فاطمة حوحو/استجداء التنسيق لن ينقذ حزب الله من الغرق في القلمون

315

استجداء التنسيق لن ينقذ «حزب الله» من الغرق.. في القلمون

فاطمة حوحو/المستقبل/08 تشرين الأول/14

منذ معركة عرسال الأخيرة، التي أشعلها الدس الرخيص على هذه البلدة اللبنانية بهدف الإطباق عليها للترويج لانتصارات وهمية تختلقها ذهنية الممانعين لتبرير معارك «حزب الله» في الداخل والتغطية على خطيئته المميتة بالتدخل في القتال دفاعاً عن نظام بشار الجزار، وبهدف إرهاب معارضي هذا التدخل وعدم السماح لأي اعتراض داخل بيئة «حزب الله» نفسها التي تعاني ما تعانيه جراء الخيارات الخاطئة، لا بل السياسات الانتحارية التي جلبت الإرهاب إلى الساحة اللبنانية وجرّت لبنان إلى توترات أمنية كان بالإمكان تفاديها، لو ترك القرار والخيار فقط للدولة اللبنانية ولقواها الشرعية، لا لقرار حزب الدويلة ولا لسلاحها المجند في الخدمة العسكرية الإيرانية.

كل التطورات التي حدثت خلال الأيام القليلة الماضية توحي بأن «حزب الله» لا يريد تهدئة اللعب بأمن لبنان واستقراره، ويوماً بعد آخر يتم التأكد أنه يجند مقاتليه وإعلامه في خطة جهنمية ترمي إلى تعويم النظام السوري دولياً، عبر محاولة فتح الطريق له من لبنان ولو على حساب اللبنانيين وعلى حساب السيادة والدولة المستقلة، بعد أن تم تجاهله في التحالف الدولي لمحاربة «داعش» ووضع خارج الخارطة، وبرز ذلك من خلال تصريحات سفير النظام في لبنان علي عبدالكريم علي واستجدائه التنسيق لا بل «التكامل بين الجيشين السوري واللبناني» بحجّة ضرب الإرهاب «والتنسيق مع سوريا استخبارياً وأمنياً حتى لا ينفذ الإرهاب إلى لبنان»، وهذا تأكيد جديد على أن مصدّر الإرهابيين إلى لبنان هو النظام السوري نفسه الذي لم يقتنع بعد أن زمن الوصاية ولّى وأن المعاهدات التي وقّعت بين البلدين في ظل العلاقة غير المتكافئة في زمن «السلبطة» السورية على النظام اللبناني لم تعد قائمة وعلى المطالبين بتنفيذها أن «ينقعوها ويشربوا مياهها».

وبالأمس أيضاً انبرى نائب حزب «البعث» عاصم قانصوه ليلاقي «حزب الله» في مخططه وليهوّل بوجود ما بين 10 آلاف و12 ألف إرهابي في المناطق الجردية المتاخمة للقرى اللبنانية في يونين ونحلة وبعلبك وبريتال وحام ومعربون، بحسب قوله، يستعدون لمعارك متلاحقة ضمن مخطط بالتنسيق مع إسرائيل لربط عرسال بالزبداني والجولان، داعياً، بناء على ما يقوله أيضاً، إلى «التنسيق بين الجيشين لأن سوريا قادرة على مساعدتنا بالطيران وتوفير المعلومات للتصدي للإرهابيين».

والملاحظ أن ذلك كله يجري على وقع الخسائر التي يُمنى بها «حزب الله» في القلمون، إذ خسر نقاطاً ومراكز عدة ومقاتلوه يسقطون بالعشرات يومياً ولا من يسأل عنهم.

