د.كيم هولمز/العلاقة الستراتيجية” بين الولايات المتحدة وإيران صفقة سيئة حقاً

264

العلاقة الستراتيجية” بين الولايات المتحدة وإيران صفقة سيئة حقاً
 د.كيم هولمز/السياسة

08 أيلول/14

من أهم دروس فن الحكم, أن الأخطاء تميل إلى أن تتفاقم وتأتي فوق بعضها بعضاً. والخيارات الجيدة تختفي فيما تتكاثر السيئة منها .وتصبح الحفرة أعمق جراء اليأس الذي يدفعك للتفكير في خيارات لم يتم النظر فيها في أفضل الأوقات. هذا ما أخشى أن يحدث بعد ذلك في العراق. لأن لدينا عددا قليلاً من الخيارات الجيدة, وإدارة أوباما تعتقد انه حان الوقت لكي تبدأ التفكير في عقد “صفقة كبرى” مع إيران بشأن العراق. هذا “المنطق” قد يبدو مقنعا. فالولايات المتحدة وإيران تنظران الى “داعش” كعدو لدود. كلانا يعارض تدمير الحكومة الحالية في بغداد. في الواقع, ساعدت إيران في الإطاحة برئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي.كما أشار الأكراد بالفعل أنهم سيكونون سعداء إذا ساعدتهم إيران على دحر “داعش” في العراق. وفي الوقت نفسه, ماذا يريد الإيرانيون? إنهم يريدون الموافقة على برنامج تخصيب اليورانيوم, في حين أن لديهم شيئاً لا يمكننا تحقيقه, أقصد وجود “جنود على الأرض” على شكل ميليشيات شيعية موالية لإيران داخل العراق والتي كان لها بالفعل يد في ردع الدولة الإسلامية في العراق والشام عن التوجه نحو بغداد. الفكرة لم ترشح عما قريب. ففي وقت سابق من هذا الصيف دعا ثلاثة مسؤولين أميركيين سابقين كبار هم ريان كروكر, وليام لوورز وتوماس بيكرينغ إلى “علاقة ستراتيجية” بين الولايات المتحدة وإيران.

ورأوا أن يكون هناك تحالف صريح , لكنهم قالوا إن “عملا موازيا متبادلا أمر ضروري”. كذلك الأمر, فإن الإيرانيين طرحوا فكرة التعاون حول العراق في يونيو, قبل الموعد النهائي للمحادثات النووية الايرانية. كانت هناك مناقشات وجيزة وغير رسمية بين الأميركيين والإيرانيين حول ربط الاتفاق النووي بالتعاون في الشأن العراقي, ولكن لم يخرج أي شيء رسمي عن تلك النقاشات. البنتاغون عادة يكره هذه الفكرة, ولكن إذا احتضن ديبلوماسيون من ذوي الخبرة مثل كروكر وبيكرينغ تلك الفكرة, يمكن أن نرى وزارة الخارجية, والأهم من ذلك الساسة في البيت الأبيض يتحمسون لتلك الفكرة باعتبارها وسيلة لتخفيف الضغط عن موضوع إرسال مزيد من القوات الى العراق. كيف يمكن لصفقة كهذه أن تسقط? ليس سرا أن إدارة أوباما بحاجة ماسة إلى عقد الاتفاق النووي مع ايران. إنه أمر قديم. علاوة على ذلك, الرئيس أوباما قلل من احتمال استخدام القوة العسكرية, لذلك ليس أمامه الكثير من الخيارات. وقد تم بالفعل رفع بعض العقوبات عن إيران, ولكن طهران لم تفوت موعد يوليو للتوصل إلى اتفاق فحسب , بل إنها تعرقل عملية التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وهكذا, تعثرت المحادثات, والإدارة يمكن ألا تفكر أنه إذا لم تفاوض ايران فربما يمكنها أن تساعد. من هنا يأتي دور العراق في المعادلة. فالوعود بالتعاون الضمني في العراق يمكن أن تكون بمثابة المرهم الذي يخفف ويسهل عملية التوصل الى اتفاق بشأن القضايا النووية. وفي المقابل, تخفف الولايات المتحدة من مطالبها المتعلقة بالحد من أعداد أجهزة الطرد المركزي الإيرانية, وربما تبحث طهران عن وسيلة أخرى لكي تتحدى الوكالة, كأن تعد ليس بإبعاد “داعش” فحسب بل “بالمساعدة” على استقرار الوضع في العراق. فإذا كان التدخل الايراني في العراق عن طريق الحرس الثوري والميليشيات الشيعية العراقية البديلة ناجحا, فإن تفكير الادارة قد يذهب الى أن ذلك من شأنه أن يخفف الضغط عن الولايات المتحدة بالنسبة لعملية إرسال “جنود على الأرض”.

هناك مشكلة واحدة فقط : إن ذلك لن ينجح . فصفقة كبرى مع ايران حول العراق ما هي إلا وهم. فالإيرانيون لا يريدون أن يفعلوا في العراق الأمور نفسها التي نقوم بها. إنهم لا يريدون للعراق أن يكون موحداً ومستقراً. بل يريدون عراقاً يسيطرون عليه هم وحلفاؤهم من الشيعة. يريدون فعلا التخفيف من العقوبات الغربية, لكنهم لا يريدون شراكة ستراتيجية مع الولايات المتحدة. إنهم يغذون الصراع مع الغرب, وليس هناك دليل على أنهم يريدون حقاً التخلي عن برنامجهم الخاص بالأسلحة النووية بشكل دائم في مقابل وضع حد لعزلتهم الدولية. وبالتالي فإننا يمكن أن نخسر على جبهتين : يحصل الإيرانيون على الضوء الأخضر لمواصلة برنامجهم النووي, وفي الوقت نفسه يتمتعون بموافقة الولايات المتحدة على تفوقهم المتصاعد في العراق والمنطقة”. إن ذلك الحديث لا يعبر إلا عن قصر نظر! فالعمل حتى ضمناً مع الميليشيات الشيعية الموالية لإيران داخل العراق هو بمثابة صب الزيت على النار في الحرب الأهلية التي تدور رحاها بالفعل. لقد ارتكبنا بالفعل ما يكفي من الأخطاء. دعونا لا نضاعف تلك الأخطاء فنرتكب خطأ آخر من خلال محاولة العمل مع إيران.

عن “ناشيونال انترست” *ديبلوماسي أميركي سابق