غسان صليبي/النهار: الميدان لا يتكلم يا سيد نصرالله، البشر وحدهم يتكلمون

61

الميدان لا يتكلم يا سيد نصرالله، البشر وحدهم يتكلمون
غسان صليبي/النهار/18 تشرين الثاني/2023

أكد الأمين العام ل”حزب الله” حسن نصرالله في خطابه الاخير أن “الكلام يبقى للميدان، لست أنا من أعلن عن الخطوة، وسياستنا في المعركة الحالية أن الميدان هو الذي يتكلّم، ثم نأتي نحن لنشرح فعل الميدان، ولذلك يجب أن تبقى العيون على الميدان».
“الميدان” يعني بالدرحة الاولى بالنسبة لنصرلله ساحة المعركة في جنوب لبنان بوجه اسرائيل، حيث السلاح بجميع انواعه، حيث الحرب تحط رحالها. وفي “الميدان” اليوم من الجانب اللبناني، “حزب الله” وحركة “امل” و”حماس” وفصائل فلسطينية أخرى، ما يعني قوى متعددة، حتى ولو كانت على ما يبدو، بقيادة مايسترو واحد، من خارج “الميدان”.
و”الميدان” العسكري يميل بطبيعته الى التصعيد، الى استخدام منطق الرد بما هو اقوى، وتجارب المعارك العسكرية تشير بما لا لبس فيه، ان ضبط إيقاع المعارك وحدودها ليس بالمسألة السهلة ولا المضمونة، وخاصة إذا تعددت القوى المنخرطة فيها. مما يهدد بتوسع الحرب على الاراضي اللبنانية، وهذا ما جعل أصوات اللبنانيين ترتفع اكثر في الايام الاخيرة، وبعد خطاب نصرالله الثاني، وتصاعد الاشتباكات، لتقول بصوت عالٍ “لا نريد الحرب”.
“الميدان” او السلاح لا يتكلم، كما تدّعي، يا سيد نصرالله، بل هو يحل محل الكلام ويسكته، وإكرر لك ما سبق وقلته بمناسبة اخرى، أن “السلاح لا يقتل عدوه فقط بل صاحبه ايضا، اذ انه يحل محله”، فهل حلّ السلاح محلك، لتدعه يتكلم عنك؟
الإدعاء أن الميدان يتكلم هو تنصل من المسؤولية، فالبشر وحدهم يتكلمون يا سيد نصرالله، وفي الدول التي تحكمها الدساتير، الكلام وحده هو صاحب السلطان فيما السلاح هو في خدمته، فيتحاور البشر ويصوّتون على القرارات التي تخص مجتمعاتهم وتحدد مسارها ومصيرها.
من واجبك الوطني يا سيد نصرالله، الا تنتظر ما سيقوله لك الميدان الابكم، بل ان تتكلم مع أبناء شعبك، في إطار المؤسسات الدستورية التي هي وحدها من يقرر فعل الميدان وليس شرحه كما تقول، ومعظم أبناء شعبك قالوا لك بوضوح وصراحة انهم لا يريدون الحرب، ولا يقبلون أن يكونوا رهائن لما يمكن ان “يقوله” لهم الميدان الابكم.
وبعد، يا سيد نصرالله، هل فعلا أن المناوشات العسكرية في الجنوب تخفف من عدد القتلى وحجم التدمير في غزة، ام انها تزيد من عدد القتلى وحجم التدمير في لبنان، فضلا عن نزوح الاهالي من قرى الجنوب، وتعطّل الأشغال والقلق الشعبي المتزايد على الاراضي اللبنانية كافة؟
سأجاريك في استخدام مصطلحاتك، واذكرك بأن “الميدان أو الساحة هو وصف يطلق بالهندسة المعمارية على مكان محدد داخل المدينة أعرض من الطرق التي تنتهي إليها وبحيث تكون مُجمع لتلك الطرق. وتُستخدم الساحات لأغراض متعددة، وغالبا ما تتزامن مع المكان الذي يوجد فيه المباني الرئيسية مثل مقر حكومة المدينة أو تلك الدينية. يوجد تشكيلات كثيرة من الميادين التي لا يمكن وصفها وتصنيفها لأن كل ميدان في المدينة له خصائص مختلفة. ومع ذلك، فإن أحد الخصائص الأساسية للميدان هي أن :
• – يكون موجودا في فضاء مفتوح
• – يكون ميزة للمدينة.
• – يحيط به عادة مباني عامة.
• – يكون مكان لقاء بين أفراد المجتمع.
• – يؤدي وظائف عامة تؤثر على سكان المدينة بشكل
• إيجابي”.
هذه الخصائص موجودة جميعها في ميدان معروف جدا في قلب بيروت، هو “ساحة الشهداء” او “ساحة الحرية”، او “ساحة البرج” قديما.
فما رأيك أن ندع هذا الميدان يتكلم، بحكومته ومجلسه النيابي ومجتمعه المدني، الذي يفضّل أن يُعبّر عن تطلعاته، في هذا المكان بالذات؟