داود البصري/دمشق بعد القصف… المنعطف الحاسم

306

دمشق بعد القصف… المنعطف الحاسم؟
داود البصري/السياسة/29 كانون الثاني/15

مع تساقط صواريخ الكاتيوشا بالعشرات على الأحياء السكنية والمنشآت الستراتيجية للنظام السوري في العاصمة دمشق اخيرا , تساقطت أشياء كثيرة لعل أهمها قدرة النظام الدفاعية والتي كانت تعبر عن نفسها من خلال إمطار المدن السورية المنتفضة ببراميل الموت وقذائف الغاز وحتى الأسلحة الكيمياوية المحرمة دوليا كما فعل النظام في الغوطتين الشرقية والغربية في صيف عام 2013 من دون أن ننسى أونتجاهل البراميل القذرة المتفجرة التي وزعت مساحات الموت والخراب على أكبر حيز ممكن من الوطن السوري المنكوب! , عقلية النظام الاستئصالية والمحتقرة للإنسانية والمفتقدة لأخلاق الفرسان ذهبت بعيدا في تبرير الأعمال الهمجية المقرفة وحملات الإبادة الجماعية الكريهة التي عمقت من جراح السوريين بعد أربعة أعوام دموية قاسية من الثورة قدم خلالها الشعب السوري قوافل طويلة من الشهداء وخسر النظام نفسه خلالها العديد من قياداته بين صريع, وهارب, ومنشق, ومعزول حتى فقد النظام ظله! وبات اليوم عاريا حتى من ورقة التوت وهو يناور بدرجات أقل بعد أن إستنفد كل احتياطياته من الأكاذيب الإعلامية التي تصور المعارضين بكونهم إرهابيين! وإنه ضحية للإرهاب, رغم أنه من كبار صانعيه والعاملين في ملفاته والمفبركين لسيناريوهاته, دخول دمشق في قلب المعركة التغييرية يعني أشياء كثيرة وخطيرة في الوقت نفسه أبرزها إن النظام بات يدرك أن معاقله الحصينة لم تعد كذلك , وإن تآكل واندثار قوته العسكرية رغم مساعدات حلفائه الروس والإيرانيين والميليشيات الشيعية العراقية واللبنانية قد أضحت من الحقائق الميدانية التي تدل على أن الإنهيار السريع والمفاجىء قد يحصل في أي لحظة وبطريقة مباغتة قد تكون مفاجئة للعالم.

لقد أدار النظام المعركة وصفحاتها المتغيرة طيلة أربعة أعوام, وهو يلعب على عامل الزمن ويمني النفس ويراهن على نهاية المعارضة عبر إصابتها باليأس والإحباط ومن خلال استعمال أقصى درجات القوة المفرطة المترافقة مع خطاب إعلامي غوغائي وتضليلي حافل بالأكاذيب , ولكنه اليوم أمام واقع ميداني جعل حصونه المنيعة تتهاوى بعد أن سقطت دمشق عسكريا واستنفد الحلفاء آخر طلقاتهم وتحول الحوار السياسي أشبه تماما بحوار الطرشان , ما نعنيه بالسقوط العسكري هوكون أي مدينة تكون غير بعيدة عن الرشقات المدفعية أوالصاروخية المباشرة تعتبر ساقطة عسكريا لكونها ستتحول لمدينة أشباح في حال اندلاع المواجهة المباشرة والتي بات واضحا أن عدها التنازلي قد بدأ , وإن الاستنزاف تحول ليكون هوما يعاني منه النظام بعد أن تقلصت كثيرا مساحات سيطرته الأرضية وأستنفد الحلفاء جل طاقاتهم فالحرس الثوري الإيراني مثلا لايمكنه أبدا توسيع إطار مشاركته في الحرب بسبب توسع النشاط العسكري الإيراني في العراق وبما يشكل حالة استنزاف لايتحملها الإقتصاد الإيراني المتداعي , والميليشيات الطائفية اللبنانية أو العراقية تعاني من مشكلات لوجستية جمة تمنعها من تقديم اكثر مما قدمته من ضحايا وخسائر , خصوصا وإن الميليشيات العراقية تخوض اليوم معارك ساخنة في المناطق السنية الثائرة أفقدتها الكثير من عناصرها في العمق العراقي وجعلها تترنح بشدة من حجم ودرجة الخسائر مما عمق من درجات وأشكال الانتقام الطائفي المؤسف هناك!, يتبين من قراءة المعطيات وتحليل الوقائع أن النظام يخوض اليوم وخلال المرحلة المقبلة معركته وحيدا في ظل إنقلاب موازين القوى وانحسار التأثير العسكري الذي ترجمه النظام من خلال الانتقام من المدن السورية عبر سياسة التدمير الشامل الانتقامي المعهودة , وهي سياسة إرتدت على أصحابها بعد أن أصبحت المقرات الحكومية والرئاسية تحت نيران القصف المباشر لقوى المعارضة المسلحة , معركة دمشق المقبلة ستكون رهيبة بكل تداعياتها لكونها معركة حياة أوموت للنظام , وستكون فصولها قاسية ومكلفة اللهم إلا إذا تدخلت إرادة الدول الكبرى ومنعت الكارثة وفرضت حلولا سياسية يمكن معها تجنب السيناريو الأسوأ وهو تدمير دمشق وترجمة شعار النظام القديم الفاشي التدميري الكارثي, واقعيا وهو”الأسد أو نحرق البلد”! وهو مايلوح به النظام على الدوام ترهيبا للمعارضة ولكل الذين يعملون من أجل سورية حرة جديدة ومختلفة. الامر المؤكد إن النظام بات اليوم أكثر من أي وقت مضى يعيش إرهاصات التغيير الحتمي , فالطريق لمعركة دمشق حافل بالمفاجآت والمطبات والمتغيرات… نعيش في ربع الساعة الأخير من عمر النظام… والله أعلم