لبنان في الثلّاجة بانتظار النووي وعون أطلق حركة استكشاف في شأن مقترحاته حول الأزمة الرئاسية

298

لبنان في الثلّاجة» بانتظار النووي وعون أطلق حركة استكشاف في شأن مقترحاته حول الأزمة الرئاسية

| بيروت – «الراي» | 19 أيار/15

تختلط الحروب الصغيرة بالكبيرة في بيروت التي تضجّ مفكّرتها السياسية والأمنية بعناوين صاخبة… من حرب «حزب الله» في القلمون السورية التي تضع عرسال اللبنانية وجرودها فوق فوهة من الاحتمالات الصعبة، الى هجوم زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون في اتجاه الرئاسة الاولى الشاغرة منذ نحو سنة عبر اقتراحات ووفود، مروراً باستمرار تداعيات ما يوصف في بيروت بالحكم – الفضيحة بحق الوزير السابق ميشال سماحة الذي أوقف بالجرم المشهود في مخطط تفجيرات واغتيالات في شمال لبنان كان نسّقه مع الرئيس السوري بشار الاسد ورئيس مكتب الامن الوطني السوري اللواء علي مملوك.

ووسط وهج هذه «الحروب» في العسكر والسياسة والقضاء، تدهم البلاد مظاهر تزيد من حجم التحديات التي تواجهها الدولة ومؤسساتها في ظل فراغٍ رئاسي يطوي سنته الأولى في 25 الجاري من دون اي مؤشرات توحي بإمكان انتخاب رئيس جديد للجمهورية في الأمد المنظور، وحكومةٍ تحوّلت أشبه بـ «معقّب معاملات» نتيجة عجْزها عن التصدي للأزمات الفعلية في البلاد وبرلمانٍ «عاطل عن العمل» وعاجز بدوره عن عقد جلسة عنوانها تشريع الضرورة، ومؤسسات عسكرية وأمنية يتعاظم الصراع السياسي حول تعيين بدلاء لقادتها او التمديد لهم.

غير انه رغم هذه اللوحة الداكنة للمشهد اللبناني، فان أوساطاً واسعة الاطلاع تستبعد هزّ «الستاتيكو» حالياً والقائم على بوليصة تأمين إقليمية ودولية تحمي الاستقرار الأمني والسياسي في لبنان بالتفاهم مع اللاعبين الرئيسيين في الداخل، اي «حزب الله» و«تيار المستقبل»، مشيرة الى ان الواقع اللبناني مرشح للبقاء تحت السيطرة الى حين معرفة الخيط الابيض من الاسود في المنطقة في ضوء الاتفاق النووي بين ايران والغرب المقرر في 30 يونيو المقبل.

وإذ تعتقد هذه الأوساط ان لبنان ربما يكون واحداً من ساحات اختبار مرحلةِ تَشكُّل الواقع الاقليمي الجديد في ضوء ما أفضت اليه عاصفة الحزم للتحالف العربي في اليمن وما قد تنتهي اليه مفاوضات الاتفاق النووي الايراني نهاية الشهر المقبل، فانها تنظر الى الحِراك الداخلي، ولا سيما المرتبط بحركة العماد عون التي أعقبت تلويحه بـ «فرصة اخيرة»، على أنه مجرد ضجيج سياسي محكوم ببلوغ طريق مسدود نتيجة الاصطفافات الحادة التي يصعب معها «زحزحة» اي طرف عن مواقفه المعلنة.

وتأخذ هذه الاوساط في الاعتبار ان «حزب الله» الذي يُظهِر تضامناً مع العماد عون في معركته المزدوجة لايصال صهره العميد شامل روكز الى قيادة الجيش ولاجراء تعديلات على قواعد اللعبة تتيح له (للعماد عون) الوصول الى الرئاسة، لن يجاريه في اي خطوات تصعيدية من النوع الذي يقلب الطاولة، خصوصاً ان «حزب الله» الذي يغلّب حساباته الاقليمية على الداخلية ينخرط في مواجهة عسكرية يعتبرها استراتيجية في القلمون ويحتاج الى مؤازرة الجيش في «الشقّ اللبناني» من هذه المعركة اي جرود عرسال.

وبدأ عون استطلاع مواقف الكتل النيابية من مقترحاته لا سيما لجهة اجراء انتخابات نيابية تسبق الرئاسية، وأن يختار مجلس النواب بين الأوّل والثاني من الموارنة الأكثر تمثيلاً فيه، وانتخاب الرئيس مباشرة من الشعب على مرحلتين، وإجراء استفتاء شعبي على الاكثر تمثيلاً للرئاسة، وذلك من خلال الجولة التي باشرها وفد من تكتله برئاسة النائب ابرهيم كنعان وشملت امس كلاً من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس حزب «الكتائب» امين الجميل على ان تُستكمل اليوم وغداً بلقاءات مع الرئيس نبيه بري و«حزب الله» والنائب وليد جنبلاط اضافة الى رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة.

وفيما أكد البطريرك الراعي أمام الوفد العوني «أن كل مبادرة تسهل انتخاب رئيس للجمهورية جديرة بالبحث بما فيها مبادرة التكتل»، اشار النائب ابراهيم كنعان الى «ان هذه المبادرة جدية وجديرة بالبحث وترتكز على العودة الى الناس وتقوم على تحصين الدستور والعيش المشترك وكل مرتكزات الميثاقية».

من جهته اوضح نائب «القوات اللبنانية» فادي كرم الذي حضر اللقاء مع وفد تكتل عون لـ «الراي» ان «القوات» لا تقفل الباب على الطروحات التي اقترحها «التيار الحر» علينا، مشيراً إلى أن«للبحث صلة»بانتظار استكمال جولة الوفد على الكتل النيابية الأخرى.

وعما إذا كان تم بحث المخارج التي أعلن عنها العماد عون في مؤتمره الصحافي، أجاب:«طبعاً هناك طروحات مفصلة أكثر، وبحثنا في بعض الآليات وسنرى كيف سنواصل البحث للوصول ربما إلى تفاهم».

وحول موقف«القوات»من طروحات عون وعما إذا كان بإمكان هذه الطروحات كسْر المأزق الرئاسي: قال:«هناك عدة مقاربات مطروحة من الجنرال عون وهناك مقاربات مطروحة من جانبنا، وسنستكمل الحوار لنرى بماذا يمكن نخرج».

وعن إيحاء النائب كنعان بأن إعلان النيات الذي أصبح جاهزاً بين«التيار الحر» و«القوات اللبنانية»قد يؤسس لتفاهم بشأن الرئاسة، لفت كرم إلى أن«إعلان النيات هو أرضية سياسية قرّبت بين الفريقين ومن الممكن أن يبنى عليها للتفاهم على كثير من الملفات وليس فقط مقاربة الموضوع الرئاسي».