طارق الحميد/ كامب ديفيد.. الخليج أم إيران؟//مشاري الذايدي/من يقنع من في كامب ديفيد؟

335

 كامب ديفيد.. الخليج أم إيران؟
طارق الحميد/الشرق الأوسط/13 أيار/15

مع الاستعدادات التحضيرية لقمة كامب ديفيد، المرتقب انعقادها بين الرئيس الأميركي وقيادات دول مجلس التعاون الخليجي، يتركز الاهتمام، عربيا ودوليا، على ما يريده الخليجيون من أميركا، وما يمكن أن يقدمه لهم الرئيس أوباما.

والسؤال هنا: هل هذه القمة المرتقبة هي لمناقشة أوضاع دول الخليج، واحتياجاتها العسكرية، وخلافه.. أم هو اجتماع لمناقشة التفاصيل الأخيرة للمفاوضات الأميركية الغربية الإيرانية حول ملف إيران النووي، وما سيترتب عليها؟ وبالطبع فليس المقصود هنا مناقشة التغطية الصحافية، بل مناقشة تصريحات بعض المسؤولين الخليجيين، خصوصا أن الحديث منصب الآن حول إمكانية توقيع اتفاقية أمنية خليجية أميركية، وهو الأمر الصعب توقع إنجازه. وعليه فإن السؤال هو: لماذا التركيز على دول الخليج، وما تريده، بينما لا حديث عن التحفظات الخليجية على فحوى الاتفاق الأميركي الغربي مع إيران؟

مثلا، من الأمور المقلقة في الاتفاق النووي مع إيران مسألة رفع العقوبات الاقتصادية، ورفع الحظر عن الأموال الإيرانية المجمدة في أميركا، والغرب، والتي تقدر بمئات المليارات، فما الذي ستفعله إيران بهذه الأموال فور تَسلُّمها؟ هل تصرف لتحسين الاقتصاد الإيراني، أم أنها ستصرف لاستهداف استقرار المنطقة وأمنها، حيث يتم دعم حزب الله، وبشار الأسد، والحوثيين، والميليشيات الشيعية في العراق، وبعض الجماعات المحسوبة على إيران في الخليج؟ تاريخ إيران يقول إنها ستصرف الأموال بلا تردد لإتمام مشروع نفوذها بالمنطقة، وزعزعة استقرار دول الخليج، والقصة ليست قصة تاريخ وحسب، فبالأمس نشرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» خبرا عن شراء إيران لتسع طائرات من خلال استغلال جهة عراقية للتحايل على الحظر المفروض عليها، والهدف من شراء تلك الطائرات، بحسب ما نشر، هو نقل الأسلحة إلى سوريا واليمن! فكيف يمكن تصديق إيران، المحاصرة الآن اقتصاديا، وتفعل ما تفعله بالمنطقة، بعد أن ترفع عنها العقوبات ويتم تسليمها مليارات الدولارات؟

هذه نقطة واحدة، وهناك نقاط أكثر، يفترض أن يتنبه لها الخليجيون، وكل معني بعدم تمكين إيران من إكمال مشروعها التخريبي بالمنطقة. يقول لي مطلع على تفاصيل ما يتعلق بإيران في الأعوام العشرة الأخيرة إنه من الأجدى أن يسعى الخليجيون لإقناع الأميركيين في كامب ديفيد، وكذلك القوى الغربية، بضرورة أن يشتمل الاتفاق النووي مع إيران على بند يؤكد ضرورة إيداع الأموال التي ستسلم لإيران في البنك المركزي، وتحت رقابة دولية صارمة مثل الرقابة المطالب بها على المنشآت النووية، وهذا أمر يستحق السعي له في كامب ديفيد. والأمر لا يقف عند هذا الحد، بل يجب أن تكون هناك مطالبات خليجية بألا يكون هناك اتفاق مع إيران في الوقت الذي تقوم فيه بعمليات تخريبية بالمنطقة، سواء بسوريا أو العراق واليمن، وهذا مطلب لا يتم فقط بالمفاوضات في كامب ديفيد، بل ومن خلال أفعال على الأرض، لا تعني الحرب بالضرورة، وإنما التحرك الفعال، وبطرق مختلفة، بالعراق وسوريا، ومواصلة العمل في اليمن، وعلى محاور عدة، وبراغماتية سياسية!

