حميد غريافي/حزب الله يفشل في جر الجيش اللبناني إلى مذبحة في عرسال

296

وزير الداخلية وصف الوضع في البلدة بـ “القنبلة الموقوتة” ويسعى لمنع انفجارها
حزب الله يفشل في جر الجيش اللبناني إلى مذبحة في عرسال
حميد غريافي/بيروت – “السياسة”
30 آب/14

وسط تنامي المخاوف الأمنية المشرعة رسمياً بتصريحات الوزراء المعنيين والحكومة السلامية, يستمر الوضع اللبناني الداخلي في حلقة دورانه في الفراغ, في ظل انكفاء المبادرات الدولية وعجز القوى السياسية الداخلية عن إنتاج تسويات خارج نطاق الحسابات الاقليمية المتحكمة بالأزمات اللبنانية, وفي مقدمها انتخابات رئاسة الجمهورية التي دفعت عنوة الى اسفل سلم الاهتمامات بعدما تقدم الوضع الامني واجهة المتابعات.

حتى ملف العسكريين المخطوفين الذي دخل مرحلة الخطر, إذا ما صحت المعلومات الواردة في شأن ذبح الرقيب علي السيد وفق ما ظهر في الصور التي نشرها تنظيم “داعش”, بات يحتاج الى توافق سياسي غير متوافر حتى اللحظة, بما يعكس عمق الهوة بين المسؤولين الذين يتوزعون في بلدان العالم لقضاء إجازاتهم.

ولا ينفصل ملف المخطوفين العسكريين عن الوضع في بلدة عرسال, الذي وصفه وزير الداخلية نهاد المشنوق بـ”القنبلة الموقوتة”, إذ بات يحتاج وفق التوصيف الوزاري الى اجماع سياسي, قاده أمس الى الرابية حيث اجتمع مع رئيس تكتل “التغيير والاصلاح” النائب ميشال عون, واعلن على الاثر ان قنبلة عرسال جاهزة دائماً للانفجار, متمنيا بمساعي القوى السياسية كلها “ان تستطيع تحقيق تقدم في ملفي عرسال والعسكريين المخطوفين للحد من الآثار السلبية”.

وأوضحت مصادر قريبة من المشنوق أن اللقاء حتمته تطورات عرسال, فهذه القضية تحتاج إجماعاً وطنياً وتوحيداً للرؤية الى ما يحصل وسبل معالجته.

وإذ أشارت إلى أن المشنوق قد يوسع مروحة اتصالاته, أكدت المصادر أن كل الخيارات لحماية لبنان خاضعة راهناً للنقاش وخيار إقفال الحدود واحد منها, إلا أن وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس أوضح لـ “وكالة الأنباء المركزية” ان اللجوء الى اقفال الحدود في وجه النازحين السوريين سيعتمد فقط لدواع امنية غير متوافرة حتى اللحظة, معتبرا ان الوسيلة الفضلى لمواجهة هذا الواقع هي في توحيد الموقف السياسي والشعبي للتضامن مع الجيش اللبناني ومؤازرته.

وكانت المناطق الجردية في عرسال استعادت هدوءاً نسبياً, أمس, بعد اشتباكات بين الجيش والمسلحين ليلاً حيث افيد عن مقتل عشرات الارهابيين واستقدم الجيش تعزيزات من المجوقل واللواء الثامن واستنفر في النقاط المواجهة للجرود وبقيت نقطة وادي الحصن فارغة لاعتبارات عسكرية.

وترددت معلومات عن تجمع لحشود من المسلحين في الجرود, عزاها البعض إلى التطورات في القلمون أو المفاوضات المتعلقة بالعسكريين المخطوفين.

وتمكن حاجز للجيش ليل اول من امس من توقيف سوريين شاركا في معارك عرسال, واشارت المعلومات الى انهما من مرافقي الموقوف عماد جمعة, كما اوقف سائق السيارة الذي كان يقلهما وفي حوزته مسدس حربي وذخائر.

أما في شأن شريط ذبح العسكري علي السيد من فنيدق, ففي حين أعلن والده أن “هيئة العلماء المسلمين” أكدت خبر استشهاده, اشارت مصادر معنية الى ان قيادة الجيش ستصدر بياناً خلال الساعات الاربع والعشرين المقبلة يوضح القضية, فيما قطع أهالي عدد من القرى في عكار, أمس, بعض الطرقات في خطوة تضامنية مع العسكريين المخطوفين, مناشدين المسؤولين العمل بسرعة لإنقاذ ابنائهم.

