الشيخ صبحي الطفيلي: لو تُرك الشيعة في لبنان وشأنهم لما اختاروا القتال في سورية

399

الأمين العام السابق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي: لو تُرك الشيعة في لبنان وشأنهم لما اختاروا القتال في سورية

موقع 14 آذار/ ١ اب ٢٠١٤

  في قراءة له حول إعلان دولة الخلافة الاسلامية اسبابا ونتائج، رأى الأمين العام السابق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي ان المسلمين عموما يحنون إلى أيام دولة الخلافة الراشدة دولة العزة والعدل والتواضع والإيثار ويحلمون بعودتها وعودة من كان شعارهم «أقيلوني وقوموني وأنا لكم وزير خير لكم مني أمير»، مشيرا الى ان الخلافة في الإسلام او نظام الحكم والإدارة له قواعد وأصول شرعية، ولا يمكن لأي سلطة ان تكون سلطة اسلامية شرعية اذا لم تتقيد بتلك الاصول والقواعد التي منها مثلا ان السلطة في الاسلام بيد الامة، والسلطان سلطانها وحدها، وهي من لها الحق في تنصيب السلطان وعزله وتحديد صلاحياته ومدة ولايته وطريقة اختياره، وأي خروج عن هذه القواعد هو خروج عن حدود ما شرع الله عزّ وجلّ لهذا لا يستطيع اي انسان ان يفرض نفسه حاكما او خليفة شرعيا اذا لم تتوافر فيه الشروط والقواعد المعتبرة شرعا.

وأما ما تعارف عليه الكثير من الفقهاء هو ان الخلافة تعقد لمن يصل الى السلطة ولو بالتغلب وقتل خليفة سابق، وقد تعقد حتى للفاجر الفاسق، هذه الأحكام وكثير غيرها في الفقه السلطاني املاها الحكام المتغلبون عبر الزمن الذين وصلوا الى السلطة عن طريق سفك دماء المسلمين.

والفقه السلطاني غير الشرعي منتشر في فقه المذاهب الاسلامية على اختلافها سواء كانت سنية او شيعية، وقد وضعوا الكثير من الروايات التي تخدم مصالحهم، واستصدروا الفتاوى التي تشرعن سلطانهم امام العامة، وتقنعها بان الخروج على طاعتهم خروج على طاعة الله عزّ وجلّ، وأن قتال من خالف سلطانهم جائز بل واجب، ومذاهب التكفير التي يتراشق المسلمون بها اليوم جزء من الفقه السلطاني الذي يستحلون من خلاله دماء بعضهم. وما تشهده الساحة الاسلامية اليوم في اكثر من موقع ودولة من التذابح يستند عندهم الى فتاوى التكفير الموجودة عند الشيعة والسنة على حد سواء، والمنكر لهذا كاذب او جاهل.

وفي هذه المناسبة اتوجه الى اصحاب الرؤوس الحامية من الطرفين الذين أعمتهم مذهبياتهم الضيقة والسخيفة مطالبا بالتريث قليلا، والبحث عن حقيقة هذه الروايات والفتاوى التي استخدمها الحكام ليتمكنوا من رقاب البسطاء وتجنيدهم لقتال ابناء الاسلام الواحد، اطالبهم بالتريث والتثبت قبل الوقوف حيث تضر الحسرة ولا ينفع الندم، ولا تقبل التوبة ولا يقال المستقيل.

ليس عندي شك ان اغلب حملة السلاح في تنظيم دولة العراق والشام (داعش) يعتقدون ان ما يقومون به جهاد ودفاع عن الدين الحنيف وإن كان واقعه هدما، لأن كل نشاطات هذا التنظيم في سورية كانت خدمة للنظام هناك وضررا للشعب السوري.

