سلام حرب/نصرالله يكمل فصول المسرحية اليوم…وحزب الله من نصر الى نصر إعلامي

259

نصرالله يكمل فصول المسرحية اليوم…وحزب الله من نصر الى نصر إعلامي
٣٠ كانون الثاني ٢٠١٥/موقع 14 آذار/سلام حرب

اليوم يستطيع حزب الله أن يتفرّغ من جديد لحربه ضد السوريين بعد أن اكتملت المسرحية العابرة للحدود أثر الهجمة سريعة التي نفذها في مزارع شبعا المحتلة. الممثلين الإثنين المعنيين بالدورين الرئيسيين انتهيا من آداء الأدوار بعد مرور فصلين من المسرحية: اسرائيل نفّذت وعدها بحماية “مواطنيها” مما يترصدهم من خطر كامن وراء الحدود المزعومة، ما قد يؤمن ربما ولاية جديدة لرئيس وزرائهم. بالمقابل، قام الحزب بما عليه في الفصل الثاني حين نفّذ وعيده من خلال هجمة “نوعية” من حيث المكان والزمان، أمّنت له خروجاً نظيفاً من مأزق الفصل الأول. ويبقى الفصل الأخير للمسرحية بانتظار أن يختمه “سيد المقاومة” اليوم كما هو متوقع، قبل أن يعود إلى “واجبه الجهادي” على ربى حلب وفي ضواحي حمص وصولاً الى بوادي دير الزور شرقاً وحتى ديالى العراقية!

تحرير مزارع شبعا، التي نسيها الحزب منذ سنوات وأنساها لجمهوره، هي قضية باتت أبعد وأقل أهمية مقارنة بالقصير ورنكوس والقلمون والزاهرة ونبل السورية. فقد ضمنت مجريات الأزمة السورية عمراً مديداً آخر لسلاح الحزب حين أوجدت له علّة إضافية لما يسمى “المقاومة”. فقد ضخّم الحزب ما سماهم بالتكفيريين الإرهابيين بعد ان استجلبهم من وراء الحدود، حيث باتت شبعا العذر الثانوي لحمل هذا السلاح. لكن يبقى لمزارع شبعا فائدتها لمحور الممانعة دون شك؛ فحزب الله لا يريد بتاتاً اي شكل من أشكال فك الإرتباط مع الإسرائيلي بل الحفاظ على واقع ربط للنزاع بامتياز، حيث تتيح له هذه المنطقة المتنازع عليها أن تكون كوة للتنفيس عن أي مأزق قد يقع فيه أمام جمهوره، وربما أداة لاستنهاض الهمم والمعنويات.

لكن مقابل هذه المسرحية أعلاه، كان أمل الجمهور الحزبلاوي كبيراً، في ظلّ الحقن الإعلامي الذي تلقاه ومازال، بأن يحقق الحزب “الضربة الموجعة” للعدو والتي وعدوا بها. وإذا ما تمت مقارنة ما حصل بعملية خطف الجنود في العام 2000 أو بعملية خلة ورد في تموز 2006، فإنّ “التواضع” هو لا شك الصفة التي يمكن أن يحملها هجوم شبعا، وهذا ما لم يخف على أحد. وآزاء هذا الواقع، يبدو أنّ سيكولوجية هذا الجمهور تأبّى التخلي عن الأسطورة التي رسمها لهم أبواق الممانعة طوال الأيام العشرة التي تلت غارة القنيطرة.

الماكينة الإعلامية للحزب دأبت على نشر فكرة أن يخاف العدو مما هو قادم وعلى ضرورة ترقب الجمهور للنصر “المهول” الذي سيلقن اسرائيل درساً لن تنساه، وفق خلاصة ما ضخه إعلام الممانعة طوال الأيام العشرة. التلاعب بعواطف وآمال الجمهور كان هدفاً للحزب أيضاً من خلال مخاطبة لاوعيهم، بأنّ جبهة أخرى في الجولان ستفتح قريباً. غير أن الواقع عاد ليثبت من جديد كيف أنّ الصواريخ اليتيمة التي انطلقت يوم الإثنين من سوريا الى الجولان المحتل، والتي لم تتعد عدد أصابع اليد الواحدة، صورت على أنها عملية خطيرة أدت الى مقتل جنرالات وضباط من جيش الإحتلال.

وفي يوم الأربعاء أطلق الإعلام الممانع نبؤاته حول “عشرات القتلى” للعدو، وحتى أن أحدهم جزم بوجود أسرى لدى الحزب. هذا الإعلام الذي صنع الكذبة وصدقها، بات هو من يحدد الإصابات، وعدد قتلى العدو، ويستبق الأحداث والحقائق. المبالغة بعملية الحزب وتضخيمها كان مفتعلاً ولا يعكس الحقيقة أبداً خصوصاً أن من قام بالعملية كما ادعى الحزب هم خمسة عناصر، اطلقوا صواريخ الكورنيت، ومن ثم أمّنت لهم المدفعية الغطاء للانسحاب.

هذا الواقع الذي شكل فضيحة مجلجلة للإعلام الممانع يكشف حجم التوقعات الهائلة التي كان ينتظرها من حزبه، كما يفضح الإحباط والفشل واليأس الذي يجعله يطلق الأكاذيب والأوهام في سبيل استيلاد المعنويات. نعم، لقد خيّب اعلام الممانعة أمل جمهوره، وخيّب حزب الله آمال الإثنين معاً. لا زال الحزب وسيده ومن وراءهما يهربون الى الأمام متوعدين العدو بالأسوأ، ويعدون جمهورهم بنصر، حتى هذه اللحظة، مازال وهماً إعلامياً.