عبدو شامي/انصافًا لخالد ضاهر.. يلا عقبالكن

4879

انصافًا لخالد ضاهر.. يلا عقبالكن!
عبدو شامي
12 شباط/15

منذ ليل الأحد 8/2/2015 ولبنان منشغل بتصريح أدلى به النائب “خالد ضاهر” من “ساحة النور” في مدخل طرابلس فَهِمَه كثيرون عن سوء أو حُسن نية على أنه يطالب بإزالة شعارات المسيحيين وصلبانهم ورموزهم الدينية من مناطقهم.

بصراحة وموضوعية، وبغض النظر عما عاد وأوضحه وزير الداخلية من أنه لم يكن بصدد إزالة لفظ الجلالة “الله” من وسط الساحة، ودون الدخول في مسألة هل وضع الرموز الدينية على مداخل المدن مناسب أم لا، ثم بحكم متابعتي لمواقف هذا النائب ومعرفتي بخلفيته الدينية التي لم أجدها تخرج عن ما أعرفه من تعاليم الاعتدال الإسلامي خصوصًا لناحية احترام الطوائف الأخرى وآداب العيش المشترك… أقول بكل راحة ضمير: لم أجد في كلمة “الضاهر” أية إساءة الى المسيحيين، كل ما فعله هذا الرجل هو أنه استخدم طريقة في المحاججة والمناظرة تقوم على التمثيل والمُقايسة وصولاً الى إثبات تهافت وبطلان منطق الخصم أو بيان انحيازه.

عبارة “الضاهر”: “…إذا كانوا يريدون إزالتها فليبدأوا بتمثال يسوع الملك وصور القديسين”، إذا أردنا فهمها بموضوعية وعبر ربطها بسياقها لا نراها تحتمل إلا معنى واحدًا، فكأنه يقول: نصب لفظ الجلالة “الله” (رب الناس أجمعين) كما رايات “لا إله إلا الله محمد رسول الله” شهادتا الإسلام المرفوعة الى جانب النصب، هما رمزان دينيان لدى المسلمين، فإذا قرّرت الوزارة أنهما مشمولان في حملة إزالة الشعارات الدينية والسياسية، فصلبان المسيحيين وتماثيلهم هي أيضًا من الرموز الدينية، فإذا أزلتم هذه يعني أنكم ستزيلون تلك، وبما أنكم لم تفعلوا فهذا يعني أن قراركم جائر. فأين التطاول على المسيحيين في كلام “الضاهر” الذي دافع حتى عن رموزهم بمجرّد أنه ساوى حُرمة رموزه بحرمة رموزهم في قياسه؟!

المهم أن الدنيا قامت على “الضاهر” ولم تقعد، فما كان من الرجل إلا أن بادر الى عقد مؤتمر صحافي وضّح فيه كلمته الواضحة أصلاً، ولم يعتذر من المسيحيين لأنه في قرارة نفسه موقن أنه لم يُسِئ إليهم، وأعلن أنه لو كان أساء فعلاُ لاعتذر. كلام الضاهر لم يرُق لتيار المستقبل ولا للرئيس السنيورة الذي طالب “الضاهر” باعتذار علني واضح عما صدر منه؛ كرامة “الضاهر” وعزة نفسه وراحة ضميره منعته من الاستجابة لطلب “السنيورة” غير المبرر والمسيّر بـ”عقدة ذنب” جبانة، فكانت النتيجة العملية “طرد” “الضاهر” من كتلة “المستقبل” والتي جرى لها إخراج قيل إنه لائق بحق النائب وتمثّل بإعلانه تعليق عضويته في الكتلة.

فللمسيحيين كما للمسلمين، وبشكل عام لكل مؤمن بدين نقول: إذا لم تُستثَر عواطفكم ولم تغضبوا عند انتهاك حرمة مقدساتكم فأيقنوا أن إيمانكم سطحي وضعيف ولم يتجاوز ألسنتكم للاستقرار في قلوبكم، لكن قبل ذلك كله عليكم فَهم الكلام الذي وجدتم فيه للوهلة الأولى إساءة، ضعوه في سياقة واقرؤوه جيدًاعدة مرات فإذا ثبتت الإساءة عبّروا عن غيرتكم على مقدساتكم بالطرق القانونية المقبولة.

أما للنائب “خالد ضاهر” فنقول: أن تخرج من “تيار المستقبل متأخرًا خير لك من أن لا تخرج أبدًا”، فلست الأول الذي يتم إحراجه لإخراجه من هذا التيار بسبب تعبيره بكل صراحة وجرأة عن معاناة شارعه وبيئته، فعام 2011 تمّ إخراج الكاتب والصحفي “محمد سلام” على خلفية جملته الشهيرة في “يوم الغضب” ومن تلك الساحة الطرابلسية نفسها “المارد السني خرج من القمقم ولن يعود”. لكن أيها “الضاهر” اليوم في الاسم والفعل تأكّد أنك أنت و”محمد سلام” وأمثالكما مُزعجون جدًا بالنسبة للتيار لأنكم تعبّرون عن وجع بيئتكم بكل صراحة، فإذا أظهر الجيش انحيازه لم تسكتوا وإذا استهدِفت بيئتكم رفعتم الصوت، والأهم أن اعتدالكم هو الاعتدال الصحيح المبني على أسس دينية لا الاعتدال المزعوم الذي أثبت التاريخ منذ عام 2005 أنه انحلال. أرادوا المزايدة عليك في اعتدالك ليوهموا الناس أنهم الاعتدال الصحيح بل وليحافظوا على احتكارهم لهذا الشعار الزائف في البيئة السنية تمامًا كما يحتكر الحزب الإرهابي شعاره الزائف للمقاومة في البيئة الشيعية. الآمال معقودة عليك وعلى أمثالك من المعتدلين في قوى 14آذار لكسر أحادية المستقبل في الشارع السني وتأسيس تيار وطني يفتخر بإسلامه وبتحالفه مع المسيحيين الاستقلاليين تحت شعار “لبنان أولا” قولاً وفعلاً، تيار يحترم بيئته وعهوده ومواقفه، تيار غير مربوط بحبل تحرّكه دولة أجنبية من الخارج كيفما شاءت. تيار يعرف كيف يواجه الاحتلال الإيراني ولا ينبطح تحت قدميه.

خالد ضاهر هنيئا لك الخروج من تيار المستقبل؛ أما مَن سلّموا عقلهم لهذا التيار الذي أساء الى “ثورة الأرز” أكثر مما نفعها فنستعير عنوان الفيلم اللبناني الذي يُعرض اليوم في الصالات لنقول لهم: “يلا عقبالكن”!