بول شاوول/غَيّمتْ في القنيطرة وأَمطرتْ في مزارع شبعا

270

غَيّمتْ في القنيطرة وأَمطرتْ في مزارع شبعا
بول شاوول/المستقبل/31 كانون الثاني/15

من الأسئلة التي كانت تشغل البال، هل سيرد حزب الله على العدوان الاسرائيلي في القنيطرة الذي أدى إلى مقتل «جنرال « كبير في الحرس الثوري الإيراني، أم ان ايران هي التي ستتولى هذه المرة تصدُّر الجبهات الحربية، بجيوشها الجرارة وترسانتها المدججة بأحدث الأسلحة؟ فحزب الله خسر أحد كادراته الأساسية جهاد مغنية في العدوان. لكن إيران أيضاً تلقت صفعة كبيرة بمقتل أحد قيادييها العسكريين. لكن، على الرغم من هذا التساؤل فإن بعض الرموز الإيرانية كان سبق ان طمأن المتسائلين والمُقلقَلين: فعقِب مقتلة القنيطرة أكد الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني أن «التجربة اثبتت أن المقاومة سترد بقوة وحزم ثوري على الأعمال الإرهابية التي يقوم بها الكيان الصهيوني». ولم يُقصر القائد العام للحرس الثوري محمد علي جعفري في «عُلو» نبرته وتهديده اسرائيل «بعواصف مدمرة» لأن «استشهاد ابناء الأمة الاسلامية في القنيطرة يشكل مؤشراً على قرب انهيار الكيان الصهيوني». عال! طمأنتنا!

والسؤال الآخر المهم: أين سيكون الرد على اسرائيل؟ في الجولان؟ أم في القنيطرة ؟ أوروبا؟ أم في لبنان؟ ما دام تمّ اختيار حزب الله ليعيد الاعتبار… والبلبلة مردها: ما دام العدوان ارتكب على الأرض «السورية» فمن الطبيعي أن يرد الحزب من سوريا. باعتبار أن الجولان المحتل قريب جداً من مقاتليه. وقد سمعنا وقرأنا تصريحات عديدة من هنا وهناك، مفادها ان هناك احتمالاً في «الا يُورّط» الحزب لبنان في مزيد من الحروب، فتختار إيران ساحة أخرى له للثأر، خصوصاً ان حواراً قائماً بين «الحزب» و»المستقبل» لتنفيس «الاحتقان المذهبي».

لكن في النهاية «أوقعت» إيران «القُرعة» على لبنان: هنا من مزارع شبعا: دم الثأر. من هنا. الجواب الحاسم هنا. لا من القنيطرة. ولا أوروبا. ولا أميركا. من هذا البلد الذي أُبتلي منذ نصف قرن باختياره مكان الردود والرسائل… والقتل والغزو.ولم يخيب حزب الله «آمال» الشعب اللبناني الذي وجد نفسه بين مطرقة ايران وسندان العدوان الصهيوني وصولاً إلى داعش والنصرة. وضَرَبَ الحزب ضربة «الثأر»، والثأر جزء من مروءة «القبائل» وحمورابي: «العين بالعين والسن بالسن».. والثأر جزء من مروءة رد الشرف… والقيمة والكرامة…

