المحامي عبد الحميد الأح/لماذا لا تكون الثورة التصحيحية ضد داعش من مسلمي لبنان؟

316

لماذا لا تكون الثورة التصحيحية ضد “داعش” من مسلمي لبنان؟

المحامي عبد الحميد الأحدب

02 آب/14

ماذا أصاب المسلمين حتى ينحدر “الكفار” من المسلمين بالاسلام الى هذا الحد؟ والمسلمون يتفرجون صامتين؟ من ماليزيا حيث حكمت المحكمة العليا في كوالالمبور بأنه ليس من حق المسيحيين استعمال كلمة “الله”، لأن هذا الاستعمال خاص بالمسلمين، وماليزيا بلد متعدد الديانة وفيه مسيحيون! ومن ماليزيا الى “داعش” حيث يسمّون المجتمع الذي يقيمونه مجتمع الخلافة الاسلامية، فيقطعون الايدي والرقاب ولا يسمحون للمرأة بالخروج من بيتها و… و… الذين رأوا النصر نكاحاً وجماعاً! الى أن خيّروا المسيحيين بين إشهار إسلامهم والا فدفع الجزية أو مغادرة الموصل!

لقد سقط التاريخ والانسان والعقل وما زالوا يظنون بأن الشمس تشرق من تحت الحذاء.

الى أين سيذهب “الكفار” هؤلاء بنا؟ أليس هذا كفراً بالاسلام، لماذا لا يقرأ “الكفار” هؤلاء القرآن الكريم، فقد تعلمنا الاسلام كما جاء في نص الكتاب الكريم: “فذكّر إنما أنت مذكر* لست عليهم بمصيطر”. (الغاشية 21 – 22)، “ولو شاء ربّك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم…”. (هود 118 – 119)، “لا إكراه في الدين قد تبيّن الرشد من الغي”. (البقرة 256)، “وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر…”. (الكهف 29)، “أفانت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين”. (يونس 99) .هذا هو الاسلام، أوليس ما يحصل في ماليزيا و”داعش” كفراً بالاسلام؟ لو ذهب الإمام محمد عبده الى ماليزيا لوجد مسلمين ولما وجد إسلاماً! ولو ذهب الى خلافة “داعش” لا وجد إسلاماً ولا مسلمين!

ما هو الحل؟ هل يبقى الذين في قلوبهم إيمان وبصيرة مكتوفين، هم بكم عمي؟

ان الاسلام يدعو المسلمين ان يغيّروا! الاسلام يدعو “ان الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم”. (الرعد 11). أين الأزهر يقف صامتاً خائفاً؟ أين أحرار محمد عبده؟ أين أحرار الأفغاني؟ أين أحرار عبدالله العلايلي؟ أين أحرار صادق جلال العظم؟ أين أحرار أدونيس؟ أين… أين؟

في ديار المسلمين مرض مسّ النخاع، “طلع الجهل علينا وقال للعلم وداع اشترى الدين وباع! ما عاد للصبر داع! ليس هؤلاء أتباع نبيّنا، بل إنهم محض صداع”.

ما هذا البطء المرعب في استجابة كل التحديات العصرية التي يواجهها العالم العربي كل يوم وفي كل مكان؟

قسطنطين زريق كان يتساءل: “لماذا لا يزال هذا العالم العربي يتخبّط رغم كل ما قام به ولا يزال يقوم من مدارس فكرية وحركات سياسية وانقلابات اثر انقلابات – لماذا لا يزال العالم العربي في كبوته، لا يجد سبيله الى ما يرجى له من نهوض حقيقي يليق بتراثه وبالمقام الذي يجب أن يكون له تحت الشمس؟ لماذا تتوالى عليه النكبة اثر النكبة، فلا يستطيع أن يقيل عثاره منها لا جامعة ولا نظام ولا حزب ولا ايديولوجية؟ لماذا فشلت كل التجارب حتى الآن؟”.

حتى يغيّر الناس ما بأنفسهم لثورة تصحيحية نحن في حاجة الى حركة الى صرخة الى انتفاضة!

واذا كان لبنان هو أصغر الدول العربية وكلها صامتة وصاغرة فليكن لبنان أكبرها في التمرد وإعلان الثورة التصحيحية على هذه المهزلة الدينية المرعبة!

لماذا لا تتحرك دار الافتاء في لبنان بعد تغيير المفتي الحالي؟ ومن مال الأوقاف فتستأجر اسطولاً من الطائرات يحط في “اربيل” ويحمل الى لبنان المسيحيين الذين هجرهم “كفار” داعش من الموصل؟ ويأتون الى لبنان على الرحب والسعة وفي مكانة مكرمة وفي بيوت مصنوعة مسبقاً وجاهزة Préfabriquée ويقيمون قرب النازحين السوريين، النازحون الحقيقيون وليس المصطنعين، لماذا لا تكون هذه الثورة؟ ماذا سيكون صدى هذه المبادرة في العالم الاسلامي؟ ماذا سيكون صداها في العالم كافة؟ هذه المبادرة الحضارية الاسلامية النبيلة هي الوردة البيضاء الجميلة في صحارى الملح والعطش ليعود لبنان الى رسالته، ويعود المسلمون في لبنان الى دورهم في النهضة، في البطولة وفي الجهاد الحقيقي من أجل حفظ الدين من الأذى، ويقوم المسلمون في لبنان بالخطوة الأولى نحو الحركة التصحيحية لإعادة الاسلام الى حقيقته.

هكذا ثورة تحتاج الى زعيم يقاتل عصراً لا مثيل لقبحه مضرجاً بالبشاعة والفضائح والخيانة والذنوب.

زعيم إسلامي لبناني مؤمن عريق في وطنيته وإيمانه، نحن في حاجة الى صائب سلام والى رياض الصلح! وليس الى المير خالد شهاب رحمه الله رغم كل محبتنا له ولتواضعه.

مبادرة وثورة أكبر من لبنان! هيا على الفلاح! هيا الى هذا التحدي الكبير! الى ثورة تصحيح المسيرة وتفتح الباب أمام إعادة الدين الى حقيقته، الى إسلام التسامح الذي فتح ديار الدنيا وبقي رافعاً شعار “لا إكراه في الدين”. هذا زمان تساقط فيه الفرسان عن سروجهم وأُعلنت دولة الخصيان، هذا زمان يجب أن ينتهي.

غيّروا يا رجال ما بأنفسكم حتى يغير الله ما بكم من انحطاط وانحلال وانحدار بالدين السموح، فالعالم العربي يتفرج على المسلسلات التلفزيونية ويتعاطى حبوب النوم ونشرات اخبار ومورفين ما يطلبه المستمعون. هيا على الفلاح!! بلد صغير ودور كبير يغيّر مجرى التاريخ ويلغي محاكم التفتيش! هيا على الفلاح! فالخطر على الدين من “الكفار” كبير والصمت على الكفر… كفر.

فليكن للمسلمين في لبنان دور الريادة في الثورة التصحيحية الاسلامية. هيا على الفلاح، على التغيير أن يتقدم كجرافة البلدوزر لرفع الانقاض والنفايات والمسامير المتراكمة على الأراضي العربية منذ انتهاء مرحلة الخلفاء الراشدين. آن أوان انتصار الضوء على العتمة.