روزانا بومنصف/ماذا عن اعتراف سماحة بمسؤولية الأسد؟ الاعترافات ملف إضافي برسم المحكمة الدولية

235

ماذا عن اعتراف سماحة بمسؤولية الأسد؟ الاعترافات ملف إضافي برسم المحكمة الدولية

روزانا بومنصف/النهار/16 أيار 2015

مجموعة اسئلة من محاضر تسجيلات الوزير السابق ميشال سماحه في قضية نقله متفجرات من سوريا لاشعال فتنة داخلية في لبنان: الاول هل يمكن بناء دعوى قانونية ضد الرئيس السوري بشار الاسد انطلاقا من ان سماحه ذكر ان “الرئيس وعلي المملوك” وحدهما على معرفة بما يقوم به؟ وهذا السؤال يحفزه وجود لجنة تحقيق هي لجنة العدالة والمساءلة الدولية التي اعدت ملفات يمكن على اساسها توجيه اتهامات الى الرئيس السوري ومعاونين بارزين له بارتكاب جرائم حرب. ومع ان الجريمة التي تورط فيها سماحه تتصف بالارهاب فانه قد يكون من مصلحة المتضررين السعي الى ذلك ومحاولة رصد امكان اضافة الوثائق التي تشكلها التسجيلات الى هذا الملف. ولبنان متضرر مما كان سيقدم عليه سماحه لكن لبنان الرسمي ممثلا بالحكومة سيعجز على الارجح عن ذلك نظرا للتحالف المستمر بين افرقاء في الداخل مع النظام ولكن من وردت اسماؤهم من ضمن الاستهدافات يمكن ان يسعوا الى ذلك. ومن الناحية القانونية لبنانيا فان الكلام الصادر عن سماحه المقرب جدا من النظام وفق ما يعبر هو نفسه يعني اخبارا يتعين على النيابة العامة التحرك على اساسه على رغم ان هناك في القانون ما يسمى “عطفا جرميا” استنادا الى ان المتهم قد يكون يفاخر امام محدثه أو يحاول التملص من ذنبه بالاشارة الى آخرين. وتاليا قد لا يشكل ذلك اثباتا مباشرا دامغا بل قرينة لكن سماحه يمكن ان يكون شاهدا على مسؤولية الاسد بحيث يتعين على أي قاض في ظروف موضوعية السعي الى الحصول على اثباتات أخرى، كان الوصول الى المملوك ليشكل جزءا مهما منها على هذا الصعيد. لكن هناك امرا قد يساعد الا وهو محاضر المحاكمة التي بات يمكن الاطلاع عليها بعد انتهائها والتي تتضمن اقرارا من سماحه بالجرم وعلاقته مع الرئيس السوري واللواء المملوك وتقديمه اعتذارا بما يمكن ان يبنى عليه على الاقل من اجل تشكيل اخبار يتم الانطلاق منه للبحث في مزيد من الاثباتات ضد الاسد. ومع الاقرار بصعوبة الامر فانه يكون هناك على الاقل ملف قانوني مفتوح يجرى العمل على استكماله.

السؤال الآخر يتصل بمدى ان تشكل محاكمة سماحه واعترافاته دليلا اضافيا للادعاء في المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري. فالفيديو المتصل بالتسجيلات ومحاضر الاعترافات تعتبر” مجموعة من القرائن المتضافرة والمتكاملة الدقيقة والهادفة”. اذ ان شهادة سماحه في هذا الاطار تندرج ضمن عمل المحكمة وتوثيقها للاثباتات والادلة خصوصا نتيجة قرب سماحه من الاسد شخصيا. وهناك مقاطع من التسجيلات لم يكشف عنها لكنها تعبر على نحو دقيق على مدى وثوق العلاقة بين الاسد وسماحه الذي كان طلب الاسد من الرئيس ميشال سليمان ان يكون مندوبه المعتمد لديه. وحين اعترض سليمان لاحقا على اداء سماحه وساءه تصرفه اعتمد الاسد موفدين آخرين. لكن سماحه في التسجيلات يسوق مواقف نابية ومسيئة من الاسد ضد سليمان وامام مخبر وليس في جلسة سياسية أو ما شابه معبرا عن مدى الثقة التي يحظى بها من الاسد ليخبره بما يفكر فيه ازاء الرئيس اللبناني. وهذه المواقف تساعد في فهم مدى صلة العلاقة بين سماحه والاسد من جهة كما تساعد في فهم موقف سليمان الذي توقع أو طلب اتصالا استيضاحيا من الاسد على اثر ما جاء في تسجيلات سماحه فقامت القيامة ضده انذاك و”عوقب” بالمقاطعة حتى نهاية عهده.

ينبغي الاقرار من جهة أخرى بانه كان على القوى التي ساءها قرار المحكمة العسكرية ان تتوقع نتيجة مماثلة من محكمة سبق ان جرت اعتراضات قوية ضد احكامها كقضيتي سامر حنا وفايز كرم كما حين تم الفصل بين قضية سماحه والمملوك. وتقر مصادر مختلفة بان الحكم اريد منه توجيه ضربة سياسية للفريق الخصم للنظام السوري الذي لفته التزامن بين صدور الحكم عن المحكمة العسكرية وجلوس المملوك في محادثات مع مسؤولين ايرانيين. اضف الى ذلك ان الحكم قد اقفل بحيث لا يترك مجالا لاي طرق المراجعة أو الطعن فيه خصوصا ان لا مجال لاحالة القضية امام المجلس العدلي كونها تتطلب احالة من الحكومة التي تعجز عن ذلك بوجود حلفاء يدافعون عن النظام ويعتبرون الحكم المخفف ضد سماحه انتصارا. وما كان التمييز الذي تم اللجوء اليه ليكون محتملا لولا ان الحكم الصادر اعتبر سماحة “بريئا من تهمة محاولة القتل”. اذ انه لو لم ترد كلمة براءة كان ليكون مستحيلا ان يحصل تمييز القرار ولكانت ضاقت السبل امام مفوض الحكومة لان يقوم باي شيء خصوصا في ظل تسجيلات ومحاضر اعترافات تثبت العكس. ذلك علما ان محاولة القتل يعاقب عليها كالقتل تماما أي ان عناصر الجرم قد اكتملت تماما وتاليا يكون العقاب نفسه في الحالتين ولا اسباب تخفيفية. اذ ان قاتلا يرفع خنجرا ليقتل شخصا وانكسر في يده لسبب ما لا يعني انه ما كان لينجح بالقتل أو ما كان ليقوم بذلك.

في اليوم نفسه لتفاعل هذا الواقع في لبنان، اوردت الصحف نبأ جاء فيه ان محكمة اميركية اصدرت حكما بالسجن لاكثر من 20 سنة على اميركي اعترف بدعم تنظيم داعش.

هل تصح المقارنة بين دول تحترم القانون وأخرى تشوهه لحسابات سياسية؟