لكن لم يكن هذه المرة ثأراً للبنان. ولا لفلسطين بل الثأر «الابوكاليبسي» الناجز لمقتل الجنرال الإيراني. وصَدَقَت الأحداس. والتنبؤات: بلاد الملالي لن تواجه (ولم) تواجه اسرائيل. فعندها حزبها ذو الإيمان المطلق بـ»ولاية الفقيه» وعندها جيشه (وهو من جنود النظام والحرس الثوري والباسيج وسليماني وجعفري وسائر «الجعافرة» والسلالمة!). وردَّد كثير من اللبنانيين فلتتجنب ايران الرد بنفسها لأنه اذا فعلت فقد تخرب المفاوضات حول النووي مع أميركا. وانها قد «تنشغل باسرائيل» عن محاربة الشعب السوري وردائفها «السُنة» وداعش. دفاعاً عن النظام السوري الذي صار جزءاً من وصاياتها العديدة، والمديدة. والسديدة! فكما ان معادلة «الشعب، الجيش، المقاومة» باتت أثراً خالداً في لبنان الأرز والشربين ومغارة جعيتا، فقد رُسخت اليوم في سوريا الأسد… فلنختره الرد المناسب، لمصالحنا، ونفوذنا واهدافنا فبلدان لبنان وسوريا في قبضة اسرائيل (الجولان) ودمشق وبعض المناطق. وبما ان الشعبين اللبناني والسوري يَغيبان فلنحلَّ محليهما. وبما ان سلاحنا بات يتفوق على سلاح الجيشين، فلنحل محلهما: هما الشعبان في هذين البلدين (ولا ننسى اليمن والعراق… وصولاً إلى البحرين والجزر العربية الثلاث) ونحن الاستعمار الجديد (بسحنة المقاومة) ونحن الاحتلال الجديد. فاسرائيل تحتل الجولان ونحن نحتل مناطق أوسع وأخصب (مثل داعش والنصرة) ويحق لنا الهيمنة على لبنان وسوريا… واليمن، كما هوّدت اسرائيل الجولان المحتل. (وما في حدا أحسن من حدا). وعندما أُريد للحزب أن يوجه «رده» الإيراني من الجنوب اللبناني ويقصف موكباً عسكرياً اسرائيلياً ويقتل اثنين أحدهما ضابط، انفرجت أسارير خامنئي، وانبسطت قسمات شمخاني، وزغرد رومل إيران الجعفري: انتصرت «الولاية» الإيرانية الثالثة عشرة (في لبنان) على العدو الذي كاد يمرغ رؤوسنا بالوحل، بقتله ضابطاً من ضباط حرسنا الثوري. فلتفهم اسرائيل (كما الشعب السوري) اننا «نظام» يرُّد ولا يُرتد. وها هم ابناؤنا حزب البررة (الذين ضحوا بأنفهسم وشبابهم خدمة لنا، وولاء لنا ووفاء لايمانهم بنا)، ينتقم لكرامتنا غير مبال لا بلبنان (وهو لبناننا) ولا بمزارع شبعا وهي مزارعنا ولا بأهل الجنوب (وهم رعايانا). لكن الحزب (كما أريد له) التزم «قواعد الاشتباك» وهذا رائع. وهي «قواعدنا» واشتباكاتنا وحساباتنا وعلى الشعب اللبناني (وهو جزء من المعادلة الثلاثية» وهي معادلتنا ان يشكرنا، لأننا ثأرنا ضمن قواعد الثأر (القبلية) والموضعية المحدودة وهذا مجاز. انتبهوا. لا نريد حرباً، شبيهة بـ2006 . لا! فمواقعنا السياسية وعلاقاتنا مختلفة: ولا تنسوا اننا لا نريد تخريب المفاوضات النووية مع أميركا. فلتبق اذاً الحدود محدودة. ولا نريد أن يكون عندنا في الوقت الحاضر عدة جهات: في القنيطرة، ودمشق، ونحن «نحارب» الارهاب والتطرف) لا! فنترك تدمير الكيان الصهيوني إلى ما بعد. صحيح اننا قلنا، بعد العدوان على «شبابنا» المسلم، في القنيطرة، على لسان قائد الحرس الثوري جعفري نابوليون (الصحارى والمدن والانفاق) ان هذا الاعتداء يشكل مؤشراً آخر على قرب انهيار الكيان الصهيوني، لكن هذا الانهيار سنؤجل حدوثه ربما حتى «ظهور» علامات من السماء او من المعجزات ولن يضرنا، ان نكمل كرنفال الشعارات حول قرب نهاية اسرائيل: مثل «انها تلفظ انفاسها الأخيرة» و«ان تحرير القدس بات قريباً جداً كما وعد الإمام الخميني». فهذا كلام. كلام. كلام؟

