السياسة/هكذا تحضر جبهة النصرة الأرضية للسيطرة على مدينة طرابلس

295

هكذا تحضر “جبهة النصرة” الأرضية للسيطرة على مدينة طرابلس
السياسة/28 أيلول/14

عدد المسلحين ارتفع من 30 إلى نحو 300 غالبيتهم يقيمون في أماكن مفخخة داخل التبانة

 منصور وزع على أتباعه 200 عبوة زنة الواحدة منها 40 كيلوغراماً لتنفيذ عمليات تخريبية

القادة الثلاثة يخرجون متنكرين من التبانة والملثمون ينتشرون ليلاً ويفرضون قوانينهم بالقوة نهاراً

“السياسة” خاص: كشفت معلومات خاصة لـ”السياسة” عن أن “جبهة النصرة”, ذراع تنظيم “القاعدة” في سورية, “تهيئ الأرضية” للسيطرة على مدينة طرابلس انطلاقاً من منطقة باب التبانة, حيث باتت “الشريعة تُفرض بالقوة” خلال الأسابيع القليلة الماضية, ما يؤشر على دخول لبنان, من بوابة عاصمة شماله, مرحلة خطيرة حبلى بالمفاجآت والتطورات الأمنية. وبحسب المعلومات المستندة إلى شهادات من أشخاص داخل باب التبانة, فإن المجموعة المسلحة التي سطع نجمها أخيراً, يقودها المتطرفان أسامة منصور وشادي المولوي إلى جانب شخص ثالث يدعى “أبو خليل”, وهو من منطقة المنكوبين وصادر بحقه حكم بالإعدام لتورطه في قضايا جنائية وجرائم عدة. هذه المجموعة التي كثر الحديث عنها في الإعلام اللبناني خلال الأيام القليلة الماضية, باتت تتألف حالياً من نحو 300 مسلح, بحسب معلومات حصلت عليها “السياسة”, بعد أن كان عناصرها قبل أشهر ما بين 30 و40 غالبيتهم من المقاتلين السوريين واللبنانيين الذين لجأوا إلى باب التبانة, بعد معارك القلمون (المنطقة المحاذية للحدود اللبنانية شرقاً قبالة عرسال), وقلعة الحصن في حمص القريبة من الحدود اللبنانية شمالاً. وكان عناصر المجموعة يقيمون في مسجد عبد الله بن مسعود (المعروف أيضاً باسم مسجد الطرطوسي) الواقع داخل الأحياء الضيقة في باب التبانة, وينامون في داخله وإلى جوارهم أسلحتهم, قبل أن يتوسعوا لاحقاً, بعدما عمل منصور والمولوي و”أبو خليل” على استقطاب شبان جدد من المنطقة, فأصبحوا حالياً يقيمون في أماكن متعددة, كلها مفخخة, أهمها المسجد نفسه ومحل تجاري قريب منه وشقة سكنية في المحيط.

وجزم أحد عناصر المجموعة لـ”السياسة” بأن لاعلاقة لها بتنظيم “داعش”, مؤكداً أنها موالية لـ”جبهة النصرة” ومرتبطة بها بشكل وثيق وتعمل تحت رايتها, وهدفها “رفع الظلم” عما تعتبره “اضطهاداً” للسنة في طرابلس, وفي مرحلة لاحقة في كل لبنان. وفي السياق, كشف عدد من أهالي باب التبانة أن عناصر المجموعة ينتشرون ليلاً بشكل يومي في الشوارع والأزقة وعلى المداخل والمخارج التي تؤدي إلى أماكن إقامتهم, كما ينتشرون على أسطح المباني, تحسباً لإمكانية تنفيذ الجيش اللبناني, المنتشر بكثافة في المدينة, عملية مباغتة ضدهم. ووفقاً للمعلومات, فإن المجموعة لديها أسلحة خفيفة ومتوسطة وكميات كبيرة من الذخائر, وهي “لا تسعى لأي مواجهة مع الجيش”, على حد قول أحد عناصرها, إلا أنها “ستدافع عن نفسها بكل ما أوتيت من قوة” في حال تعرضت لأي هجوم عسكري. وكشف مصدر أمني لـ”السياسة” أن أسامة منصور عمل خلال الساعات القليلة الماضية على توزيع 200 عبوة ناسفة زنة الواحدة منها 40 كيلوغراماً, على عناصر مجموعته في داخل وخارج باب التبانة, بهدف تنيفذ عمليات تخريبية ربما تكون موجهة ضد الجيش ومراكزه, لكن الأخطر هو إمكانية لجوئه إلى عمليات خطف بهدف تعزيز الضغوط على الدولة, ربطاً بأزمة عرسال.

