فاطمة حوحو: لهذه الأسباب لبنان لا يريد الحرب/د. رودريك نوفل يؤكد وقوف أكثرية اللبنانيين ضد توجهات القوى التي تحمل في وجودها ثقافة الموت، فمن يريد ثقافة الحياة لا يريد هداية الشهادة ولا يريد توريط لبنان، أما الثنائي الذي يستأثر بقرار الحرب والسلم وبتمثيل الطائفة الشيعية كلها فهو عدو للديمقراطية ولا يعيش الا بقمع الآخر

70

لهذه الأسباب لبنان لا يريد الحرب
فاطمة حوحو/نقلاً عن موقع أخباركم اخبارنا/14 تشرين الثاني/2023

د. رودريك نوفل: نحن ضد توجهات القوى التي تحمل في وجودها ثقافة الموت، فمن يريد ثقافة الحياة لا يريد هداية الشهادة ولا يريد توريط لبنان، أما الثنائي الذي يستأثر بقرار الحرب والسلم ويستأثر بتمثيل الطائفة كلها فهو عدو للديمقراطية ولا يعيش الا بقمع الآخر.

يضع اللبنانيون يدهم على قلوبهم من اندلاع حرب مع إسرائيل تقضي على ما تبقى من لبنان، حيث يتصاعد التوتر على جبهة الجنوب وسط فوضى مفروضة على ساحتها بحكم حزب الأمر الواقع المتهم بتجاوز قواعد الاشتباك. فمنذ اندلاع حرب غزة والدعوات الى الالتزام بشعار وحدة الساحات التي أملت حركة “حماس” ان يجري تنفيذه على الارض، ليتبيّن بالتجربة انه “ما عليه جمرك” كما يقال بالمثل العامي، وبالتالي لتقوم اسرائيل بإطلاق تهديداتها وتفلت عقال اعتداءاتها من غارات وقصف مدفعي وملاحقة مدنيين وصحافيين يقومون بواجباتهم، وهي تنتظر الوجبة الادسم في تحقيق هدفها بضرب “حزب الله”، لا سيما بعد ان انكشف وجه اجرامها وحجم ارتكاباتها المخالفة للقوانين الدولية وحقوق الإنسان وتغيّر الرأي العام الدولي والتسبب بمصائب ديبلوماسية في الدول الداعمة سواء في الولايات المتحدة الاميركية او دول اوروبا.

يبدو ان اسرائيل متعطشة الى فتح الجبهة الشمالية علها تحقق اسطورة ترفع من معنويات جيشها الذي تلقى ضربة مفاجئة في عملية “طوفان الأقصى”، وان لم تنطبق حسابات الحقل على حسابات البيدر. فالواضح ان إيران التي تتبجح بدعم ميليشيات العواصم العربية التي احتلتها تحت شعار تحرير فلسطين وشكلت ألوية القدس من اجل هذه المهمة، ليس خيار الحرب مع اسرائيل وإنقاذ غزة من العدوان الهمجي من أولوياتها، وابرز دليل تصريح لافت لوزير خارجية إيران السابق محمد جواد ظريف منذ ايام، أشار فيه إلى أن الدستور الإيراني “لا ينص على الدفاع عن المظلومين والمضطهدين في العالم”، وأن “الشعب الإيراني قد ضجر من سياسات النظام في موضوع فلسطين”، حسب قوله.