[ فقاعات إيران

هذه هي أدبيات إيران الفكرية التي تنشرها في إعلامها كفقاعات رأينا مثيلاتها منذ 1947 وحتى اليوم. قالها أحد المسؤولين الفلسطينيين «سنرمي إسرائيل في البحر»، وردد مثلها أحد رؤساء الجمهورية السورية (الانقلابيين بالطبع): «إننا قادرون على سحق إسرائيل وإزالتها وهزم جيوشها بست ساعات!». وكانت النتيجة أن إسرائيل هزمت الجيوش العربية بستة أيام. التاريخ يُعيد نفسه بالكلام. وأحياناً بالزجل. وأحياناً بالخفة. والطيش. والوهم. وبدلاً من أن تحتل الأنظمة العربية إسرائيل، وتحرر فلسطين، احتلت بلدانها. وبدلاً من أن تحرر الشعب الفلسطيني المنكوب احتلت شعوب بلدانها. وبدلاً من أن تشن حروباً على «المنتهك» و»المغتصب» انتهكت أرضها، وناسها، واغتصبت إرادتهم. أوليس هذا ما تفعله إيران اليوم، على طريقة الأنظمة العربية الاستبدادية: بناة الجمهورية الإسلامية في السجن. الشعب الإيراني مقموع. الحريات مُستلبة. الكرامات مستباحة. الديموقراطية مغتصبة. كأنها، أي إيران، تريد أن توسّع مساحة احتلالها لشعبها وأرضها، باحتلال بلدان عربية. أكثر: كأنها ترفع شعار «الثورة الإسلامية» وتصديرها، بالقوة والاغتيال، لكي تبرّر استبدادها لشعبها، أو لتحوّل الأنظار عن مظالمها، أو لتستنبت عند شعبها مشاعر وهمية بالعظمة الإمبراطورية، والفخامة الاستعمارية: فلا فارق عندها بين أن «تحتل» سوريا، بعد انهيار النظام البعثي، واحتلال العراق عبر تحالفها مع أميركا، والهيمنة على اليمن بعد خيانة علي صالح لبلده، وبين أن تكون مُحتلة لبلدها: فالجنون واحد. والقتل واحد. والدم واحد. والمُعتقل واحد. والصراخ واحد. فعندها «المُرشد» الأعلى الذي حلّ محل الناس والتاريخ والجغرافيا. هو ينتخبهم، بدلاً من أن ينتخبوه. وهل يمكن أن تنتخب الشعوب «آلهتها». «آلهة الأرض» بالإذن من جبران خليل جبران! هي التي تصنع الشعوب. وتخلق الإنسان الجديد. فلتكن شيعية مرادفة للفارسية. وإسلام مرادف للديكتاتورية. والناس رعايا. أوليس هذا ما حدث في الاتحاد السوفياتي؟ مع لينين، وستالين، وفي ألمانيا مع هتلر، وفي إيطاليا مع موسوليني، وفي العراق مع صدام حسين (والمالكي عميلهم)، وحافظ الأسد، ومعمر القذافي، وبول بوت، وماو تسي تونغ. نعم! يصرح جماعة ولاية الفقيه فلنقلب المعادلة: إذا كان الديكتاتوريون الأيديولوجيون «قدسوا» الشعب ليلغوه، ويقتلوه باسمه، فلنحل «الله» محل «الشعب»: نقتل باسمه. ونسجن باسمه. ونعتدي على الآخرين باسمه. إنها معادلة ولاية الفقيه، والاخوان المسلمين في مصر، وداعش، والنصرة… وإسرائيل. التاريخ كان يُقمع من تحت وها هو يُقمع من فوق. الإنسان كان يستباح من «الأرض»، وها هو يُستباح من «السماء». فهؤلاء يملكون سلاح «العدالة» الأرضية، وكذلك مفاتيح السماء. ومن حقهم «الإلهي» ان يفتحوا سوبرماركت الجنات والجحيم كما يريدون، تماماً مثلما كانت تفعل المسيحية الانحطاطية في القرون الوسطى، ومحاكم التفتيش، وتماماً كما تفعل «اليهودية» (باسم شعب الله المختار) في فلسطين. وهذا «حزب الله المختار» في لبنان، يهتدي تلك «الطرق الغامضة» التي يرسمها «مرشد السماء والأرض»، يحمل مفاتيح السلاح الأرضي ليرهب اللبنانيين، ومفاتيح السماء، ليرسل «الاستشهاديين» (من أجل إيران)، والمقاتلين إلى الجنة والنعيم والآخرة وربما ما بعد الآخرة، والخلود… والأبدية.

