علي حماده/في ذكرى رفيق الحريري: حقائق

359

في ذكرى رفيق الحريري: حقائق
علي حماده/النهار
14 شباط 2015

اهم ما يقال في الذكرى العاشرة لاغتيال رفيق الحريري ورفاقه، هو التذكير بأن القاتل معروف، وبأن كل النيات المخلصة لتجنيب البلاد مزيداً من الخضات، والمواجهات المدمرة، لا يمكن ان تثني الاستقلاليين عن مواصلة حماية مسار المحكمة الخاصة بلبنان الناظرة في جريمة اغتيال رفيق الحريري. وبناء على ما تقدم، فإن “الحوار” اي حوار مع “حزب الله” المتورط في قتل رئيس حكومة لبنان، لا يمكن ان يأتي على حساب تقديم القتلة الى العدالة لمحاسبتهم ومعاقبتهم، ايا كانوا.

نحن لا نشك لحظة في ان قرار اغتيال رفيق الحريري كان مشتركا بين طهران ودمشق بشار الاسد، وان التنفيذ وضع على عاتق ماكينة اغتيالات عاملة في صلب الجسم الامني – العسكري في “حزب الله”. ولا نشك لحظة في ان الحريري قتل لمنع انتقال لبنان من تحت سيطرة الوصاية السورية آنذاك، والايرانية لاحقا الى حالة استقلالية يكون فيها في موقع وسطي في صراع المحاور المستعر في المنطقة. لقد كان واضحا منذ اللحظات الاولى ان قرار الاغتيال أتى في سياقات المواجهة المحتدمة في المنطقة. وكان لا بد من شطب رجل تاريخي بقامة لبنانية – عربية – دولية كان يمكن ان يعيد خلط الاوراق داخليا ومن ثم خارجيا محاولا سحب لبنان من وظيفة الساحة، وصندوق البريد الاقليمي للانطلاق في مشروع بناء وطن حقيقي يكون محصنا بإرادة قواه الداخلية. من اجل هذا حاور الحريري “حزب الله” ممثلا بامينه العام السيد حسن نصرالله، محاولا بناء توافق استقلالي لبناني اسلامي مشترك لملاقاة المزاج الاستقلالي المسيحي. والحق ان الحريري لم يدرك يومها ان الجهة التي كان يحاورها ما كانت لتلاقيه في مشروعه لاجتراح عقد وطني لبناني داخلي استقلالي لكونها جزءا عضويا من ماكينة نظام امني خارجي يقدم الوظيفة المخابراتية الخارجية على كل مصلحة لبنانية داخلية. ظن الحريري ان الماكينة الامنية – العسكرية المؤدلجة يمكنها ان تتحرر من وظيفتها الخارجية، لكنه أخطأ.

في الذكرى السنوية العاشرة لاغتيال رفيق الحريري ورفاقه، يبقى الاساس اننا ما زلنا في قلب المواجهة مع القتلة في لبنان وخارجه. و”الحوار” الذي نشدد عليه لـ”التهدئة” لا يجوز ان يحرف انظارنا عن حقيقة ان الاستقلاليين يجلسون الى طاولة واحدة ليس مع قتلة رفيق الحريري فحسب، بل مع قتلة كوكبة من كبار القادة الاستقلاليين. فلا يجوز ان يتوهم احد من الجالسين الى طاولة “الحوار” ان من غدر برفيق الحريري لن يغدر به يوما ساعة تتغير الحسابات.

لا نسوق هذا الكلام للتحريض. على العكس من ذلك تماما، فنحن بهدوء، نعلن اننا نعرف من يقف قبالتنا في المواجهة. ونعلن في ذكرى اغتيال رفيق الحريري ورفاقه ان المواجهة مستمرة وان تخللتها مراحل “تهدئة”. فـ”الحوار” و”التهدئة” لن يحولا دون مواصلة الفريق الآخر مساره الموغل غرقا في دماء الاحرار في كل مكان، من لبنان الى العراق واليمن مرورا بسوريا.