عبدو شامي/جان عبيد يعلن برنامجه الانتخابي من القنيطرة

996

جان عبيد يعلن برنامجه الانتخابي من القنيطرة
عبدو شامي
22 كانون الثاني/15

لا تزال غارة “القنيطرة” حديث الساعة في لبنان؛ وهي عملية من وجه نظرنا -كما أسلفنا في مقال سابق- لا تخرج عن احتمالَين: إما تبادل خدمات داخل الحلف الصهيو-فارسي ومن قدّم آلافًا على مذبح هذا الحلف لن يبخل بستة اليوم، وإما عملية غدر إسرائيلي سيُعَّوض عنها الحزب لاحقًا بما يخدم دعايته وربما بما يوفّر له حجة الانسحاب من سوريا، لكن “الرد الإلهي المنتظر”إذا أتى فلن يكون قبل ثلاثة أشهر، أي قبل استثمار العملية في الانتخابات الإسرائيلية بفوز اليمين المتطرّف، وعندها يتم التنسيق حول كافة تفاصيل الرد المسرحي مع القيادة العليا في إيران.

داخل “محور تقبيل أيادي الولي الفقيه” التعازي والتبريكات بما أسمَهوهم “شهداء” ما زالت تنهمر بغزارة على قيادة الحزب الإرهابي في لبنان والقيادة العليا في إيران؛ الإخوان المسلمون ممثَّلين بحركة “حماس” و”الجماعة الإسلامية” في لبنان قدّموا التعازي وأكدوا تضامنهم مع الحزب في شهدائه معتبرين أن “كل من يُقتل على يد العدو الصهيوني لا يمكن اعتباره إلا شهيدًا” على حد تعريف نائب “الجماعة” عماد الحوت، وبدورهم بعض المحسوبين (ويا للأسف) على قوى 14آذار فعلوا الفعل نفسه وكان آخرهم “تيار المستقبل” ممثلاً بالرئيس “فؤاد السنيورة”.

لن نجادل مدمني زيارة العتبات المقدّسة في طهران من أعضاء “محور الشر” في ازدواجيتهم خصوصًا من حيث زعمهم أنهم مع إيران في مقاومتها المزعومة ضد إسرائيل وفي الوقت عينه ضدها فيما تفعله في سوريا، فإذا لم تثبت لديهم بعد العمالة الإيرانية التي لم يعرفوا منها إلا الخذلان في الساعات الحرجة، ولم توقظهم أيضًا جرائم إيران في حق إخوانهم في بلدان عديدة، فلن نوقظهم نحن بنقاشنا هذا، إنما سنناقش مدّعي الحرية والسيادة والإستقلال في تعازيهم وتوزيعهم أوسمة الشهادة، وهؤلاء نسأل: لنفترض أن مجرمًا إرهابيًا قتل “رفيق الحريري” وأتبعه بسلسلة جرائم واغتيالات، ثم أثناء همّه بوضع السكين على رقبة قائد استقلالي جديد إذ به يتلقى طعنة من الخلف بواسطة العدو الإسرائيلي فتُرديه قتيلاً، هل يكفي ذلك لمحو كامل سجل إرهابه وإجرامه بما فيها الجريمة الأخيرة التي كان يهم بها (والسكين على الرقبة)، ومنحه في المقابل وسام الشهادة التي هي بحد ذاتها شرف وبطولة بل أعلى درجاتهما؟! فما بالنا بمن ارتكب تلك الجرائم وزاد عليها إبادة للشعب السوري بل وقُتِل على أرض يحتلها منتهكًا كافة القوانين اللبنانية والدولية؟! الجواب واضح: هي الحصص المُتوخاة والمنصاب المُتمناة والانبطاح والتزلّف والمداهنة والإذلال والانهزامية والاستسلام أمام الجيش الذي يحتل لبنان بأمر من إيران ونيابة عنها.

بالعودة الى عنوان مقالتنا، يبدو أن البعض وجد في غارة “القنيطرة” فرصة ذهبية لتوقيت إعلان برنامجه الانتخابي وتقديم أوراق اعتماده لدى الجهة المكلفة من المحتل الإيراني بتعيين الرئيس اللبناني، من هؤلاء الوزير السابق “جان عبيد” صاحب التاريخ “الزاهر” مع عائلة الأسد والمقرب جدًا من “بعثها” بحيث كان وديعتها الدائمة والأساسية في الحكومات اللبنانية أثناء الاحتلال السوري. فبعد قيامه مسبقًا بواجباته لناحية تأدية مناسك الحج بزيارته القيادة السعودية ووكيلها في الملف اللبناني “سعد الحريري”، وبعد زيارته باريس وأخذه بركة “بطريرك المقاومة” في بكركي، أصدر “جان عبيد” برنامجه الانتخابي من بلدة “القنيطرة”، وذلك عبر بيان “مقاومتي” “ممانعتي” بامتياز، خالف فيه أبسط بنود الدستور اللبناني التي ينوي قسم اليمين للحفاظ عليه، خصوصًا لناحية تسميته الحزب الإرهابي بالـ”مقاومة”، فضلاً عن “نفخه” في قدرات الحزب العسكرية وتمجيدها (نعتذر عن عدم إيراد العبارة احترامًا لعقل القارئ)، وصولاً الى عبارتَي “الإكبار والتبريك” في ختام بيانه.

وفيما لم يُكلّف الزاحف الى “بعبدا” نفسه عناء الإشارة الى خطر وجود الحزب في سوريا ولو من باب مجاملة الدستور اللبناني أو حتى 14آذار عملاً بمستلزمات كذبة الرئيس “التوافقي”، حاول تقديم “النصح” للحزب بشأن قرار “الرد” بشكل غاية في اللطف قائلاً: “الأمر الى جانب الشجب والإدانة والتعزية يقتضي أعلى درجة من الحساب واليقظة وإعمال العقل والحكمة كما تصرّفت قيادة المقاومة. (…)لا نريد أن نبالغ في النصح خاصة وأن وضع المقاومة ويقظتها منذ الـ1701 وبعدها غني عن التنبيه والإشارة. إن لبنان كله أمام هذا الامتحان والقرار، وليس فريقًا منه فحسب(…)”. وخَتَم: “وللمقاومة وأهل الشهداء أصدق التعازي والإكبار والتبريك”.

ونحن بدورنا لا يسعنا إلا نختم قائلين: إذا كان هذا هو نموذج الرئيس التوافقي السعودي-الإيراني الذي سيفرضه “تيار المستقبل” على كامل قوى 14آذار بعد صدور الأمر الملكي، فهنيئًا للبنان واللبنانيين برئيس سيسهر بالتأكيد على احترام قسم المحافظة على الدستور اللبناني، لكن من باب رعايته مصالح الاحتلال الإيراني! عاشت “الحرية والسيادة والاستقلال”، عاش “لبنان أولاً”.