من يقنع من في كامب ديفيد؟
مشاري الذايدي/الشرق الأوسط/13 أيار/15

جزى الله الشدائدَ كل خيرٍ عرفتُ بها عدوي من صديقي، هكذا قال الشاعر، وأميركا ليست عدوًا، ولكن الشدائد تفيد أيضا في معرفة الذات، وقدراتها، واختبار حدود القوة والضعف، وامتحان المشاعر المركون لها، ومتانة التحالفات. بسبب الرؤية الأميركية الأوبامية الانسحابية في منطقة الشرق الأوسط، وجدت السعودية ودول الخليج ومصر والأردن والمغرب، نفسها مجبرة على التعامل مع التحديات الأمنية والسياسية بقوتها الخاصة، فنجحت في بناء تحالف عربي مميز، وكان تجليه في مجابهة الخطر الإيراني في اليمن. هذا التحالف العربي مرشح للتكرار في أزمات أخرى في العالم العربي، مثل سوريا والعراق وليبيا، في نهاية الأمر هذه مشكلات عربية عربية، قبل كونها مشكلات دولية. قادة الخليج الآن في كامب ديفيد، للحوار مع إدارة أوباما حول ترتيبات المنطقة العربية قاطبة، وليس حول النووي الإيراني فقط، فنووي إيران هو عنوان للمشكلة وليس كل المشكلة ولا جوهرها. إيران، دون نووي، هي المشكلة، ومع النووي تتضاعف المشكلة، فالخطر الحقيقي الذي تمثله إيران على دول الخليج وبقية الدول العربية، هو في طبيعة النظام الخميني التخريبي التآمري المستبيح لحرمات الدول، العاشق لبناء شبكات التخريب المؤدلجة مثل حزب الله في لبنان، وعصائب الحق بالعراق وأنصار الله باليمن، الجماعة الحوثية. مشكلة إيران مع دول الخليج هي في طبيعة سياساتها، وليس في النووي، كما قد تشي به المقاربة الأميركية للأمر. العنوان الأساسي لمؤتمر كامب ديفيد هو شرح السياسة الأميركية تجاه إيران، وطبيعة الضمانات المأخوذة لمنع إيران من الوصول للسلاح النووي، الرئيس أوباما تغمره الثقة حول صحة سياسته هذه بشكل حماسي، وعنده استعداد للقتال حول صحته سياسته هذه. دول الخليج لا تشاطره هذه الحماسة، ولكنها في نفس الوقت لا تغلق باب السياسة، فإيران في النهاية، هي الجارة الباقية وليست أميركا، والوصول لتفاهم خليجي عربي مع إيران، هو جائزة نهاية الطريق، لكن ليس على حساب أمن ومصالح دول الخليج والعرب قاطبة. من حسن الطالع، وحسن التدبير، أن يعقد هذا اللقاء، وطائرات وجيوش التحالف العربي تفرض كلمتها على إيران في اليمن، ونرى أيضا نكسات خطيرة يتعرض لها نظام الأسد في سوريا، وحليفه الإيراني حزب الله اللبناني. ما سيتفق عليه بكامب ديفيد، سيقرر جانبا كبيرا من مستقبل هذه المنطقة، وزير الخارجية السعودي قال في لقاء صحافي تمهيدي لكامب ديفيد حول كيفية الحوار مع الأميركان بخصوص المخاطر الإيرانية: «لدينا بعض الأفكار التي سنقدمها، وأنا متأكد أن الإدارة الأميركية لديها أيضا بعض الأفكار التي ستقدمها». الرئيس أوباما استبق اللقاء باتصال هاتفي مع الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي أناب ولي عهده برئاسة الوفد السعودي، حول نقاط الحوار، وكانت مجابهة مخاطر إيران حاضرة. ما زالت أميركا هي الحليف الدولي الرئيسي، ولكن لا بأس بقليل من الوضوح حول الالتزام، الأميركي، بمقتضيات هذا التحالف الخليجي الأميركي. لقاء له ما بعده.