علي حماده/مفاعيل التهدئة

298

مفاعيل “التهدئة”
علي حماده/النهار
19 شباط 2015

بعد خطابي كل من الرئيس سعد الحريري، والأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، لمس اللبنانيون مفاعيل قرار “التهدئة” الذي اتخذته القوتان الكبريان في لبنان، والذي انتج مناخاً مغايراً للمرحلة التي امتدت لأكثر من تسع سنوات الى أن دخل الطرفان في مسار “التهدئة” وفتح القنوات الخلفية بداية، ثم المباشرة، وذلك اثر اغتيال الوزير الشهيد محمد شطح. في الخطابين المشار إليهما، وقف الرجلان اللذان تواجها لأكثر من عشرة أعوام ولا يزالان خلف مواقفهما المبدئية، ولم يتزحزحا عنها. فلا الحريري تراجع عن شعاره “لبنان أولاً” وخيار الدولة، ولا نصرالله تراجع عن خياره الاقليمي داخلياً وخارجياً. لكن الجديد أنهما توافقا من خلال القنوات المفتوحة بينهما على تحييد الساحة اللبنانية الداخلية ما أمكن عن نيران المنطقة الملتهبة، وان اختلفا جذرياً على تعيين الاسباب والخلفيات والنتائج والمعالجات. كلاهما ربما أدرك أن المواجهة الداخلية بالسياسة مستمرة، لكن تركها من دون ضوابط في الشارع ومن دون معالجات يومية يمكن أن يستدرج الجميع الى نار الحرب الأهلية التي يعرف المخضرمون في لبنان كيف تبدأ، وقد لمسوا في السابق أن أحداً لا يعرف كيف تنتهي. هكذا بدأت الحرب اللبنانية عام 1975، وقد ظنّ كل فريق بالمداورة أنه حسم فيها الصراع المسلح، وانتهت بمئتي ألف قتيل وتدمير البلاد فوق رؤوس أصحابها.

يمكن الحديث مطولاً عن خيارات هذا وذاك. ويمكن كلاً من الفريقين الكبيرين في البلد رمي الفريق الآخر بكل الاتهامات حول خياراته، وسلوكياته انما تبين أن كلا الفريقين توصل بعد عشرة أعوام من المواجهة على كل المستويات الى نتيجة مفادها استحالة تحقيق طرف غلبة على الآخر. وبالرغم من أن السيد حسن نصرالله بالغ كثيراً في تخفيف وطأة الضربات التي يتلقاها الحزب في سوريا عبر دعوة معارضي تورطه في الدماء السورية الى الانضمام اليه في مسيرة القتل في سوريا. فقد بدا جلياً أنه متمسك بـ”التهدئة” الداخلية قدر الامكان. وهو يعرف قبل غيره أن دعوته هذه مردودة، وان الاستقلاليين لن يسلموا له بالتورط في قتل السوريين، وبالتأكيد لن يلتحقوا بهذا الخيار الذي لن يورث أصحابه سوى الاحقاد على مدى عقود مقبلة.

وفي حين أن سعد الحريري تمسك بمواقفه، معطوفة على “التهدئة”، فقد وصل ربما الى خلاصة مفادها أنه إذا أراد الطرف الآخر الانتحار فلن نلتحق به. فمن يرد تقديم أجساد المئات من أبناء بيئته الحاضنة قرابين على مذبح الاجندات الخارجية، فليفعل، ولنحافظ على البلد على قاعدة نحن لا نتفق، لكننا لن نتقاتل. أروع ما قيل غداة خطاب السيد حسن نصرالله هو قول وليد كمال جنبلاط: “ما دام هناك سوري واحد يقاتل النظام الارهابي لبشار الأسد، فأنا مع هذا السوري”… ونحن معه ومعك!