الين فرح/ العودة إلى معادلة لثلاثية وضرورة التنسيق مع سوريا هل ثمة ترابط في توقيت المطالبة التي تُحرج الحكومة؟

350

 العودة إلى معادلة “الثلاثية” وضرورة التنسيق مع سوريا هل ثمة ترابط في توقيت المطالبة التي تُحرج الحكومة؟
الين فرح/النهار
30 كانون الثاني 2015

من المستغرب ان يطلق اطراف سياسيون مطالبات تحرج الحكومة التي يجتمع الكل حول طاولتها، مع علمهم الأكيد ان التركيبة غير قادرة، وربما غير راغبة، في المضي بما يطالب به البعض. ورغم مضي المفاوضات الثنائية، تخرج اصوات حزبية – سياسية برفع شعارات ربما تهدد الحوار، وتحرج المشاركين فيه.

بعد العملية الاسرائيلية على موكب لـ”حزب الله” في القنيطرة، وبعد الاعتداء الذي شنّته المجموعات الارهابية التكفيرية على الجيش اللبناني في تلة الحمرا في رأس بعلبك، أعيد التداول بمعادلة ثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة” عبر نائب الأمين العام لـ “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم، معتبراً ان اسرائيل والتكفيريين مشروع واحد لتخريب المنطقة. كما رأى عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب هاني قبيسي ان هذه الثلاثية وحدها تحمي لبنان، مشدداً على انه لا يجوز ترك الجيش اللبناني وحيداً، وسأل “لماذا لا تتحدثون مع الحكومة السورية؟”. من جهة ثانية، دعا تكتل “التغيير والاصلاح” في اجتماعه الاخير الى “التنسيق مع الجيش السوري في مواجهة المتطرفين”.

وقد ردت كتلة “المستقبل” على “الكلام الأخير على الذين يحاولون إحياء ثلاثية مرّ عليها الزمن ووأدها البيان الوزاري للحكومة الحالية، وقبل ذلك وبعده فقدت إجماعاً وطنيا”. ولفتت الى ان “دعوة البعض للتنسيق مع جيش النظام السوري تخالف سياسة النأي بالنفس وإعلان بعبدا اللذين التزمت بهما الحكومة”.

لكن، لماذا العودة الآن الى هاتين “المعادلتين”؟ وهل من رابط بينهما؟

الموضوع لا يرتبط بتوقيت معين، بل هو واقع، ويتم طرحه بموضوعية، وفق النائب قاسم هاشم”. فالمعادلة المعروفة، ورغم التباين، ثابتة ولا تحتاج الى تدوين وكرّست بمواجهة العدو الاسرائيلي. فبعد تجدد الاعتداءات الاسرائيلية، نؤكد ان هناك حاجة الى معادلة معينة وعندما يحصل عدوان الكل ملتزم التوجه الوطني ضد العدو الصهيوني الذي يشكل خطراً على البلد ولا أحد يستطيع التهرب من قدرة المقاومة على محاربة العدو”.

وللنائب احمد فتفت رأي مختلف تماماً اذ يرى انه بعد عملية تلة الحمرا في رأس بعلبك، “استغل “حزب الله” ما حصل مع الجيش واعتبر ان ثمة مصلحة ايجابية له في العودة الى المطالبة بالمعادلة الثلاثية، وبذلك ربما يستطيع تسجيل نقاط، وهذا الأمر غير وارد بالنسبة الينا”، ويؤكد ضرورة تعامل كل الأطراف وفق منطق الدولة. وفي رأي فتفت، ان البلد أصبح تحت الوصاية الايرانية على الصعيدين السياسي والأمني وأصبحت التوجيهات علنية. “البعض في الحزب يعتبر انه يمكنه العودة الى ما كان الوضع عليه سابقاً، وهذه مشكلة، فكلما نعقد الاتفاقات مع “حزب الله” يتم التراجع عنها، وثمة أمثلة كثيرة في هذا المجال، مما يؤكد عدم صدقية الحزب، اذ انه دائماً يحاول تحقيق مكاسب له. لكن نحن لا نعتبرها مكاسب، لأن الضرر يقع على البلد كله وليس على فئة فقط”.

