محمد سلام/اللبنانيون السنّة، الدولة الإسلامية، الظالم

465

اللبنانيون السنّة، الدولة الإسلامية، الظالم
محمد سلام/الإثنين 25 آب 2014

بداية لا بد من التأكيد على أن ما أكتبه لا يعبّر عن رأي تنظيم سياسي، ولا يزعم التحدث بإسم الطائفة السنيّة، ولكنه محاولة لتوصيف موقف الطائفه في عمقه، كما تردده مجالس “الناس”.

اللبنانيون السنّة والدولة الإسلامية:

اللبنانيون المسلمون السنّة هم، بموجب هويتهم الدستورية ثلاثية الأبعاد، (1) لبنانيون (2) مسلمون (3) سنّة. أي أنهم يحملون هوية ثلاثية التعريف بشخصيتهم كما كل الطوائف الأخرى التي يعترف بها دستور الجمهورية اللبنانية وفق هذا التسلسل.

وبالتالي فإن ولاء السنّة، كما يجب أن يكون ولاء الشرائح (الطوائف) الأخرى، هو لدولتهم اللبنانية، التي لا يبايعون دولة أخرى عليها طالما هي موجودة – (طالما هي موجودة) – لأن مبايعة دولة أخرى بديلة من الدولة اللبنانية الموجودة هو فعل من أفعال إرتكاب الخيانة العظمى.

واللبنانيون المسلمون السنة لم ولا ولن يرتكبوا الخيانة العظمى، مع إدراكهم أن غيرهم قد إرتكبها ووالى دولة إيران، فيما الدولة اللبنانية ما زالت موجودة.

وعل الرغم من أن اللبنانيين المسلمين السنة يدركون أن دولتهم التي يوالونها ولا يوالون غيرها لم تردع أو تحاسب أو تعاقب حزب “الله” الذي والى وبايع عليها إيران ووليها الفقيه، إلا أنهم لا يرون شرفاً في إرتكاب الخيانة العظمى كي يتساووا مع من إرتكب هذه الخيانة وفاخر بها.

خلاصة القول هي أن اللبنانيين المسلمين السنّة لن يوالوا أو يبايعوا أي دولة، أكانت إسلامية أو ملحدة أو علمانية أو عربية أو فارسية أو أميركية أو روسية أو صينية، طالما (طالما) دولتهم اللبنانية موجودة…

لذلك فإن مسألة الدولة الإسلامية بالنسبة للبنانيين السنة تعني حالياً الشعبين السنيين في العراق وسوريا. في العراق إضطهد شيعة إيران-المالكي الأقلية السنية، وفي سوريا يضطهد التحالف الإيراني-العلوي الأكثرية السنية.

لذلك فإن مسألة الدولة الإسلامية تعني المُضطَهَدين (بفتح ط و ه) والمضطهِدين (بكسر ه) أي أنها “خيار إنقاذ” للسنة الذين تم إضطهادهم في حالتيهم كأقلية عراقية وأكثرية سورية، “وتهديد” لمن إضطهدهم أي التحالف الشيعي-الإيراني العلوي في العراق كما في سوريا..

وليس أدل على صحة هذه القراءة إلا ما قاله صراحة الرئيس الأميركي باراك أوباما للصحافي الأميركي الأبرز توماس فريدمان أوائل آب الجاري: “إن التغطية الاشمل التي نحن بحاجة الى الاستمرار في التركيز عليها، وهي ان لدينا اقلية سنية ساخطة في العراق واغلبية (سنية ساخطة) في حالة سوريا وتمتد بالاساس من بغداد الى دمشق. وما لم نستطع ان نقدم لهم (للسنّة) صيغة تستجيب لتطلعات ذلك القطاع من السكان، فحتما سنواجه مشكلات. ولسوء الحظ اتيحت فترة من الوقت للاغلبية الشيعية في العراق لم يدركوا خلالها ذلك والان بدأوا يستوعبون”.

المضمون السياسي لكلام أوباما الواضح يعني أن الإنتليجنسيا الأميركية بدأت تدرك أن نظريتها التي قامت على التحالف مع الشيعة ضد السنّة في الشرق الأوسط على مدى عشر سنوات قد أسقطتها الدولة الإسلامية في شهرين، وأنها (النظرية) غير قابلة للنجاح، وأن أي محاولة لضخ الحياة في عروقها ستصيب نتائجها الكارثية أميركا في المنطقة، وخارج المنطقة أيضاً.

وأخيراً بدأ العقل الأميركي المسطّح يفهم الفارق الكبير بين تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية أو (داعش) كما كان إسمها.

القاعدة تنظيم إسلامي تكفيري عدوّه أميركا. هو نسخة غير شيعية عن الحرس الثوري الإيراني في العداء للشيطان الأكبر. لذلك ضرب في أميركا، وضرب حلفاء أميركا العرب، وهو ما فعلته إيران أيضاً.

الدولة الإسلامية (داعش) هي تنظيم سنّي مذهبي عدوه محدد هو شيعة إيران والعلويين. لذلك ضرب عدوه، ولم يهاجم أي هدف آخر. وعندما قصفته طائرات أميركا في كردستان رد بذبح الصحافي الأميركي فولي المخطوف منذ سنتين، وبقي حياً لسنتين من دون أن يتم ذبحه قبل القصف الجوي الأميركي للدولة الإسلامية.

اللبنانيون السنة والتحالف ضد الدولة الإسلامية:

اللبنانيون السنّة ضد الشموليات الإرهابية، أي ضد العقائد التي تلغي أي من الطوائف ال 18 التي يعترف بها الدستور اللبناني ويحدد حقوقها وواجباتها.

ويرون أن مشكلتهم هي مع حزب “الله” الذى خان الوطن ووالى إيران بديلاً من الدولة اللبنانية وضرب الطائفة السنيّة، وقاتل الشعب السوري مستجلباً رد الشعب السوري عليه في لبنان.

لذلك فإن اللبنانيين السنّة يرون أنهم غير معنيين بأي دعوة إلى أي تحالف يضم في مكوناته حزب “الله” الذي خان الوطن وظلم الطائفة السنيّة (خان وظلم).

ولمفردة ظالم معنى إسلامي- ديني-شرعي عميق أخطر من الخيانة يعرفه السيد حسن نصر الله جيداً ويستند إلى القاعدة الشرعية: إثنان لا يغفر لهما الله: عاق بوالديه وظالم للناس.”

وإذا كان الله، جل جلاله، لا يغفر للظالم، بما يعني أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يشفع للظالم، فهل سيتجرأ مخلوق سني على القبول بأي تحالف ليدافع عن ظالمه حزب “الله”؟