العميد الركن المتقاعد يعرب صخر/طرح هدام لآخر حصون المناعة: دمج حزبللا في الجيش اللبناني … إن مجرد تصور الحزب وقد اندمج في الجيش، لا يعني غير تغلغله فيه والسيطرة كليا عليه

157

طرح هدام لآخر حصون المناعة: دمج حزبللا في الجيش اللبناني … إن مجرد تصور الحزب وقد اندمج في الجيش، لا يعني غير تغلغله فيه والسيطرة كليا” عليه.

العميد الركن المتقاعد يعرب صخر/موقع الشفافية/05 نيسان/2024

منذ ٧ اكتوبر وانكشاف وجه إيران ومعها متفرعاتها الميليشياوية ومستولداتها العبثية، وانفضاح أمرهم في خذلان القضية الفلسطينية التي وفرت لهم المباغتة والزمان والمكان المناسبين، فلا هم ساندوها عند الضيق، ولا هم قادرين على خوض الحرب ولا راغبين في سلوك السلام، وبين الحرب واللاحرب تبينت مقاصدهم بأن جل مراميهم هي في نشر الفوضى وتقويض استقرار المجتمعات وتهديم الكيانات والسيطرة على الأنظمة والشعوب وخلخلة وتصديع البينات العربية، كي تبسط النفوذ الإيراني في المنطقة، وبذات الوقت تحقيق أمن إسرائيل التي لا يفرحها غير تصدع أوطان الطوق العربية.

وبعد أن كانت عاملا” مساعدا” في نشر الفوضى وإشغال العرب لتحقيق أمن إسرائيل، تحولت ايران إلى عامل منافس في المنطقة مستغلة” الإنشغال الإسرائيلي في غزة والسياسة الناعمة للإدارة الأميركية وانهماكها بالانتخابات الوشيكة، لتكون المقرر الأساس في الشرق الأوسط؛ وبذلك تكون قد تخطت حدود الدور المرسوم لها، فالتفتت إسرائيل وقد استتب الأمر لها في غزة، وأميركا التي تنبهت لمخاطر تفلت إيران في المنطقة، فباتت إيران تتعرض كل يوم للضربات التأديبة وتتلقى الصفعات واللطمات واللكمات وإسرائيل تصطاد رؤوسها القيادية وشخصياتها المؤثرة ومراكزها الحيوية، واميركا تقصف مواقع القيادة والسيطرة المهمة لها وتهز لها العصا كل يوم.

ولا زالت إيران وشراذمها في حالة تيه، لا تجرؤ على الرد وتتحاشى ردود الفعل، لا تريد التفريط بما تبقى لها من أوراق قوة ونفوذ، وغير مهياة لمتطلبات السلام. وأول أوراق القوة هذه فصيلها حزبللا في لبنان بمثابة درة تاجها وذراعها الطويل.

ولأن إسرائيل تعمل على ترسيخ أمنها القومي للعقود القادمة وإستعادة عقيدة التفوق، بعد تجرؤ حماس على فعل ما فعلته، ومنعا” من اقدام باقي اذرع الممانعة وأولهم حزبللا المتاخم لها من تقليد حماس ولردعه قبل ذلك، لا تجد إسرائيل بدا” غير ضربه وانهائه استباقيا”، ما لم تتيقن أنه سيرضخ للمخارج التسووية الإقليمية والدولية وأولها تنفيذ كامل مندرجات القرار الدولي ١٧٠١ القاضي بأخلاىه لمنطقة الجنوب حتى الليطاني، والخضوع لمتطلبات القرار الدولي ١٥٥٩ السابق له والمتصل به والمؤكد عليه والقاضي بنزع سلاح الميليشيات.

دمج حزبللا في الجيش اللبناني
ايران؛ الماهرة في إحناء رأسها للعواصف، وللخروج من أزماتها بعد انكشاف وجهها وفشل مساعيها، وللحفاظ على ما حققته من سيطرة واستحكمته من نفوذ في أربع بلدان عربية، ولان حزبللا هو مستحكمها الاهم، قد تتخلى عن باقي أذرعها ما عداه، وبانتظار تغير الظروف لصالحها، تتمسكن اليوم لتتمكن غدا”؛ لذا بدأت تبث عبر وكلائها ومرتزقتها وأقلامها المأجورة، طروحات واقتراحات لجس النبض وقياس مدى الرفض أو القبول، وبدأت تطفو على السطح في لبنان و‘تثار منذ مدة و’تطرح في التداول أفكار مخرجات يدعي طارحوها أنها جريئة لكنها غير بريئة، ظاهرها وئام وسلام ومقصدها هدام؛ وهي دمج حزبللا في الجيش اللبناني.

