داود البصري/النظام السوري يتآكل من الداخل

263

النظام السوري يتآكل من الداخل
داود البصري/السياسة/28 شباط/15

 بعد أربعة أعوام من الثورة والحرب الأهلية الطاحنة التي أحرق فيها النظام السوري المدن السورية, ومارس حرب إبادة بشرية غير مسبوقة في تاريخ سورية والمنطقة المعاصر, وأقترف من الجرائم البشعة والشنيعة ما سيظل رمزا شاخصا على همجية وعدوانية ووحشية النظام, كيف يبدوالوضع الداخلي لذلك النظام؟ وما حدود صلابته وتماسكه, وقدراته العسكرية واللوجستية؟ وهوالنظام الذي كان يتباهى ويتفاخر بكونه الذي يبني جيشا للصمود والتصدي والتوازن الستراتيجي مع إسرائيل! فإذا في حقيقته تظهر حين مارس أقصى درجات العنف والإبادة ضد شعبه مستعملا شتى أنواع الأسلحة والطائرات والصواريخ والبراميل القذرة! وناشرا الرعب والموت والدمار في حواضر سورية الحضارية والتاريخية وموقعا مئات الآلاف من الإصابات في صفوف الشعب سواء من خلال الهجوم العسكري المباشر أوحملات الإعدام والتعذيب المخابراتية التي وقف العالم مشدوها أمام هولها وبشاعتها وتفردها في إرهاب الدولة الإجرامي. لقد تعرض الشعب السوري الثائر لحرب إبادة ممنهجة, ومارس النظام ضد الثورة السلمية الشعبية في أشهرها الأولى حربا تشويهية استخبارية لتشويه سمعتها وتوجهاتها من خلال وصمها بالإرهاب لتسهيل ضربها من الداخل وإجهاض أهدافها وقيمها التحررية بإعتبارها حركة شعب من حقه التخلص من قيود الاستبعاد والإرهاب والديكتاتورية وحكم فروع المخابرات, وقد تحققت للنظام أهدافه القذرة بفعل آلته الإستخبارية المسلطة على رؤوس السوريين وتكتل حلفائه الداخليين والإقليميين معه في جبهة واحدة وفتحهم الحرب المفتوحة على الشعب السوري كما فعل الحليف الروسي, وهو يمد النظام بالسلاح القاتل, وكما فعل الحليف الإيراني الذي دخل الحرب بكامل جاهزيته وتوثبه معتبرا حماية أمن النظام السوري بمثابة خط أحمر للأمن الإيراني ومعتبرا دمشق بمثابة خط الدفاع الأول عن تخوم طهران, حتى تطور التدخل الإيراني من إستعمال الميليشيات الطائفية, العراقية واللبنانية, وصولا الى تورط عسكري كامل لجهاز الحرس الثوري في إدارة المعارك العسكرية في جنوب وشمال سورية هذا غير الدعم الاقتصادي المفتوح, وما مباهاة قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال جعفري بكونهم هم سبب صمود النظام كل هذه السنوات إلا دليل موثق على حجم وطبيعة الدعم الإيراني.

إلا أن مواقف التحالف المؤيد للنظام ليست هي وصفة البقاء الوحيدة, فتكتل وصلابة المنظومة الأمنية والعناصر القيادية من الضباط تظل عنصرا بارزا ومباشرا في إستمرارية الزخم العسكري للنظام إلا أن هذه القاعدة الذهبية قد بدأت بالتآكل منذ أن دب الصراع بين قادة النظام العسكريين, وتحولهم لحالة إستنزاف داخلي مريعة بعد وصول النظام الى حافة اليأس الموذن بالزوال, ولعل ماحصل للضابط الاستخباري الرفيع رستم غزالة مدير الأمن, السياسي وإعتقاله وتعذيبه من قبل مخابرات الجوية بعد معارك درعا الأخيرة واشاعة إصابته في معاركها هو دليل على كون النظام بدا يأكل نفسه تدريجيا, فغزالة ليس مجرد ضابط مخابرات عادي, بل هو من ضمن الحلقة الذهبية التي تمتلك أسرارا مهمة عن ملفات إرهاب النظام السوري في لبنان ودول المنطقة, فقد كان رئيسا لجهاز الإستخبارات السورية في لبنان بعد غازي كنعان الذي تمت تصفيته سابقا في دمشق, رغم كونه كان يشغل منصب وزير الداخلية بدعوى الانتحار, والنظام وهو يوشك على الرحيل وباعتباره نظاما مافيوزيا محضا لايمتلك من وسيلة سوى القتل وطمس الملفات وإخفاء وقبر ما يمكن إخفاءه لكي لا تفضح الأمور دفعة واحدة. مصير رستم غزالة وتعذيبه وإشرافه على الموت يرسم الخطوط الحقيقية لأنظمة الرعب والموت التي تتآكل من الداخل رغم الدعم, الدولي والإقليمي, الذي قد يطيل في عمر النظام لآجال معينة, ولكنه ليس العنصر الحاسم في ديمومته واستمراريته, النظام يتآكل من الداخل وينزف بغزارة في ظل تهاوي قدراته العسكرية وخواء نفسية عناصره واضطراره التام للاعتماد على الجيوش الرديفة الحليفة كالميليشيات الطائفية والحرس الثوري الإيراني في إدامة وجوده, وهي حالة لن تستمر للأبد في ضوء تصاعد الثورة وتقدم الثوار ميدانيا, واكتساب مواقع جديدة للوثوب على دمشق في معركة “توحيد الراية” المقبلة التي ستشهد سقوط قلعة النظام سقوطا مدويا سيفاجأ العالم, فجر الحرية في الشام قد لاحت بشائره وإرهاصاته ومن استطاع النجاة من ضباط وقيادات النظام من التصفية الداخلية فإنه لن ينجوأبدا من عقاب الشعب الآتي ومن المحاكمات التي ستدخل التاريخ وستكشف الفظائع الرهيبة لنظام آل الأسد الإرهابي, الشعب السوري على موعد قريب جدا مع الحرية وجثث قيادات النظام المتساقطة في طريق الثورة هي الدليل الأنصع على مصداقية ما نقول. كاتب عراقي