2006
في 2006 غامر الحزب بخطف جنود إسرائيليين من داخل الخط الأزرق، وظن أنه هو الذي يحدد «قواعد» الاشتباك، لكنها أفلتت من يديه: وكان الخراب والدمار 3780 قتيلاً وجريحاً في لبنان مقابل 70 إسرائيلياً… قرّر الحرب، والقواعد، والصرف والنحو والضرب والطرح والفقه واللاهوت، باعتباره مرجعية احتلال فقهية وسياسية وعسكرية في لبنان فأحلّ نفسه محل الجمهورية برئيسها وناسها وحكومتها وجيشها. لا أحد عندنا هنا سواه في «إيران لاند» (نتذكر فتح لاند العرفاتية). و»اللاند» اللبنانية لم تكف عن أن تكون مشاعاً للخوارج، ولقوى التسلّط، والاستلاب، وأرضاً خصباً لاستباحة «القوى» الخارجية سيادة لبنان. لكن وسع الحزب «فتح لاند» إلى «لبنان لاند». فكل هذا «اللبنان» بلا قيمة رمزية ولا مادية. ولا مجازية ولا تاريخية ولا سكانية ولا جغرافية. هو مجرد جسور لعبوره. وقد كان للميليشيات «الرائدة» السابقة أن تعزّر هذه «اللاندات» التقسيمية: فصار عندنا لكل طائفة «لاندها» الكانتوني الخاص. ومرشدها الخاص. وديكتاتورها الخاص، حتى جاء الحزب، ووحد تلك «اللاندات» في تقسيماتها، وسهوبها، تحت شعار واحد «إيران لاند» أو «سوريا : إيران لاند» كما فعلت إسرائيل في احتلالها الجنوب «إسرائيل لاند» وفي احتلالها الجولان «الجولان لاند». إنها الوحدة التي أنتجت بديلها وشبيهها أي معادلة «الشعب والجيش والمقاومة» في ظل راية جماهيرية «إيران لاند»، بعدما انكفأ النظام السوري وتلاشى. ومن باب «الإيمان» التوسعي «الإلهي»، بات عندنا العراق «إيران لاند» وسوريا «إيران لاند» واليمن «إيران لاند»… والجزر العربية الثلاث «إيران لاند»… وصولاً إلى لبنان: وتكررت المعادلة «اللاندية»: الشعب المقموع، المضروب، والجيش المصادر، والمقاومة المغتصبة، وإيران الراعية. ومن الطبيعي مثلاً في هذه «اللاندات» المترامية أن تتنقل القوات الفارسية (الحرس الثوري، الباسيج…) بحرية على ارضها «المستعارة» فنجد أن ضباطاً إيرانيين مع لوازمهم وتوابعهم وموجوداتهم من حزب الله، وصلوا إلى القنيطرة، لفتح جبهة مع حليفتهم العزيزة إسرائيل (حليفتهم في العراق وفي سوريا ضد الثورة السورية). ومن الطبيعي أن تنتفض إيران لمقتل أحد ضباطها لأنه تم على «أرضها السيادية»، وحدودها الجغرافية في سوريا. ومن الطبيعي أن تهدد إسرائيل وتتوعّدها لأنها «انتهكت» «لاندها» في القنيطرة، ومن الطبيعي، أن تختار من سيرد على العدوان الإسرائيلي (الذي لم يطاول ولا مرة إيران، ولا إيران طاولت بنفسها إسرائيل)، ومن الطبيعي أن تنسب أي انتصار، أو أي شبه مخرج، إليها، من باب أن كل «دولة» تحصد «خيرات» و»دم» وأرواح وجهود وتضحيات ابنائها ورعاياها!

