعه تتدهور آمال اللبنانيين الذين ينتظرون تغييرا سريعا في حال البلاد المأزومة على أكثر من صعيد. ومن هنا وجوب التبصر أكثر، والتوقف قليلا عند الصورة البشعة التي تعكسها الشهيات المفتوحة من كل حدب وصوب على الحكومة والحقائب!

ليس مطلب اللبنانيين ان تضرب عصا سحرية البلاد، فتزيل الفساد والمحسوبيات والزبائنية واستغلال السلطة، دفعة واحدة بين ليلة وضحاها، ولكن مطلبهم ازاء ما بدأ يتظهر من صورة تهافت على الحقائب الوزارية، ان تتحلى القوى السياسية بشيء من الحياء.

لعل الاسوأ مما تقدم، هو خلو كل تنافس وصراع من اي مضمون (عدا المحاصصة) يتصل برؤية وطنية وإصلاحية من شأنها ان تقول للبنانيين ان من يحكمونهم وضعوا نصب اعينهم حياة اربعة ملايين لبناني ومستقبلهم.

إن انحدار مستوى التنافس والتناتش على الحصص الوزراية كما نرى اليوم، هو رسالة سيئة في بداية عهد جديد، من شأنها ان لم يتدخل رئيس الجمهورية بسرعة، ان تقوض امكان احداث اي صدمة ايجابية لعهده.