وفي إطار استقطابها أبناء المنطقة, فرضت المجموعة المسلحة قوانينها خلال الفترة الأخيرة, وأبرزها منع فرض الخوات (الأتاوات) على التجار في سوق الخضار, ومحاسبة الزعران (البلطجية) وتهديدهم بعقوبات رادعة, من بوابة أنها تسعى لإنصاف “المضطهدين” ومنع الاعتداءات عليهم. ويبدو أن هذه السياسة, التي ينفذها أسامة منصور بشكل خاص, بدأت تؤتي ثمارها, حيث أن المجموعات المسلحة التي كانت موالية للزعماء السياسيين خلال المعارك التقليدية بين باب التبانة وجبل محسن, لا تفكر بمواجهتهم, على حد تأكيد أحد أبناء المنطقة, الذي أوضح أن هذه المجموعات لا تمتلك الدوافع أو الأسباب أو حتى القدرات اللازمة لذلك, سيما بعد وقف تمويلها منذ تطبيق الخطة الأمنية في طرابلس في ابريل الماضي.

 وكشف هذا الشخص, الذي طلب عدم نشر اسمه, لـ”السياسة” عن بعض أفعال المجموعة الإسلامية المتشددة في الآونة الأخيرة التي تندرج في إطار تعزيز حضورها واستقطابها أبناء المنطقة, منها: إطلاق النار على قدمي أحد الأشخاص لأنه يواصل “التشبيح” وأخذ الخوات, واعتقال أحد أبناء المنطقة من آل ليزا بعد استيلائه على أموال شخص مسيحي وسرقة محفظته, حيث تم إجباره على إعادة الأموال التي سرقها وتهديده بإجراءات أكثر صرامة إذا كرر فعلته.

كما منع عناصر المجموعة كل الزعران (البلطجية) من فرض خوات على تجار سوق الخضار, ومن بينهم عامر المصري, وهو قريب لأحد قادة المحاور المدعو سعد المصري, الذي رفض في البداية الرضوخ للأوامر, فما كان من أسامة منصور إلا الاتصال بسعد في سجنه وإبلاغه بأنه سيقتل عامر إذا واصل فرض الخوات, وهو ما دفع سعد إلى الاتصال بقريبه وإجباره على الاعتذار من منصور والرضوخ لتعليماته. وكشفت المعلومات المتقاطعة لـ”السياسة” أن مجموعة منصور المولوي أبو خليل تتدخل في كل شاردة وواردة في منطقة باب التبانة وتفرض قوانينها على الجميع بقوة السلاح, وتعمل حالياً على الاستفادة من الأموال التي تأتيها من الخارج لإقامة “مشروعات منتجة” تدر عليها الأموال المطلوبة لاستمرارها, وذلك في إطار مخططها للوصول إلى “التمويل الذاتي”.

وبحسب المعلومات, فإن المجموعة عملياً بقيادة الثلاثي منصور والمولوي وأبو خليل, وهم الوحيدون الذين يخرجون إلى الشوارع غير ملثمين, فيما باقي عناصر المجموعة لا يظهرون إلا ملثمين, حتى أن أبناء المنطقة لا يعرفون من هم الغرباء من بينهم ومن هم المعروفون والمقيمون في باب التبانة. ورغم أن المجموعة برؤوس ثلاثة عملياً إلا أن أسامة منصور يبقى الأكثر تأثيراً والأكثر شعبية لأسباب عدة, أهمها أنه من أبناء المنطقة وأنه غير متورط في قضايا جنائية, ويرجح أنه يتولى الاتصالات مع مجموعات “النصرة” والمجموعات الأخرى التي تدور في فلكها, سواء في عرسال وجرودها داخل الأراضي اللبنانية قرب الحدود السورية, أو في المناطق السورية الخاضعة لسيطرة هذه المجموعات. وكشفت المعلومات أن غالبية عناصر المجموعة من الغرباء لا تخرج منها, عدا القادة الثلاثة المعروفون الذين يخرجون بعد تنكرهم, على غرار ما فعل أسامة منصور قبل أيام عندما صبغ شعره باللون الأشقر وغير مظهره الخارجي وانتقل إلى منطقة زغرتا القريبة من طرابلس, لأسباب لم يعرفها عناصر المجموعة, بحسب ما أكد أحدهم لـ”السياسة”.