بيار عطاالله/مجدليا على طريق حوّارة الضنية سماسرة وتجار عقارات يُطيحون العيش المشترك

280

مجدليا على طريق حوّارة الضنية سماسرة وتجار عقارات يُطيحون العيش المشترك
بيار عطاالله/13 أيار 2015/النهار

العام الفائت في مثل هذه الايام فوجئ اهالي بلدة علما في قضاء زغرتا بسيارات محملة مواد بناء وبجبالات اسمنت تصل الى خراج بلدتهم، وتحديداً الى عقارات تملكها عائلتا المقدم الطرابلسية والخازن منذ سنين عديدة لتباشر اعمال الحفر والبناء، من دون السؤال عن رأي أحد أو تقديم اثباتات لأشغال تلك العقارات. يومها بادر الجيش والقوى الامنية الى التصدي للمخالفين ومنعهم من إكمال البناء. لكن ذلك أصبح من الماضي، وبضع ورش بناء مخالفة في علما لا تقاس بشيء أمام حجم الاجتياح وعمليات التغيير الديموغرافي التي يشهدها ذلك القضاء الشمالي، المعروف بحساسيته وموقعه المتقدم في الحسابات السياسية المسيحية والمارونية تحديداً، إضافة الى دوره الاساسي في معادلة العيش المشترك بين ابناء منطقة الشمال ولبنان.

تثير عمليات بيع العقارات القائمة الكثير من علامات الاستفهام، واذا كان مفهوماً ان بلدة حوارة في قضاء الضنية المجاور قد جرى شطبها عن الخريطة الجغرافية والديموغرافية نتيجة العبث بالعيش المشترك والاستعانة بالتنظيمات الفلسطينية المسلحة إبان الحرب الاهلية في لبنان، فإن ما ليس مفهوماً هو الصمت على عمليات البيع التي تجتاح القضاء ولا تستثني زاوية، على ما يقول العارفون الذين يبرزون أرقام العقارات التي تم شراؤها، والتي تثير الكثير من علامات الاستفهام حول الهدف من هذه الهجمة العقارية، التي تتكرر فيها قصة الاغراءات المالية و”تخويف المسيحيين” وتشمل مناطق مجدليا وعلما والشلفة وعشاش والفوار، علماً أن المنطقة الاخيرة تم الاستيلاء على الكثير من عقاراتها، ولم تجد القرارات القضائية الكثيرة في ردع المخالفين عن الاستمرار في البناء على اراضي الغير.

يروي الناشطون في زغرتا ان بساتين الزيتون في مجدليا كانت تشكل محيطاً طبيعياً يحفظ بيئة مدينة زغرتا وضواحيها من الهجمة العمرانية، لكن ذلك أصبح من ذكريات الماضي الجميلة، حيث اجتاحت عمليات البيع الاخضر واليابس في سهول مجدليا ولم تترك زيتوناً ولا زهرة على حالها، محولة إياها الى غابات من الابنية والمجمعات السكنية التي لا يكترث قسم من مالكيها للقانون ولا للتصنيفات العقارية الموضوعة للمنطقة.

ويقول رئيس “حركة الارض” طلال الدويهي، ان “ما يجري يثير الريبة، لكن موضوع بلدة مجدليا تحديداً هو الاكثر مدعاة للحذر، نظراً الى حجم الهجمة العقارية التي وصلت الى مستديرة مجدليا وعمقها، الامر الذي يتسبب بتوتر بين الاهالي والسكان ولا يخدم العيش المشترك”.

ويشرح أن خطورة المسألة تتمثل في التسابق بين العلويين الذين تركوا أحياء طرابلس، والسنّة على شراء عقارات مجدليا وبناء المراكز الدينية بتسهيل من السماسرة”. ويؤكد أن المسألة لا تحتمل انجاز التغيير الديموغرافي للتحرك، بل إن من واجب الكنيسة المارونية المبادرة مع الخيرين، لأن تردد السياسيين وحساباتهم الخاصة ستؤدي الى ما لا يحمد عقباه”.

وطالب عدد من مخاتير المنطقة بتحرك الدولة لمواجهة عمليات “بيع الاراضي المشبوهة والاموال التي تنفق بسخاء مريب”، في رسالة وجّهوها الى قائمقام زغرتا بالتكليف أيمان الرافعي. وشددت الرسالة على “التصدي للتغيير الديموغرافي والسماسرة الذين يهددون الصيغة اللبنانية”، لكن القائمقام اكتفت بوضع اشارة على هذا الكتاب جاء فيها: “لإبلاغ بلديات زغرتا – اردة، مجدليا، علما، عشاش وقرية كفريا لأخذ العلم والحيطة”.

لكن أخذ العلم والحيطة لا يقنع الناشطين الذين يتهمون عدداً من القيادات من خارج زغرتا بتسهيل حصول الغرباء عن المنطقة على رخص يتم التحايل بموجبها على القانون لبناء ابنية لا تستوفي الشروط والمعايير الموضوعة بهدف استقدام المزيد من العائلات الى المنطقة من خارج نسيجها الاجتماعي، مما يؤدي الى التغيير الديموغرافي البطيء والهادئ الذي يضرب مبدأ احترام التنوع في الوحدة وتعددية المجتمع اللبناني (…)”.