محمد عبد الحميد بيضون: غياب الحريري والمشروع الوطني أضعف “14 آذار”… وبري أطاح أكثريتها

364

محمد عبد الحميد بيضون: غياب الحريري والمشروع الوطني أضعف “14 آذار”… وبري أطاح أكثريتها
مي عبود أبي عقل/النهار/13 آذار 2015

محمد عبد الحميد بيضون، وزير سابق وسياسي مستقل، كان السبّاق في طرح فكرة انشاء “المجلس الوطني”. التحالف الرباعي الانتخابي ادى الى تهميشه مع عدد من القوى والمفكرين والمثقفين الشيعة الذين كانوا يسيرون في خط مواز لـ”لقاء قرنة شهوان”، وشكلوا، مع آخرين، الجناح المسلم للحركة السيادية التي أدت الى “لقاء البريستول” الممهد لقوى 14 آذار. معه نقوّم عشر سنوات من تجربة هذا الفريق.

يعتبر الدكتور بيضون ان المشكلة التي تعانيها “قوى 14 آذار” انها بدأت ظاهرة وطنية عابرة للطوائف والمذاهب، وفي المرحلة الحالية كل فريق من مكوناتها يتصرف وحده، مع حد ادنى من التنسيق في ما بينهم. واللبنانيون غير مرتاحين في رأي ه إلى مشهد الحوار بين ثلاثة سنّة عن “المستقبل” وثلاثة شيعة عن “حزب الله”، ويجب ان تشارك فيه كل مكونات “14 آذار” لكي يكون له معنى، ولا يحصر دور “المستقبل” في الطائفة السنية، “لأن رفيق الحريري ظاهرة وطنية وليس مذهبية ” معتبرا ان “اكبر عمل قام به نبيه بري و”حزب الله” في المرحلة الماضية هو محاصرة سعد الحريري وتياره، ليكونا فقط ممثلين للسنة وحدهم وليس على مستوى الوطن”.

يلوم بيضون ” 14 آذار” لأنها كان يجب ان تضع لنفسها برنامجاً وطنياً، وهو موجود عملياً وقد وضعه رفيق الحريري، كان يمكن ان يتبنوه ويعملوا عليه بعقل واحد، ولا يكونوا متفرقين ويقعوا في مزايدات لم تؤدّ الا الى التفتيت”.

يشير بيضون الى “مشكلتين كبيرتين لدى هذه القوى نتيجة الضغط الميليشيوي عليها:

الاولى اضطرار الحريري الى البقاء خارج لبنان، مما يضعف القدرة القيادية لكل 14 آذار، فأي حركة سياسية يجب ان تكون حاضرة ومتفاعلة مع جمهورها والتواصل قائم بينها وبينه.

والثانية وقوع بقية اركان 14 آذار، بدءاً من الدكتور سمير جعجع وحتى الوزير بطرس حرب، تحت ارهاب الاغتيال وارهاب السلاح، فبات يصعب عليهم القيام بتحرك والاتصال بجمهورهم، مما يضعف القدرة القيادية في الاجمال”.

لا تفوت بيضون الاشارة الى نجاح 14 آذار في أربعة امور:

1 – التخلص من الوصاية السورية.

2 – اعادة الثقة بلبنان. فبفعل ممارسات الوصاية السورية واستباحة “الحرس الثوري الايراني” ضعفت الثقة بلبنان عربيا، واستطاعت 14 آذار ان تستعيد هذه الثقة، حتى لو كان “حزب الله” يجهد لعزل لبنان عن الخليج. واحدى الترجمات لهذه الثقة الهبتان السعوديتان للجيش اللبناني، وهذه ثقة بـ 14 آذار وبقدرتها على حماية الدولة اللبنانية.

3 – قيام المحكمة الدولية.

4 – حد ادنى من المحافظة على المؤسسات، فيما تجربة حكومة اللون الواحد التي شكّلها “حزب الله” أوصلت البلاد، خلال اقل من سنتين، الى انهيار شامل اقتصادي وفوضى عارمة في المؤسسات وانتشار بلد المهربين وتجار السلاح… “حزب الله” وحلفاؤه لم يتمكنوا خلال سنتين من القيام باي خطوة ايجابية لوقف التدهور، بل عززوه. هذه المقارنة تظهر اهمية 14 آذار التي تقدم حدا ادنى من حماية مشروع الدولة ومؤسساتها”.

يوافق الدكتور بيضون من يتحدثون عن تنازلات قدمتها 14 آذار: “منذ 2005، عوض ان تحاصر الحركة السيادية رموز الوصاية فتحت الباب لتحاصرها هي. كان الخطأ الاول مزدوجا: اولا اعتبروا ان طابع “حزب الله” اللبناني سيتغلب على طابعه الاقليمي، لذلك اقاموا معه تحالفا انتخابيا وكان هذا خطأ كبيرا. الخطأ الآخر الكبير والمرتبط به هو انتخاب نبيه بري رئيسا للمجلس النيابي. ليس هناك في العالم اكثرية نيابية تنتخب خصمها رئيساً للمجلس، وبري استعمل مجلس النواب ليشلهم بعدما كان مجلس النواب الأداة الأهم لدى 14 آذار لأنها الأكثرية، وفي نظامنا السياسي مجلس النواب هو المؤسسة الام والتي يمكنها اجراء تغيير، انتخابهم لبري منع أي تغيير وأي اصلاح، وعمل على شل الاكثرية وظهر كأن لا وجود لأكثرية. والخطأ الذي نشأ عن هذا الامر انه بمجرد دعوة بري الى حوار خارج المجلس عام 2006 لبوا الدعوة مباشرة، وهذا يعني انهم اعتبروا انهم لم يعودوا اكثرية في المجلس، وصاروا يجلسون مع الآخرين الى الطاولة نفسها، ويتكلمون كممثلين للطوائف وليس كممثلين للشعب في نظام ديموقراطي. هذه اخطاء المرحلة الاولى.

أما أبرز أخطاء ما بعد 2009 فهي أنهم وثقوا ببري واعادوا انتخابه رئيسا بعد التجارب المرة معه، ولم يضغطوا ولم يحضِّروا أي اطار ضغط ملائم على “حزب الله” من أجل لملمة مظاهره الميليشيوية. حزب الله من 2009 حتى اليوم لم يشعر بأن هناك جهة داخلية تضغط عليه، ليس لتسليم سلاحه، بل على الاقل للملمته”.

ويعيب بيضون على 14 آذار “تغييبهم للمشروع الوطني، ومما جعل المكوّن الشيعي يغيب عنهم، لانهم لا يستطيعون الكلام مع المكوّن الشيعي بالمذهبية، بل بالوطنية. لم يعتنوا ابدا باجتذاب القاعدة الشيعية غير المؤيدة لـ”حزب الله”، وهي كبيرة، من خلال مشروع وطني. ولم يطرحوا المشروع الاصلاحي، وقد سبق ان وضعه رفيق الحريري وهو موجود في جوارير مجلس النواب، وهو المشروع الذي يجذب ليس القاعدة الشيعية وحدها بل الجميع. كذلك تركوا “حزب الله” يجرّهم ليقبلوا بالممارسات الميليشيوية، وأكبر خطأ هو قبولهم بالممارسات الميليشيوية على حساب مؤسسات الدولة، وخصوصا الجيش والدولة والامن العام”.