هشام ملحم/مناخ أمني جديد

257

مناخ أمني جديد
هشام ملحم/النهار/14 أيار 2015

تنعقد القمة الأولى بين الرئيس باراك أوباما وزعماء مجلس التعاون الخليجي في كمب ديفيد، في ظروف أمنية غير معهودة، وفي ظل تحولات سياسية في الخليج وفي الولايات المتحدة قوّضت بعض المسلمات القديمة في العلاقات بين الطرفين. وأبرز المتغيرات ضعف بعض الدول التي ولدت قبل قرن تقريباً منها لبنان وسوريا والعراق وبدايات تفككها، وبروز قوى بديلة فاعلة خارج إطار الدول تسيطر على أراض ومدن وتتصرف كالدول وأهمها “داعش” التي تدعي تمثيل السنة في دولة إسلامية في أراض سورية وعراقية، والى حد أقل الميليشيات والتنظيمات الشيعية في لبنان والعراق واليمن وفي طليعتها “حزب الله”، والحوثيون. ورافق هذه الظاهرة ضعف وتهميش لأبرز المراكز السياسية “الكلاسيكية” في العالم العربي، من القاهرة الى بغداد ودمشق، واقتتال سني – شيعي شرس على امتداد جبهة واسعة من الخليج حتى المتوسط لا مثيل له منذ فجر الاسلام. وتزامنت هذه الانهيارات العربية، مع بروز إيران دولة تريد أن تؤكد مركزيتها ومحوريتها من شرق المتوسط حتى آسيا الوسطى مروراً بالخليج، بعد اثبات قدرتها على تعبئة واستخدام تنظيمات وحركات شيعية مسلحة في حروبها مع السنّة العرب. طهران نجحت في تطوير الحروب بالوكالة الى فن عسكري. إدارتها التكتيكية للنزاعين في سوريا والعراق دليل صارخ على ذلك. أضف اقتراب أميركا من مرتبة أكبر منتج للطاقة في العالم.

ما تريده دول الخليج وتحديداً السعودية ودولة الإمارات من أميركا، ضمانات أمنية قوية ضد عدوان خارجي، وكذلك التصدي لأي طرف خارجي يحاول تأجيج مشاعر أطراف داخليين، وتعهدات للتصدي جدياً لامتداد النفوذ الإيراني من شرق المتوسط الى اليمن، إضافة الى توفير أسلحة متطورة، وجعل التعاون بين الطرفين مؤسساتياً، مثل عقد قمة سنوية، وإجراء مناورات عسكرية مشتركة. لكن الرئيس أوباما، لا يريد أي التزامات أمنية جديدة يعتقد أنها يمكن أن تقيّد يديه، أو يمكن أن تقوّض فرص التوصل الى اتفاق نووي تاريخي مع طهران. ذلك أن كل المبادرات أو السياسات العربية لأوباما قد أدت حتى الآن الى نتائج عكسية أو الى استمرار الجمود الخطير من ليبيا الى اليمن مروباً بسوريا والعراق و”عملية السلام”. وهذا يفسّر جزئياً على الأقل، تمسك أوباما بضرورة التوصل الى اتفاق نووي مع إيران، ورغبته في عدم إغضابها في سوريا والعراق. عندما أعلن عن “مبدأ كارتر” في 1980 كانت لأميركا قوات في المنطقة منتشرة “وراء الأفق” على حد قول محلل ذكي للأميركيين “نريدكم أن تكونوا مثل الريح، نريد أن نشعر بكم ولكننا لا نريد أن نراكم”. كم تغيّر الوضع اليوم!