وأشاد بسياسة النظام المتمثلة بـ”النأي بالنفس” وعدم دعم “حماس” في هذه المرحلة، مع أنه تلقى انتقادات من الحرس الثوري الايراني وبعض مَن هم في السلطة الذين يريدون الحفاظ على سمعتهم وتبعد عنهم تهمة التخلي عن محور المقاومة. ولعل في خطابي الامين العام لحزب الله الاخيريين مؤشر على الموقف الإيراني الذي يبيع ويشتري في سوق النووي، ويمكن فهم الفوضى في الساحة الجنوبية واطلاق العنان لمجموعات المقاومة سواء كانت جزءاً من السرايا التي شكلها “حزب الله” او من تنظيمات فلسطينية حليفة لمحور الممانعة انها محاولة من (ا ل ح ز ب) لحفظ ماء الوجه. على اي حال، القرار المؤثر في هذا المجال كان للولايات المتحدة الاميركية وفرنسا اللتين حذرتا وتحذران من تورط لبنان في الحرب وعدم الانجرار اليها. الا ان هذا الموقف لا يلائم على ما يبدو حكومة نتنياهو، وبالتالي قد تحول تهديداتها الى فعل واقعي بغض النظر عن موقف حلفائها في الغرب الذين لا يريدون فتح جبهة جديدة تلهيهم عن الحرب الاوكرانية.

وبعيداً عن ذلك، بدا اللبنانيون يبحثون عن صوت العقل، فهم وإن كان بعضهم مدافعاً عن فلسطين وقضيتها ويقف ضد جرائم الاحتلال في غزة والضفة، الا انه لا يريد ان تعاد تجربة حرب 2006 التي دمرت لبنان، علماً أنه في حينه كانت هناك دول عربية ساعدت لبنان على تجاوز محنته. لكن اليوم في ظل خطاب العداء الذي انتشر لسنوات من قبل الممانعين للاطباق على قرار السلطة اللبنانية، ليس هناك من يمكن ان ينتشل لبنان من كوارث الحرب والدمار والخراب. #لبنان_لا_يريد_الحرب شعار بدأ ينتشر وتدور نقاشات حوله، فجلّ اللبنانيين عرفوا الاثمان الباهظة لمغامرات “حزب الله” الذي لو كان يعلم لكنه اليوم يعلم، وها هي حرب غزة تجري على مرأى العالم دون ان يستطيع احد وضع حدّ للآلة العسكرية الاسرائيلية المجرمة وفلتانها في انتهاك فاضح لقوانين الحرب وارتكاب الجرائم التي لا تعد ولا تحصى. ومن يراقب “السوشيال ميديا” لهذه الدعوات، يجد من يطالب حسن نصر الله بعد ادخال اللبنانيين في الصراعات والحروب غصباً عنهم وتحميل البلد المزيد من الأثقال والدمار لأنه دفع الكثير ثمن مغامرات (ا ل ح ز ب) ووحدة ساحاته.

ويسلّط اللبنانيون المعارضون للحرب الضوء على ان اللبنانيين لا يريدون ان يعيشوا اليوم مأساة غزة، ويدعون الى إبعاد كأس الحرب المرة عنهم.
كثيرون وضعوا هذا الهاشتاغ ونشرت “بوسترات” كبيرة على الجدران، حتى النجمة اللبنانية اليسا شاركته على منصة X مع صورة حملت عنوان عريض وهو “لا للحرب.. لبنان لا يريد الحرب” كتعليق لها على التوترات الحاصلة في فلسطين والمخاوف من امتداد الحرب إلى لبنان. يؤكد الرافضون لخيار الحرب على لبنان اهمية عدم تكرار الماضي، فهم يدركون أنهم يعانون من مشكلات اقتصادية وصحية ويريدون العيش بسلام لأنهم عايشوا الحروب واكتفوا، ويريدون تعليم اولادهم وتأمين مستقبل لهم بعيداً عن الموت والهجرة والقتل والجوع والمرض.

