عبدو شامي/كفاكم 10 سنوات اغتيالاً لرفيق الحريري

426

كفاكم 10 سنوات اغتيالاً لرفيق الحريري
عبدو شامي
14/2/2015

عقدٌ مرّ على اغتيال الرئيس رفيق الحريري؛ 2005-2015 لعلها أطول عشر سنوات في تاريخ لبنان الحديث لكثرة ما شابها من حوادث إرهابية، أيام سود تفجيرات اغتيالات غزوات حروب “زعرَنات” انقلابات… كلها مثّلت نكسات ونكبات للفريق الاستقلالي فيما صنّفها الإرهابيون انتصارات إلهية وأيامًا مجيدة. غير أن الحزب الإرهابي إذا كان اغتال الحريري الأب بالأمر الإيراني-الأسدي المشترك مَرّة، فإن الحقيقة المُرّة تفيد أن الحريري الابن اغتال أباه أو لنقُل “ثورة الأرز” -تلطيفًا للعبارة- بالأمر الملَكي السعودي ألف مَرّة، وبدلاً من أن تكون جريمة العصر محطة مفصلية تنقل لبنان من مرحلة الاحتلال السوري الى مرحلة الاستقلال اللبناني، تحوّلت بفضل تلك الاغتيالات الحريرية الى مجرّد نقطة عبور وتسلُّم وتسليم بين احتلالَين، الاحتلال البعثي الأسدي والاحتلال الإيراني المستمر الى يومنا هذا.

بدأ مسلسل اغتيالات “الحريري” الأب بعد أن قرّر تياره التحالف مع حلفاء وأزلام النظام السوري الذي توجهت إليه أصابع الاتهام في الجريمة أولاً، فكان “الحلف الرباعي” في انتخابات 2005 النيابية. عام 2007 اغتيلت “ثورة الأرز” بتخلي “سعد الحريري” عن مرشحَي 14آذار للرئاسة لمصلحة “ميشال سليمان” الذي كان أول من طرح اسمه “نبيه بري”. عام 2008 اغتيلت الثورة بالتوقيع على اتفاق الدوحة المخالف للدستور. عام 2009 بعد الفوز التاريخي بالانتخابات النيابية اغتيلت الثورة وجرى الانقلاب على ناخبيها بمسارعة “الحريري” الى المطالبة بحكومة ما يسمى “وحدة وطنية”؛ ثم اغتيلت الثورة ثانية بتصويت الحريري لـ”نبيه بري” رئيسًا للبرلمان؛ وفي العام الأسود نفسه اغتال “سعد” الثورة ثالثة بإقراره ثلاثية العُهر في البيان الوزاري لحكومته، ذلك قبل أن يُتوِّج الابن عامه الأسود باغتيال من العيار الثقيل تبلور بزيارة ودّية حميمية لـ”بشار الأسد” والنوم في قصره. عام 2010 اغتيل الحريري مجددًا باعتراف ولده بوجود شهود زور في التحقيق الدولي ثم باعتذاره من سوريا لاتهامه إياها باغتيال والده، ولا ننسى مأدبات السحور الدمشقية والتجول بسيارة الأسد في شوارع الشامعملاً بالأوامر الملكية وكارثة الـ س.س.

عام 2012 اغتيلت الثورة عبر تلذُّذ المستقبل في تلقي اللدغات من الجحر الواحد عدة مرات فكانت المشاركة بجلسات حوار التقية مع الحزب الإرهابي التي انتهت باغتيال “وسام الحسن” وباعتبار الحزب “إعلان بعبدا” حبرًا على ورق. عام 2013 اغتيلت الثورة من خلال فشل أفرقائها في الاتفاق على قانون انتخاب فكان التمديد الأول لمجلس النواب؛ وكان التواطؤ على تجديد التمديد عام 2014 فجرى إحراج “القوات” وذُبحت الديمقراطية. عام 2014 أيضا اغتيلت الثورة عبر انقلاب الحريري على تعهداته فوافق على حكومة ائتلافية مع الحزب الإرهابي على دماء “محمد شطح”، غطى إرهاب الحزب في سوريا كما احتلاله لبنان ولعِب دور الصحوات القذر بشخص “مشنوقه” الذي أشرك الحزب الإرهابي في اجتماع قادة الأجهزة الأمنية وما لبث أن تحوّل صقرًا ينطلق من ساعد الحزب الآمِر للانقضاض على طرائده في البيئة السنية تحت مسمى تنفيذ “الخطط الأمنية”. تلاشت لذّة لدغة الحوار الأخيرة فسارع “المستقبل” الى إنهاء العام 2014 بتدشين حوار دجل جديد تمخّض حتى الآن عن فضيحة إزالة الصور والشعارات الدينية والحزبية باستثناء تلك الموجودة في مناطق الحزب، وحجة “المشنوق” الاستغبائية أن صورها كسلاحها تابع للاستراتيجية الدفاعية!

بغير تسمية الأشياء بأسمائها، وبغير وضع الأصبع على الجرح، وبغير الصراحة ولو كانت جارحة أحيانًا، وبغير الجرأة في قول الحق… لا أمل في الوصول الى أي تغيير في الوضع الكارثي لقوى 14 آذار، فالمجاملات التي نرى قادتها يتبادلونها فيما بينهم لا تنفع، ونكران حقيقة أن لبنان واقع تحت نير الاحتلال الإيراني خيانة ومضيعة للوقت وترسيخ للاحتلال على حساب التضحيات ودماء الشهداء.

من هذا المنطلق واستنادًا الى كل ما تقدّم نسأل: أما آن لقوى 14آذار أن تتحوّل من “تخالف” الى “تحالف”؟ أما آن لتيار المستقبل أن يتحالف مع “القوات اللبنانية”؟ أما آن لسعد الحريري أن ينزع خنجره من ظهر 14آذاروظهر بيئته السنية؟ أما آن له أن يعود الى “لبنان أولاً” تاركًا تبعيّته لـ”السعودية أولاً” الوافقة وراء كل انقلاباته الفجائية وسياساته الانبطاحية والانهزامية؟ أما آن للقوى الاستقلالية أن تعيد هيكلة أمانتها العامة بما يحرّرها من هيمنة التيار الأزرق ويجعلها سيدة قرارها لا انفصام في الشخصية بين بياناتها وسلوك مكوِّناتها السياسية؟ أمانة عامة قادرة على وضع استراتيجية دفاعية لمقاومة سلمية سياسية حقيقية، مقاومة تتصدى للاحتلال الإيراني وصولاً الى تحرير لبنان من ولاية الفقيه الدموية والطائفية والإرهابية؟ كفاكم عشر سنوات اغتيالاً لرفيق الحريري، وكفاكم مثلها اغتيالاً لثورة الأرز وخذلانًا لأبنائها.