وليس بعيداً, اعتبر مصدر رفيع في قوى “14 آذار” أن نظرية “حزب الله” بأن تدخله عسكرياً في سورية يحول دون تمدد الارهابيين في اتجاه لبنان سقطت, وهو فشل ليس في منع هؤلاء من دخول لبنان فحسب, إنما استجلبهم الى العمق, حسبما تبين من موجة التفجيرات التي استهدفت الضاحية الجنوبية وأماكن أخرى في بيروت.

من جهتها, قالت أوساط روحية مسيحية لبنانية في لندن لـ”السياسة” امس ان “حزب الله يضغط بكل ما أوتي من وقاحة على الحكومة والجيش من أجل دفعهما الى الاستعانة بجيش النظام السوري, لعبور الحدود اللبنانية والتصدي للمقاتلين “التكفيريين” المرابطين فوق الجبال والجرود المحيطة بعرسال, كبديل عن انخراط الحزب” في المعارك.

وأكدت الأوساط أن الأمين العام للحزب حسن نصر الله غير راض عن مواقف الجيش الأخيرة في عرسال, “حيث خاب أمله من عدم إقدام العماد جان قهوجي على المغامرة بكل أرصدته الاخلاقية والسياسية والعسكرية والانسانية, وشن هجوم شامل على تجمعات المقاتلين في جرود عرسال”, مشيرة إلى أن الخسارة حتمية في معركة كهذه “لأن الجيش غير قادر على حشد أكثر من ثلاثة آلاف جندي وضابط في وجه العدد المماثل للمسلحين, وبالتالي ستنزل بالألوية ذات التسليح المتواضع كارثة حقيقية”.

وأكدت الأوساط أن قيادات سياسية واقعة بين مطرقة “حزب الله” وسندان “داعش” و”النصرة”, “تدريس بإمعان حسابات الربح والخسارة من جراء شن هجوم عسكري على مرتفعات عرسال “للقضاء” على المسلحين, وإنقاذ الرهائن من الجيش الواقعين بين أيديهم, قبل تنفيذ وعيد الدواعش بإعدامهم إذا لم ترضخ الحكومة لشروطهم, وما إذا كانت هذه المغامرة غير المضمونة بأي وجه من الوجوه, ستدفع مرشحاً معيناً لرئاسة الجمهورية الى الكرسي الأول, أم أنها ستقضي نهائياً على مستقبله السياسي والعسكري”.

وكشفت الأوساط لـ”السياسة” عن أن “قيادات مسيحية وسنية في الجيش وقوى الامن الداخلي تعارض قتال التكفيريين بدلاً عن “حزب الله” المنخرط في أوحال الحرب السورية, وتفضل عدم مشاركة العنصرين السني والمسيحي في هذه المعارك المقبلة, تاركة العنصر الشيعي في الجيش للذود عن ابناء جلدته في حزب الله والاستشهاد في سبيل بشار الاسد ومغامرات نصر الله وجماعته”.

عربة أوباما وحصان داعش

الياس حرفوش/الحياة

إذا كان الأوكرانيون ينتظرون المساعدة من باراك أوباما ليمنع فلاديمير بوتين من توغل قواته داخل بلادهم، فالأرجح أنهم سينتظرون طويلاً، مثلما انتظر السوريون أن يهبّ أوباما لنجدتهم بعد أن وعدهم بأن لا مكان في هذا العصر لحاكم يقتل شعبه كما يفعل بشار الأسد.

أوباما يفضل أن لا يضع العربة قبل الحصان، كما قال في آخر «حكمة» أطلقها في مؤتمره الصحافي الأخير. أي أنه يفضل التريث على التسرع عند اتخاذ القرار. لكن المشكلة أنه بانتظار القرار الذي لا يأتي تتقدم كل الأحصنة وتسبق عربة الرئيس، من الحصان الروسي إلى الحصان «الداعشي». وإذا استمرت الأمور على هذه الحال بانتظار نهاية ولاية أوباما بعد سنتين فمن الصعب تقدير مدى الضرر الذي سيلحق بالتوازن في العلاقات الدولية، ولا بالخراب الذي سيحل بالمنطقة العربية مع تقدم قوى التطرف على حساب استقرار الأنظمة وأمن الشعوب.

