السفير هشام حمدان/هل يشهد العام الجديد ولادة مشروع إنقاذي للبنان؟

61

هل يشهد العام الجديد ولادة مشروع إنقاذي للبنان؟
السفير هشام حمدان/أوستن في 1 كانون الثّاني 2024

إنّه اليوم الأوّل من العام الجديد. سألني أحد الأصدقاء عمّا إذا كنت أشعر أنّه يختلف عن باقي أيّام العام.هو بالطّبع، مثل كلّ يوم آخر في يوميّاتنا. لكنّه يتميّز عنها بأنّه يبدأ دورة تنظيميّة جديدة في سلوكنا، ونظام حياتنا. كلّنا بحاجة لأن نستشعر طاقة جديدة، تعيد الحيويّة لنا وتدفع بنا بعزيمة متجدّدة لمتابعة المسيرة. كأنّ اليوم الأوّل من العام الجديد، هو بداية جديدة لنا. هو ولاشك، محطّة استراحة، وتقليد إجتماعي متوارث. لكنّه أيضا، فرصة لإستفاقة، ولقراءة جديدة للطّريقة التي نعتمدها في مسيرتنا. تشدّنا مشاهد الإحتفالات التي عمّت العالم. لكن تشدّنا أيضا، مراجعة أهم الأحداث التي طبعت العام الفائت. ألفرح حاجة، ننشدها في مظاهر الإحتفالات، والحكمة حاجّة، ننشدها في مراجعة الأحداث.

دعونا كمواطنين لبنانيين، نراجع معا أحداث العام الفائت. سنجد سريعا أنّنا ما زلنا أسرى للأحداث التي سبقت في الأعوام السّابقة. حمل العام الفائت، حلقة جديدة من المشاهد السّوداويّة التي طبعت حياتنا منذ عام 1975. حصلت مشاهد جديدة لكن في سياق المسلسل الذي نعيشه منذ تلك السنة. لم ينته مسلسل ” ألحرب الأهليّة في لبنان”. ما زال المخرج، والمنتج، والممثّل، والكومبارس، يعملون بهمّة. وما زال هذا المسلسل يحصد الملايين للقائمين عليه. غاب بعض الممثّلين، وحلّ آخرون مكانهم. من حقّنا إذا أن نسأل: هل سيتوقّف المسلسل هذا العام؟

تعب النّاس لكثرة الإنتظار. بعضهم أوقف متابعة المسلسل، وانصرف إلى نمط من التّعايش مع أحداثه. وبعضهم متمسّك بأبطاله، ويريد أن يراهم ينتصرون. كثيرون هم الذين يريدون أن يتوقف المسلسل. لكن، هل تراهم يتوقّفون اليوم، أمام مشاهد أحداث العام الماضي ليأخذوا العبرة؟

إن أول مشاهد العام الماضي تدلّ أنّ الذين يرفعون شعار التّغيير، أو شعار بناء السّلام، أو شعار استعادة الدّولة، أو شعار المواطنة، مشتتون. ومن البديهي إذا، أن نقول، هل من أمل مع انطلاقة العام الجديد، بجمع هذه القوى الفاعلة معا، والعمل بخطة عاقلة لوقف المسلسل الجاري؟

عرّفتنا قراءات السّنوات السّابقة، على أسباب استمراريّة المسلسل الحزين في وطننا، ومكامن قوّة القائمين عليه. فلماذا لم نتمكن بعد من معالجة هذه الأسباب، وإضعاف مصادر القوّة للقائمين على المسلسل؟ نحن نملك سلاحا فاعلا جدّا لمواجهة الواقع. لكنّنا لا نستخدمه.

1- نشكو من تدخل حكّام إيران في بلادنا. ونحن نملك قوّة مراجعة مجلس الأمن لوقف هذا التّدخّل المناقض لكلّ القواعد الدّوليّة المرعيّة في العلاقات الدّوليّة. لماذا لا نراجع مجلس الأمن ونطلب قرارا يدين هذا التّدخّل، ويطلب من إيران، سحب أسلحتها من لبنان، ووقف دعم الميليشيات العاملة فيه، واحترام سيادة هذا البلد المؤسّس للأمم المتّحدة.
لماذا لا نتقدم بمراجعة أمام المدّعي العامّ للمحكمة الجنائيّة الدّوليّة، لمباشرة تحقيق في تكوّن عناصر جريمة العدوان المنصوص عنها في المادّة 8 مكرّر من شرعة المحكمة؟
لماذا لا نبدأ بتحريك مغتربينا بغية العمل من أجل دفع حكومات الدّول التي ينتشرون فيها، للضّغط من قبلهم، على حكّام إيران لوقف تدخّلها في شؤون لبنان، وانتهاك سيادته؟

2- نشكو من فقدان العدالة بالنّسبة لتفجير المرفأ، ونحن نملك قوّة مراجعة مجلس الأمن لإرسال فريق خبراء مستقلّ للتّحقيق في هذه الجريمة. بل يملك كلّ ضحيّة، ألحقّ بمراجعة المدّعي العامّ للمحكمة الجنائيّة الدّوليّة لمباشرة التّحقيق في هذه الجريمة، باعتبارها جريمة حرب، بل جريمة ضدّ الإنسانيّة. من منّا يجهل أنّ الذي سبب الإنفجار، كان قصف الطّيران الإسرائيلي لعنبر المرفأ، والذي أدّى إلى انفجار النيترات المخزّنة بشكل مخالف للقانون، فيه؟
لماذا لا نطلب من كل مغترب ضحيّة، ويملك جنسيّة وطن آخر، أن يقيم دعاوى أمام القضاء الوطني في تلك الدّول لاسترجاع حقوقه؟ إنّ الصمت عن هذه الجريمة، لا يمنح الفاعل حصانة الهرب من المسؤوليّة فحسب، بل يحوّل كلّ أعباء الجريمة، على كاهل المواطن اللّبناني؟ ستزيد مديونيّتنا الوطنيّة، وتزيد أعباء المواطن.

3- ونشكو من الفساد، ونهب أموال المودعين. أين هي هذه الأموال؟ هي مودعة في مصارف سويسريّة، أو فرنسيّة، أو أميركيّة، أو إنكليزيّة. لماذا لا تقوم نقابة المحامين بالملاحقات القضائيّة في تلك الدّول بغية مصادرة هذه الأموال، وإعادتها إلى أصحابها. إنّ القواعد الدّوليّة لمحاربة الفساد، تفترض تعاون دولي، لمنع الفاسد من تحقيق أرباح ناجمة عن فساده. بدأ اللّبنانيّون في فرنسا، تحرّكا بهذا الصّدد، كان يفترض أن يتحوّل إلى نموذج لتحرّك مشابه في دول أخرى.

هذا فيض من غيض. نرجو أن يشهد هذا العام، لقاء للقوى الحيّة وإعداد مشروع إنقاذي للبنان، يمكن الدّفاع عنه في العالم، وفي المحافل الدّوليّة.