واللبنانيون؟
لكن أين اللبنانيون من كل هذا من باب «الشعور» الوطني، أو المشاركة في تحمل كوارث هذه الحروب، أو من باب المنتظرين على بوابة «صنّاع الحروب» على أرضهم؟ وهم يذكرون أنهم بعدما تحملوا عبء التهجير والقصف والدمار في تموز 2006، فقد اتهمهم مرشدو «إيران لاند» في لبنان بالخيانة. آووا المهجرين بقلوب كريمة، وكافأتهم ميليشيات «إيران لاند» في لبنان، بالعمالة. ثم وزعت مكرماتها عليهم بغزوة بيروت والجبل في 7 أيار… عال! لم يفعل شيئاً اللبنانيون، فحزب الملالي اللاندية يتحصّن وحده دون سواه «بثلاثية» الشعب (وهم خارج الشعب)، والجيش والمقاومة (ولم تعد مقاومتهم بل كابوسهم). وكابوسهم اليوم، ثأر من إسرائيل، لقتلها أحد ضباط اللبنانيين (أولياء أمره ونعمته) في القنيطرة، في الجنوب. غيّمت في الجولان وأمطرت في مزارع شعبا. أيديهم على قلوبهم. فهم يعرفون أن الحزب «سينتصر» إذا انهزم، وسيهدي «انتصاره» «أمه الحنون، الرؤوم». وحام شبح 2006: الخراب، الرعب، التهجير، القصف على اللبنانيين… لكن في أعماقهم وفي أصدائهم صرخوا «لمَ عندنا». «لِمَ في لبنان؟». وقبل رد الحزب توسّل بعض زعماء لبنان حزب الطلائع الفارسية أن يكون «الرد» حيث كان العدوان. لكن للطلائع المذهبية قائدها ومرشدها الخارجي، بيده الرد، وبيده «عصا» تحديد المكان، وفي مواقيته تحديد الزمان. «وهذا ما كان مما لست أذكره». عادت «حليمي لعادتها القديمي». المغامرة انفجرت. والثأر الجاهلي تحقق وقتل 7 إسرائيليين. ولأن في إسرائيل أحمق وأخرق ولصاً مجرماً ودموياً اسمه نتنياهو، فقد ازداد خوف اللبنانيين على لبنان الذي ما زال بلدهم رغم يافطة «إيران لاند». كيف سيرد هذا المجنون على الرد المستعار؟ فلنلتزم منازلنا. رفع نتنياهو عقيرته، وعلى الطريقة «العربية» همدَرَ وأرغى وصاح سنقتص من هذا العدوان علينا… لكن بعد ذلك تلاشت نبرته. وخضع للضغوط الأميركية وسواها، بـ»ضبط النفس». وضبط نتنياهو نفسه لأسباب أخرى؛ فهذا الأخرق المعتوه وقع ضحية حساباته الخاطئة: يقوم بعدوان على القنيطرة، فترتفع شعبيته قبل الانتخابات لأن حزب الله مشغول في سوريا. فالضربة مواتية. والردود قد تأتي ولا تأتي. لكن الرد الإيراني جاء سريعاً. ولأن حسابات الاخرق خاطئة منذ الأساس، ولأنه وجد أن فتح جبهة حرب شبيهة بـ2006 ستكون طويلة ومكلفة، مما قد يضعف شعبيته قبل الانتخابات… فقد اختار «قواعد الاشتباك» الذي وضعها حزب الله… وهمد وطلب من المستوطنين في شمال إسرائيل أن يغادروا الملاجئ ويعودوا إلى منازلهم ومدارسهم وأشغالهم.

هل انتهى قطوع المحتليِّن إيران وإسرائيل؟ لكنه «قطوع» مفتوح. وهل سيُبقي اللبنانيون أيديهم على قلوبهم كلما اختارت إيران بلادهم منصة لحروبها عبر حزبها المذهبي؟ وهل تبقى النقاش على الهوامش، ومن دون التطرق إلى جذور المسألة: أي سلاح الحزب الإيراني الكانتوني في لبنان، وإلى تفرد جمهورية الملالي بقراري الحرب والسلم في لبنان؟ وإلى الاستمرار في تدمير الدولة، والكيان، والجيش، والبرلمان والحكومة!
هل ستبقى أيدي اللبنانيين على قلوبهم (وعلى أفواههم وعيونهم) كلما اختيروا ليكونوا الأكباش على مذابح الدولة الفارسية!
أما آن الأوان لاستعادة هذا البلد؟ وإرادة شعبه؟
إلى متى ستبقى جماهيرية إيران لاند تطبّق على جمهورية الشعب اللبناني؟