وفي العراق كان المتضرر الأكبر من نشاطات هذا التنظيم المعارضة العراقية والمناطق السنية التي ينتشر فيها، حيث جعلت هذه المناطق بين خيارين لا ثالث لهما، التسليم بواقع الدولة العراقية والقبول بها كما هي، او تحمل عقلية التكفيريين الضيقة ونشاطاتهم المجنونة

وعن مسؤولية القيادة الإيرانية حيال ما وصلت إليه الأمور على الساحتين العراقية والسورية عموما واللبنانية خصوصا، قال الطفيلي: للأسف رغم كل الشعارات التي ترفع عن الوحدة الاسلامية وجمع الكلمة ولم الشمل ومحاربة التفرقة والابتعاد عن المذهبيات الفاسدة المخالفة للشرع الشريف، نجد الكثير من الدول ومنها النظام الايراني الحالي ينبشون كل سخافات الماضين واساليبهم في تحريض اتباعهم على قتال اتباع المذاهب الاخرى وهم يعرفون بل يعلنون ان هذا القتال يخدم اعداء الاسلام والمسلمين، ولا شك ان نظام طهران شريك اساسي في الفتنة السنية ـ الشيعية التي تضرب المنطقة من لبنان حتى العراق واليمن، لكنه ليس المسؤول الوحيد فهناك اطراف اخرى لها قسطها الوافر من المسؤولية.

أما عن مستقبل الطائفة الشيعية وسط محيطها السني الكبير فقال الطفيلي: لو خلي الشيعة في لبنان وشأنهم وعلى رأسهم قيادة حزب الله لما اختاروا المشاركة في القتال في سورية، وهذا كان رأيهم قبل وصول اوامر طهران بالمشاركة في القتال دفاعا عن النظام السوري، لأنه ليس من الحكمة ابدا ان يرتبط مصير شريحة واسعة من الشعب اللبناني بمصير حاكم متهور محكوم بسنة الرحيل، خاصة مع ازدياد بطشه، لكن بين خيارات مصلحة النظام في طهران وبين مستقبل الشيعة في لبنان، حتما سيختار النظام مصالحه كما تفعل انظمة الحكم في عالمنا الفاسد اليوم، وكما فعل هو في تسعينيات القرن الماضي مع شيعة اذربيجان، حين دعم النظام الارمني المسيحي المجاور لهم في حربه ضدهم، وشردهم من ارضهم ومازالوا حتى اليوم مشردين في اوضاع صعبة جدا.

وعن رأيه في امتناع حزب الله عن حضور جلسات انتخاب الرئيس بحجة دعم العماد عون وتأييده للرئاسة، قال في الحقيقة كان باستطاعة حزب الله بعد خروج السوريين من لبنان عام 2005 ان يبني لبنان الدولة والمؤسسات، وأن يجمع اللبنانيين على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم بحكم مصداقيته في تحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي، وقوته الشعبية الكبيرة، وثقله المعنوي والعسكري.

وقال: نحن اليوم ليس لدينا رئيس للبلاد ولا مجلس نيابي ولا حكومة فاعلة، والقادم أعظم، وفوق هذا وذاك ذهب الحزب الى سورية للدفاع عن نظام عرف انه افسد انظمة المنطقة وأكثرها بطشا، وبات اليوم جزءا اساسيا من فتنة مذهبية ساحقة ماحقة، يشاركه فيها اطراف آخرون، تنحر أمة الاسلام وتخدم الصهاينة وقوى الشر الدولي.

وأما لماذا غير استراتيجيته من عامل في سبيل البناء ورائد اصلاح ووحدة، إلى مشارك أساسي في التمزيق والفتن، فهذا يعود الى توجهات القيادة الايرانية ومصالحها، التي ترى في ضعف وتمزق شعوب المنطقة من حولها منعة وقوة لها، وترى ان قيام دولة حقيقية في لبنان ذات قرار وقدرة، سيحول دون امكانية استخدامها لحزب الله وسلاحه في حروبها سواء في سورية او غيرها، وهو ما لا ترغب فيه هذه القيادة، لهذا ان عدم قيام دولة مركزية في لبنان، وتفكك المؤسسات العامة، مصلحة ايرانية حيوية، وأي طرح لا ينسجم مع هذا المشروع لن يكون جزءا من مشروع حزب الله سواء كان مشروع رئاسة الجنرال ميشال عون او غيره.