لعلّي أسمع من يقول: ولماذا يجب أن تكون الولايات المتحدة مسؤولة عن حل مشكلات العالم وعن تسوية أزماته؟ وهو اعتراض نسمعه تكراراً من مسؤولين ودبلوماسيين أميركيين يقولون: لا تتوقف شعوبكم عن انتقاد سياسات أميركا والاحتجاج على دورها كشرطي للعالم، ثم نجدكم تبحثون عن نجدة أميركا عند أول أزمة تواجهها بلدانكم!

صحيح أنه ليس مطلوباً من الولايات المتحدة أن تحل مشكلات العالم، كما أن تسوية الأزمتين السورية والعراقية، والأزمة الأوكرانية، هي من مسؤولية هذه الدول، وبالتالي فان عليها البحث عن حلول لمشاكلها الداخلية. لكن الضروري أيضاً، وقبل ذلك، أن تنطبق هذه المعادلة على كل تدخل خارجي في أية أزمة دولية، وليس على التدخل الأميركي وحده. ذلك أن مسؤولية الولايات المتحدة تصبح مضاعفة عندما يكون التدخل الروسي مثلاً هو الذي يلعب الدور الحاسم في الأزمة الأوكرانية، كما أن هذا التدخل، مضافاً إليه تدخل إيران، هما اللذان لعبا وما زالا، دوراً حاسماً في إطالة أمد الأزمة السورية وفي إغراق العراق في الحرب الطائفية. وفي الحالتين انتهى الأمر بهزيمة أصوات الاعتدال بين كل الطوائف وارتفاع حدة الصراع المذهبي، وصولاً إلى الحالة الإرهابية التي يفرضها «داعش» اليوم في مناطق نفوذه.

وعلى رغم تفاقم هذا الخطر الإرهابي، الذي بات مقلقاً للدول الغربية نفسها، كما ظهر من خلال رفع مستوى التأهب الأمني في بريطانيا بالأمس، فلا شيء يشير إلى أن هناك خطة بديلة لدى إدارة أوباما للتعامل مع هذا الوضع. صحيح أنه أمر بغارات جوية على مواقع «داعش» في العراق، وبعملية واحدة، على الأقل ضد التنظيم في سورية، سجلها نظام الأسد في خانة مصلحته، لكن أوباما اعترف أنه لا توجد لديه استراتيجية حتى الآن لمواجهة «داعش»، وأنه طلب من وزير الدفاع تشاك هاغل إعداد خيارات عسكرية لبحثها واتخاذ قرار في شأنها.

في سورية، كما في العراق وأوكرانيا، لا يساهم الفراغ الناشئ عن تردد أوباما وعجزه، سوى في تفاقم الوضع. وهو ما يدفع حلفاء الولايات المتحدة إلى التردد في التعامل معها. في أوروبا، لا توجد ثقة كبيرة في قدرة الإدارة الأميركية على مواجهة الروس في الأزمة الأوكرانية. وبينما يرى مسؤولون في هذه الإدارة الخطر الناجم عن المغامرة الأخيرة للقوات الروسية داخل أوكرانيا، يعتبر أوباما أن «ما شاهدناه هذا الأسبوع لا يختلف عما حصل خلال الأشهر الماضية». ولكن السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة سامانثا باور، وعلى عكس رئيسها، اتهمت موسكو بالكذب عندما نفت تقدم قواتها في أوكرانيا، وقالت إن تصرف روسيا «يشكل تهديداً لنا جميعاً في سلامنا وأمننا».

أما في الشرق الأوسط، وعلى رغم قرار أوباما إرسال وزير الخارجية جون كيري إلى المنطقة لتنسيق المواقف مع الحلفاء الراغبين في مواجهة «داعش»، فليس هناك ما يشير إلى أن هناك ثقة كبيرة لدى هذه الدول في أي سياسة أميركية حكيمة وفاعلة تسمح بدفع خطر هذا التنظيم الإرهابي، وذلك بناء على الخيبات من سياسات أوباما الفاشلة في سورية والعراق. على العكس تشعر هذه الدول أن التوعية السياسية والدينية لشعوبها والتعاون بين أجهزتها الأمنية سوف يكونان أكثر فاعلية في مواجهة المد «الداعشي» من الاعتماد على العربة الأميركية بقيادة أوباما، التي أثبتت أنها عربة معطلة، فيما الأحصنة تصل إلى نهاية السباق بلا حواجز.