ويبقى أن ليس أمام لبنان إلا التحصّن بالشرعية الدولية عبر تنفيذ القرار 1701 لحماية حدوده، ولعلّ أوان انسحاب «حزب الله» من سوريا قد حان إذا كان من بقية لانتماء لبنان داخل نفوس من ادعوا «المقاومة» يوماً دفاعاً عن أرض لبنان من العدو الإسرائيلي، في وقت باتوا هم مثل هذا العدو بالنسبة إلى السوريين الذين يقاتلونه على أرضهم المحتلة. في خضم هذه التطورات يرى عضو كتلة «المستقبل» النائب أمين وهبي أن «الأمور بعد فتح معركة القلمون لها مخاطر كبيرة على لبنان»، ويضيف: «عندما حذّرنا من التدخّل في الحريق السوري لم نكن نحذّر انطلاقاً من محاولة استثمار سياسي أو مزايدات أو مجرد «تهبيط حيطان» على الرأي العام أو كسب سياسي، بل كنا نحذّر من ذلك انطلاقاً من أن الغرق في الوحول السورية سوف يُغرق لبنان، وانطلاقاً من قناعة صادقة، بأن ما يحدث في سوريا هو أكبر من أن يوقفه اللبنانيون، وكنا نعلن أننا منحازون إلى جانب الشعب السوري ولكن كانت لدينا الثقة بأن هذا الشعب يستطيع وحده دون غيره ان ينجز مهمة إصلاح سوريا وتعميم الديموقراطية والتغيير فيها».

ويتابع «انطلاقاً من ذلك نقول، ان حماية لبنان بعد ان تطورت الامور بالمنحى الذي حصل، هي بالخروج من الوحول السورية، وخروج حزب الله من سوريا لأنه الفئة الوحيدة التي ربما من الصعب على الدولة اللبنانية ارغامها على ذلك بحكم السلاح الذي تملكه وحجم ارتباطاتها اقليمياً. أما بالنسبة الى المجموعات الاخرى فنحن مع خروجها البارحة قبل اليوم، وعندما يخرج حزب الله تصبح هذه المجموعات مجبرة حُكماً على الخروج والانكفاء. واذا لم تنكفئ، فالدولة طبعاً قادرة على اخراجها بالقوة. هذا ما حدث مع جماعة الشيخ أحمد الأسير وهذا ما حصل مع المجموعات في طرابلس من خلال تنفيذ الخطة الامنية. فالدولة، اذا أعطى حزب الله المثال بخروجه من سوريا وترك للسوريين تدبر امورهم، اعتقد انها تستطيع ان تُخرج بالقوة أو بالإقناع بقية الاطراف. وساعتئذ تكون كل المناطق اللبنانية في عهدة الجيش ويمكن ان يطلب لبنان من مجلس الامن توسيع مهام قوات «اليونيفيل» لنشرها على الحدود مع سوريا شرقاً وشمالاً إلى جانب الجيش اللبناني وفقاً للقرار 1701».

ورداً على الدعاية التي يروجها «حزب الله» عبر إعلامه بأنه يدافع عن كل اللبنانيين من الارهاب، وعليه يجب ان يبقى سلاحه بيده لا بيد الدولة، يجد وهبي ان «كل الاحزاب العقائدية في تجاربها كانت تمتلك إعلاماً تسميه «الإعلام الملتزم» وهذا ينسحب على حزب الله. الاعلام الملتزم مهمته التلميع والتبرير والتبشير بالسياسة المنتهجة على صعيد القيادة السياسية، وبالتالي لا شك في أن إعلام الحزب يقوم بدوره في الحملة السياسية التي تبرر مسلكيته ما دامت قيادته مصرة على نهجها»، مشيراً إلى ان «هذا الاعلام يستطيع ان يقلب الحقائق نتيجة خبرة وقدرة على حبك المطولات السياسية والكلامية، وان يثبت ان الشمس تشرق من الغرب وان الليل هو النهار والنهار هو الليل، وهذا طبعاً لا يغير شيئاً في الحقيقة. لدينا امثلة حية، هناك الاردن وهناك تركيا، بلدان كان للدولة المركزية فيهما قرار، حدث نزوح سوري باتجاههما، ولكن النيران السورية لم تنتقل إلى داخلهما كما حصل في لبنان نتيجة تدخل «حزب الله» في سوريا. والمنطق يقول اذا كنا نريد ان نحمي بلدنا، يجب عدم الذهاب إلى حيث القتال والى حيث الميليشيات والى حيث تنتفي كل المعايير المسؤولة وتعم سياسة القتل والذبح والارهاب. حماية البلد تكون بالانكفاء إلى داخل الحدود والالتفات نحو الدولة اللبنانية ودعم الاجهزة الرسمية اللبنانية تسليحاً وتدريباً وعديداً، وساعتئذ نلتفت إلى أداء مهمة انسانية هي إغاثة النازحين السوريين. إعلام يلمّع صورة حزب الله ليس إعلاماً حراً وله وظيفة تحددها القيادة السياسية وليس الواقع».