داود البصري/نظام طهران في جنوب الجزيرة العربية!

501

نظام طهران في جنوب الجزيرة العربية!

داود البصري/السياسة/25 أيلول/14

يبدو أن حسابات اللاعب الإيراني في الشرق العربي قد توسعت أطرها بعد الهزائم التكتيكية في الساحتين السورية والعراقية تحديدا, فتوسيع خطوط التدخل الإيراني في كل من دمشق و بغداد وصولا الى بيروت لم يمنع الجهد التبشيري والعسكري الإيراني من تفجير المفاجأة في صنعاء بعد التقدم الستراتيجي الكبير لجماعة “أنصار الله” الحوثية المرتبطة, تنظيميا و تسليحيا وولاء, بالنظام الإيراني. لقد كسر الإيرانيون كل قواعد اللعب وأنتقلوا ببيادقهم صوب الجزيرة العربية بعد أن فشلوا فشلا ذريعا في البوابة البحرينية التي راهنوا على سقوطها مستثمرين حجم وطبيعة أهل الولاء الإيراني هناك, لكنهم كانوا يمتلكون أيضا خطط التدخل وتوسيع الصراع البديلة من خلال البوابة اليمنية التي فاجأت أحداثها العالم وهو يتهيأ للحشد ضد عصابة “داعش”!

فإذا بالحرس الثوري يضرب ضربته الكبرى والقاصمة لظهر الأمن القومي العربي في صنعاء التي لا تزال تعاني من آثار وبقايا الإنتفاضة الشعبية ضد نظام علي عبد الله صالح الذي لا تزال عناصره وخلاياه تفعل أفاعيلها في الجسد اليمني الواهن. لقد كانت المفاجأة في الجيش اليمني الذي استسلم بسهولة لعصابات الحوثيين وسمح بسقوط العاصمة صنعاء بأيديهم, بينما نراه وقد فعل الأفاعيل في حرب عام 1994 ضد الجنوبيين, فأين توارت ملاحم الماضي ضد الأهل والأخوان من الباحثين عن العدالة, وأين أضحى مصير جيش الدولة الذي رفع الراية البيضاء أمام ثلة من العصابات الطائفية تمكنت من الانتصار على الدولة والنظام, بل وفرض شروطها? لاشك أن ماحدث يمثل كارثة أمنية وسياسية حقيقية, ونصرا بارزا لنظام طهران نقل الأضواء بالكامل من الشرق العربي نحو الجنوب العربي هذه المرة, وبما يشكل اختراقا ستراتيجيا خطيرا لايمكن رتقه بسهولة, ويشكل تهديدا حقيقيا وقائما ومستقبليا أيضا ل¯”مجلس التعاون” الخليجي, بما يعني أن جدار التطويق الإيراني قد بات اليوم من جهتي الشرق والجنوب, ناهيك عن الوجود الإيراني في الشمال الغربي في سورية ولبنان! لايمكن أبدا القبول بأي تبريرات لأسباب الهزيمة في اليمن, فتقدم “الدواعش” في الشرق العربي رافقه أيضا تقدم “دواعش إيران” في الجنوب العربي, وباتت المسؤولية دولية أيضا في الحفاظ على أمن وسيادة واستقلال جمهورية اليمن الغارقة في حروبها الداخلية, والباحثة عن طريق للتخلص من بقايا الديكتاتورية و الاستبداد. لاشك أن انتصار الحوثيين هو بمثابة هزيمة تاريخية ومرة للدولة اليمنية, ولحلفاء اليمن أيضا, فالخطر الإيراني بات اليوم يقف على أبواب غرف نوم الخليجيين, والخلايا الإيرانية الساكنة ستتكفل بالتمهيد المستقبلي لأي تحرك إيراني ميداني متقدم نحو دول الخليج, فقد سقطت جميع الحصون والقلاع دفعة واحدة وبحركة مباغتة سريعة, وبات الحوثيون في الموقع الذي يتيح لهم فرض الشروط, وحرية الحركة والتواصل, بما فيها حصولهم على موانىء وإطلالة بحرية يتسلمون بواسطتها أسلحة الدعم الإيرانية!

علينا الاعتراف أولا بحجم الهزيمة المرعبة, ودراستها بكل أبعادها, قبل التفكير بأي حل, فقد أثبت زلزال اليمن عبثية كل المعالجات السابقة, وأكد احتلال صنعاء هشاشة الجيش اليمني, وركاكة الستراتيجية الخليجية في معالجة المخاطر. لقد تم التركيز طويلا, للأسف, على الخلافات بين دول الخليج حول مسائل ثانوية وقضايا صراع خارجية, لاعلاقة لها بأمن منطقة الخليج, حتى تمكنت المصالح الإيرانية من اختراق عمق اليمن لتضرب ضربتها الكبرى, وهي أكبر هزيمة عربية منذ الخامس من يونيو عام 1967, فأن تسقط عاصمة عربية بايدي عصابات خلال سويعات قليلة ذلك يعني الكثير! بكل تأكيد إن المرحلة التي ستعقب سقوط صنعاء ستكون مختلفة بالكامل عما قبلها, فالمنطقة دخلت أتون مواجهة إقليمية جديدة من شأنها تهديد قلب الجزيرة العربية, فإذا كانت أوضاع الماضي قد حجمت الخطر الماركسي الذي كان آتيا من جنوب اليمن أيام حكم الرفاق في عدن لعدم وجود الحاضنة الأهلية لذلك الفكر, اليوم جماعات إيران في الخليج العربي و جنوب جزيرة العرب لهم حواضن وحواضن ولوبيات معروفة للقاصي و الداني…ويل للعرب من شر إيراني قد اقترب إن لم تتم معالجة ثقوب التسلل الرهيبة.