إذا نظرنا لهذا الأمر بسطحية نجده حلا” مهما” لمعضلة سلاح غير شرعي لطالما أنهك الدولة وأضر بالوطن، هذا السلاح المدعي المقاومة ما منع ولا ردع إسرائيل يوما” ولا أضرها بل حطم لبنان.، انتهت وظيفته الهدامة والآن آن أوان انقضائه، ولا بأس بدمجه بالجيش فيزداد الجيش منعة” وقوة عديدا” وعتادا” وتسليحا”؛ بهذه الفكرة السطحية والتسليم بها بخفة، يطرحها اصحابها ببراءة شيطانية ظاهرها حل وباطنها غل وتعقيد مديد.

أما إذا أردنا تشريح هذا الأمر بتجرد وجدية وموضوعية، نجده دمجا” للجيش بالحزب وليس دمج الحزب بالجيش، وتهديما” نهائيا” لآخر الاقانيم الأربعة حصون المناعة وقلاع الصمود في الوطن لبنان، فيصير الجيش جيش الشاطر حسن، بعد أن تم تهديم المالية العامة وباتت القرض الحسن، وتحطيم الجامعات والتعليم لتصير معاهد الحسن، والطبابة والاستشفاء صارت مشافي الحسن.

وللتدليل أكثر، نعدد بعض المحاذير والمخاطر الكبرى من إدماج الحزب بالجيش:
مئة ألف مقاتل من مذهب واحد كما أعلن أمينه العام، إلى جانب ٧٠ ألف عديد الجيش، يضرب توازن العديد الموزع طوائفيا” في الجيش، ويقتضي لإعادة هذا التوازن تطويع ثلاثمئة ألف من باقي المذاهب، ليصبح عديد الجيش قرابة النصف مليون، فهل في قدرة الدولة تمويل هذا العديد الضخم وهي عاجزة عن دفع رواتب وتغذية على الأقل العديد الحالي للجيش؟ في حين أن فرنسا مثلا” الدولة الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن لا يتجاوز عديد جيشها ١٨٠ ألف؟
دمج الحزب بالجيش يجر معه المطالبة الشيعية بقيادة هذا الجيش وأركانه وألويته ومديرياته واداراته. وهذا المكسب لا بد سيصرفوه في السياسة والإدارة العامة وباقي المؤسسات. يعني امساكهم بالجيش هو امساكهم لكل الجمهورية، فتصبح اللاشرعية وقد ابتلعت الشرعية، والدويلة أكلت كل الدولة… بشرعية.
مهما كان العدد المدمج، هل نستطيع تنشئته وتغيير عقيدته ونزع انتمائه لحزبه؟ بالطبع لا؛ فهم مغسولو الدماغ وقد نشأوا على فكر مخالف وتشربوا عقيدة متناقضة مع الهوية الوطنية، ولا يمكن تحويل وجهتهم وحرف توجههم وزرع ثقافة الانتماء فيهم للوطن لبنان وعلم لبنان ودستور لبنان دون سواه.
التطوع في الجيش شروطه الانضباط والخضوع لقواعد وضوابط وتراتبية الأمرة ومسلكية صارمة ومبدا الثواب والعقاب. وبالطبع هؤلاء متمردون ولا يأتمرون إلا بمرجعياتهم الدينية والعقائدية وأمرتهم عابرة للأوطان والحدود.

الجيش يطبق وينفذ ما تقرره السلطة السياسية، وغير مسموح فيه التخابر والتخادم مع أي جهة داخلية وخارجية تضر بمصالح لبنان الحيوية وعلاقاته العربية والدولية، وجريمتها خيانة عظمى وعقابها شديد. فهل يعقل بهؤلاء الالتزام بكل ذلك؟
إن مجرد تصور الحزب وقد اندمج في الجيش، لا يعني غير تغلغله فيه والسيطرة كليا” عليه.
كل هذه الأفكار والطروحات هي التفاف خبيث على مسالة الرجوع إلى الشرعية وأولها نزع السلاح غير الشرعي ممن لا يرون وجودهم بغير هذا السلاح.
إن التنشئة الوطنية وزرع ثقافة الإنتماء وجعل الروح الوطنية تطغى عند هؤلاء على العقائدية المتأصلة فيهم، تأخذ وقتا” طويلا” ومددا” بالسنوات والعقود؛ ومع ذلك لن تنجح ما لم يتم إزالة السبب الذي أنشأهم، فهم نتيجة لسبب. عالجوا الأسباب تنهار كل النتائج وتصطلح الأمور… ودون ذلك عبثا” تأملون.
علينا بالأحرى تطهير الجيش مما يمكن أن يكون قد تسلل اليه من هذه الظاهرة الشاذة، فكيف بالحري أن ندعها كلها تندمج فيه؟
مما اتبعته إيران في العراق واليمن وسوريا، وانسلت في جيوشها وحرفت وجهتها، لا تدعوها تنسل إلى الجيش اللبناني عير حزبها في لبنان.. لأن كل محنة لبنان هي في حزب من نسل إيران.