ويسمي الوزير السابق سليم جريصاتي ما حصل بالاقتران الزمني، اي عندما اقترن الاعتداء على المقاومة في القنيطرة والاعتداء على الجيش في رأس بعلبك زمنياً، كان لا بد من استعادة المواقف عينها، معتبراً “ان المقاومة لا تزال تمارس دورها من ضمن ما يسمى المعادلة الاستراتيجية التي لم تحسم بعد تفاصيلها كاملة”.

التنسيق مع السوري
في ما يتعلق بالدعوة الى التنسيق مع الجيش السوري، ما زالت الحكومة تعتمد سياسة النأي بالنفس، وهي، الى الآن، ترفض التنسيق المباشر مع الحكومة السورية، وخصوصاً في موضوع العسكريين المخطوفين، وقناة التواصل الوحيدة معها تتم في طريقة غير مباشرة عبر المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم.

بالنسبة الى فتفت، ان الاعتداءات الارهابية التي يتعرض لها لبنان تأتي من الحدود السورية، اذاً سوريا هي المسؤولة… اذاً الارهاب سببه النظام السوري. أطلق بعض المتطرفين من سجونه وزجّهم في المعركة ليقول انه يحارب الارهاب ولم يطلق سراح المعارضين المعتدلين.

وعن مقولة ان بقية دول العالم تنسق مع النظام السوري، رأى فتفت ان هذه الدول لا تتعرض للارهاب الذي يتعرض له لبنان. مثلاً الاردن يقصف “داعش” من ضمن التحالف الدولي، لكنه لا يتعرض للارهاب لأنه لم يزج نفسه بين الحرب السورية، كما هي الحال مع “حزب الله”. “بالنسبة الينا، الحل معروف هو تطبيق القرار 1701، وتحديداً المادة 14 التي تنص على انه على الجيش اللبناني قفل الحدود امام مرور السلاح والمسلحين، ويستطيع طلب دعم اليونيفل. وهذا ما يرفضه “حزب الله”.

اما هاشم فيرى أن عدم التعاون مع الحكومة السورية خطأ، “لأن ثمة اتفاقات ومعاهدات بيننا، وأصولا يجب أن نتبعها”. وفي رأيه ان ما استدعى هذا الطرح هي الشروط التي يمليها الارهابيون لإطلاق جنودنا المخطوفين. فهم يطالبون بأسرى معتقلين داخل الأراضي السورية، وهذا ما يستدعي تنسيقاً مع الحكومة السورية. “اضافة الى انه، وفق المنطق العسكري، فان المواجهات البطولية للجيش في غير موقع تحتّم التنسيق مع الجيش السوري للإطباق على الارهاب”. وأكد “أن ثمة قنوات اتصال بطريقة غير مباشرة، ونحن نطالب بها علنا وبشكل أوسع، لأن مصلحتنا تقتضي ذلك”.

لا يختلف رأي هاشم عن كلام جريصاتي الذي يؤكد ان هذه “ليست خيارات سياسية بل هي خيارات ميدانية بين جيشين نظاميين تردّ عنا خطراً جاثماً من الارهابيين”. في رأيه ان الفريق الآخر “سوف يعرف ان منهجية الاستنزاف استقرّت، وان الأمر لم يعد من الترف السياسي، فالتنسيق الذي ندعو اليه من دولة الى دولة، أي الدولة التي يخوض جيشها النظامي حرباً ضد ارهابيين على تخومنا. ما يحصل اليوم ضد مصلحتنا المباشرة بالدور والوجود”.

مجددا، يبدو التباعد قائما، وهو امر عادي، لكن المستغرب ان الحوارات الجانبية لم تتطرق الى هذه المواضيع الحساسة، ولم تقرب من وجهات النظر.