محمد سلام/المعركة مستمرة، من الكنيسة إلى المسجد

436

المعركة مستمرة، من الكنيسة إلى المسجد
محمد سلام/ الخميس 22 آب 2014

لا يمكن لأي عاقل إلا أن يحترم الجهد الذي تبذله القيادات الروحية المسيحية المشرقية لإنقاذ مسيحيي الشرق من الإنقراض ومحاولة إبقائهم في أرضهم، مهبط الديانة المسيحية، بغض النظر عما ستسفر عنه هذه الجهود .   ولكن جوهر عملية الإنقاذ يكمن في أن مسيحيي الشرق يطلبون العون من الغرب الذي لم يعد مسيحياً ولا تعنيه المسيحية في شيء . تابعت قبل أيام على أثير صوت لبنان، الذي أحدثكم عبره، أحد الرؤساء الروحيين المسيحيين العراقيين وهو يتهم الغرب بأنه “خاننا .” الحقيقة، يا صاحب الغبطة، هي أن الغرب خان كنيسته ودينه على أرضه يوم إعتنق العلمانية، فسقطت الهوية المسيحية على أرض الغرب كلها، على ضفتي الأطلسي، من أوروبا إلى أميركا، ولم تعد المسيحية موجودة في عالم الغرب كله إلا ضمن أسوار حاضرة الفاتيكان في روما .   نعم، الغرب هزم الكنيسة على أرضه، في قوانينه، في مجتمعه، إنتزع هويتها من وجدانه، ولم تعد تعني له شيئاً. إنها العلمانية التي يصفّق لها البعض في الشرق .   لم يعد يعني الغرب من مسيحيي الشرق كلهم سوى فتح الأيدي لإستقبالهم لاجئين، مهاجرين، وان واي، بلا رجعة . المسألة ليست إنسانية كما قد يعتقد البعض. الغرب العلماني يريد إستيعاب مسيحيي الشرق ليطحنهم في علمانيته، وينسيهم مسيحيتهم، ولا تعني له أرض السيد المسيح أكثر من مجرد رواية، ما زالت تحكى في عيد الميلاد بإنتظار أن يلتهم بابا نويل السوقي المغزى الديني بكاملة للمناسبة التي تتحول تدريجاً إلى موسم تسوّق تُشترى فيه الهدايا ببرامج قروض مصرفية (كريديت كارد ).

إنها العلمانية، يصفق لها بعض السذج على أنها عدوة التخلف الطائفي، فيما هي حقيقة عدوة الأديان، كل الأديان . الكنيسة أكبر سناً من المسجد ب 600 عام. هذه حقيقة تاريخية لا ينكرها أحد. إبتلعتها العلمنة اليهودية بعدما أدخلت المسيحيين بقرون من الصراعات الدموية وصوّرت لهم أنه لا يمكن التخلص من الصراع إلا بالتخلص من الكنيسة . الآن تستمر هجمة العلمانية على المسجد، الشقيق الأصغر للكنيسة، عبر حروب تشابه حروب المسيحيين ضد بعضهم البعض، وعبر ما هو أدهى وأخطر من حروب الذبح … عبر حروب السوق التي يقال عنها أنها لا تزدهر إلا إذا تحولت المساجد إلى معابد مناسبات، وتحولت مناسك الحج إلى مجرد سياحة دينية تقدم لها المصارف قروض … الإجازات .   ستكون حرب طويلة، طويلة جداً، وسيكون المسجد خلالها بحاجة إلى وجود مسيحيين مؤمنين فعلاً لا مجرد زبائن لشراء هدايا الأعياد . هذا هو العنوان الحقيقي للمعركة بين العلمنة والأديان. ما تبقى هو مجرد أسماء لأدوات ظرفية . معركة بقاء المسيحية في الشرق تخاض عبر إنتخاب رئيس لجمهورية لبنان يكون “مسيحياً، مارونياً مؤمناَ، ممارساَ، يتمسك بدينه وبكنيسته، وليس مجرد ماروني ورقي يسأل مستشاره عن موعد عيد مار مارون “حتى نعمل الواجب.”(صوت لبنان-مقاله بصوته)