في المقابل، لا يتشارك اللبنانيون جميعهم وجهة النظر هذه، فمنهم من تأخذه الحماسة الى ان الحرب مع اسرائيل هي لاستعادة الكرامة وان اطفالنا اذا استهدفوا من العدوان لن نسكت. ويؤكدون وقوفهم الى جانب كل مظلوم ومع المقاومة، وحقهم في الجهوزية للحرب طالما ان اميركا واسرائيل تفرضانها.
ويتمسك بعضهم بشعارات نصر الله “الموت أولى من ركوب العار”، بينما يجد آخرون ان لا مستقبل للبنان ولتقم الحرب”. مطلقو حملة لا للحرب في لبنان تضامنوا “مع فلسطين وحق الشعب الفلسطيني في المقاومة والصمود والأرض والدولة”، لكنهم رفضوا في الوقت عينه أخذ لبنان إلى الحرب “من قبل أي جهة”.

الناشط السياسي الدكتور رودريك نوفل اوضح لموقع “اخباركم – اخبارنا” ان فريق السياديين الذين وقفوا ضد الاحتلال الإيراني وطالبوا بالتخلص منه هم ضمن هذه المجموعات التي تقف ضد الحرب، ومعظمهم ناشطون في المجتمع المدني وغير منتمين لأحزاب سياسية. وقد وجدت الحملة التي اطلقوها، صدى بين الللبنانيين، خصوصاً وأن كثيرين يتطلعون للحرب ويعتبرون أن مسألة قتال إسرائيل موضوع وطني، كما أن نسبة كبيرة من اللبنانيين يتعاطفون مع الفلسطينيين وحربهم ضد اسرائيل، لكن لا أحد يريد الحرب من لبنان الذي لا يحتمل لوجستياً ومالياً وسياسياً تبعاتها، وكل ما نحاول تحقيقه وقد نجحنا في جزء كبير منه، هو خلق حالة وحدة داخلية ضد الحرب”. ويوضح: نحن كنا اطلقنا دعوات ضد ما اسميناه الاحتلال الايراني ووقفنا ضد هيمنة “حزب الله”، واليوم صار الجميع يستخدم تعابيرنا من الإحتلال الإيراني حتى المطالبة بالطائف والقرارات الدولية”. ويشير الى أننا ضد توجهات القوى التي تحمل في وجودها ثقافة الموت، فمن يريد ثقافة الحياة لا يريد هداية الشهادة ولا يريد توريط لبنان، أما الثنائي الذي يستأثر بقرار الحرب والسلم ويستأثر بتمثيل الطائفة كلها فهو عدو للديمقراطية ولا يعيش الا بقمع الآخر”. ويؤكد نوفل أهمية الوحدة الداخلية فقط، وضرورة قناعة الجميع بأنه ليس هناك حلّ مسيحي للمسيحيين وليس هناك حل مسلم للمسلمين، فالحلّ هو بوجود دولة والدولة تتكوّن بتطبيق القانون والدستور وبسط السلطة على جميع الأراضي اللبنانية من دون استثناء”. ويشير الى ان هذه الحملة غير مدعومة، وقد حاولنا ولا نزال مع القنوات التلفزيونية ووسائل الإعلام تأمين المستطاع من التغطية الإعلامية، خاصةً وأننا لا نستفيد من تمويل من اي جهة داخلية كانت او خارجية”. وإذ يرفض نوفل سياسات التخوين في اي تحرك، يلفت إلى أن إنهم “لا يزالون يفعلون ذلك مع كل من يعاكسهم الرأي، وآخرها كان محاولات تخوين نديم قطيش وديما صادق وليال الإختيار”. ويقول ان “من قتل رفيق الحريري سنة ٢٠٠٥ وقام بحرب تموز ٢٠٠٦ و٧ ايار ٢٠٠٨ واغتال الوطنيين حتى محمد شطح والقمصان السود ٢٠١١ ولقمان سليم، وصولاً الى ما وصلنا اليه اليوم من تدمير البلد، لا يمكن أن يتهم غيره بالعمالة والخيانة”. ويؤكد نوفل أن “تدمير لبنان اكبر خدمة يقدمونها للعدو ، كما أن هروب المستثمرين والسياح والشركات سببه واحد وهو إرهاب (ا ل ح ز ب) والسلاح، وهذا لا يفيد الا الأعداء”.