الكاتب والمخرج يوسف ي. الخوري/أطفال غزّة يُعدمون مرتين! في المرة الأولى أعدمتهم حماس بحماسها وبالثأر الإسرائيلي، وفي الثانية أعدمهم مَن يدّعي زورًا أنّه يخوض الحرب منذ يومها الثاني من لبنان الجنوبي

351

أطفال غزّة يُعدمون مرتين! في المرة الأولى أعدمتهم حماس بحماسها وبالثأر الإسرائيلي، وفي الثانية أعدمهم مَن يدّعي زورًا أنّه يخوض الحرب منذ يومها الثاني من لبنان الجنوبي

ملاحظة/ لقراءة كل مقالات الكاتب والمخرج يوسف ي. الخوري المنشورة على موقعنا اضغط هنا

الكاتب والمخرج يوسف ي. الخوري/موقع الكلمة أونلاين/05 تشرين الثاني/2023

في المرة الأولى أعدمتهم حماس بحماسها وبالثأر الإسرائيلي. في الثانية، أعدمهم مَن يدّعي زورًا أنّه يخوض الحرب منذ يومها الثاني من لبنان الجنوبي.
الحرب في قطاع غزّة وهو يُقاتل إسرائيل في اليمن والعراق.
الحرب في غزّة وهو يُخيَّل له أنّه يُقاتل وينتصر في شمال إسرائيل، تمامًا كما صُوّر له أنّه انتصر إلهيًّا في العام 2006.
ما كاد بالأمس يُنهي البسملة ليدخل في خطابه، حتّى كان وجه غزّة قد تغيّر شكله، بصور الأقمار الاصطناعيّة، عمّا كان عليه قبيل البسملة! وما كاد ينتهي من صفّ الكلام وتكراره بشكل لا واعي ومرتبك، لمدّة ساعة ونصف، حتّى كان أكثر من أربعمائة فلسطيني، من حاملي الجنسيّة المزدوجة، قد عبروا بوّابة رفح باتّجاه مصر! وكان جيش الدفاع الإسرائيلي قد توغّل لكيلومترات اضافية في عمق القطاع مُحكمًا طوقه على مدينة غزّة! وأيضًا كان وزير خارجيّة أميركا قد وصل إلى إسرائيل، وأجرى محادثات مع حكومة الحرب هناك، ومن ثمّ غادر إلى الأردن!
وما كاد ينتهي التهليل والتمجيد بـ “لبّيك يا نصرُ الله”، حتّى كان أطفالُ غزّة يُعدَمون مرّة ثانية.
خطابه كان “هزيمة إلهيّة” مُدوّية!
شاء توجيه رسائل استجداء واستعطاف إلى العرب والإسرائيليين، لكنّ رسائله وصلت ممسوحة الحبر بيضاء؛
تذكَّرَ فجأةً كم كان العرب داعمين لطيشه في العام 2006، فحاول تبرير تلكؤه في الحرب الدائرة اليوم بالإيحاء بأنّه “لم يكن يعلم”، وبأنّه لا يزال هناك متّسع من الوقت ليقوم بالواجب، لكن كيف يسمعه العرب وهو الممعن في شتمهم ولعنهم في خطبه، منذ انتصاره الوهمي عام 2006!؟
أراد بإصرار أن يُفهم الإسرائيليين أنّ ما قامت به حماس في 7 أكتوبر، من تنكيل وقتل بحقّ المدنيين الإسرائيليين، هو براء منه، وهو لم يتدخّل إلّا في 8 أكتوبر وضمن “قواعد الاشتباك”، لكنّ لسانه زلّ حين صنّف عملية حماس بالجهادية العظيمة، وهدّد بقتل مدنيين مقابل مدنيين، وهو الأمر الذي أجهز على رسالته المطلوب أن تصل، وأعادها إليه مصحوبة بإنذار واضح ومباشر من نتنياهو؛ ” لا تتخيّل ما سيحلّ بك في حال تجرّأت”!
مقارباته لامست الجنون الإلهي، والجنون جنون سواء كان إلهيًّا او إنسانيًّا، وهو أيضًا يُضحك كشرّ البليّة؛
يعتبر المغرور حسن أنّ “حركشاته” على الحدود اللبنانيّة تُشغل ثلث الجيش الإسرائيلي عن غزّة، أي تُشغل 140 ألف جنديًّا عن المعركة! هل مَن يُصحّح لهذا المخدوع بنفسه بأنّ الجيش الإسرائيلي الذي يقاتل داخل غزّة لا يتجاوز عديده العشرين ألفًا، وبأنّ الـ 140 ألفَ جندي المحتشدين في مقابل لبنان الجنوبي قد يكون لهم مهمّة أخرى، كالانقضاض عليه “لَو هو تجرّأ”!!؟
وهل مَن يشرح له أنّه عندما يُخلي الإسرائيليون المستوطنات القريبة من مناطق القتال، فهذا يعني أنّهم مهتمون بسلامة مواطنيهم، ولا يعني على الإطلاق انتصارًا لمحوره أو هلعًا من قبل المدنيين سكّان المستوطنات!!؟
وهل مَن يشرح له أنّ الحروب لا تُخاض بالإطلالات “البوليووديّة” الشعبويّة، ولا يُعلن الانتصار فيها إلّا بعد انتهائها وتقييم نتائجها!!؟ وأنّ “العمليّة الجهاديّة” في 7 أكتوبر تُصبح جريمة، لا بل مجزرة، حين تتسبّب بقتل عشرات الآلاف من المدنيين العزّل، وبتهجير أكثر من مليون منهم، إضافة إلى سحق أملاكهم ومدنهم!!؟
والمضحك هنا، أنه كان طورًا يعتبر عمليّة حماس بطوليّة وجهاديّة ناجحة، وتارة يزعم أنّ إسرائيل هي مَن ارتكب الاجرام ضدّ مواطنيها!!! ادّعاؤه الأخير يكشف بوضوح عن أنّ الرجل بات فاقدًا للمنطق جرّاء قبوعه معزولًا في مخبأه تحت الأرض منذ عشرات السنين!!
لن ندخل في تشتّت أفكاره ووقوعه بالمغالطات والتناقضات خلال الخطاب، لأنّنا لا نعود ننتهي، لكن تكفي الإشارة بأنّه طيلة الوقت كان يخلط ويضيع بين حرب تموز الـ 2006 وحرب غزّة اليوم، وهذا له دلالات نفسيّة عميقة، تبدأ بمحاولة لملمة صورته المهتزة جراء انجاز 7 أكتوبر الذي أنزل رجل حزب الله عن الرفّ لصالح حماس، ولا تنتهي بصراع الاصوليتين السنّية والشيعيّة على تصدّر قرار المحور الممانع.
وفي النهاية، وبعدما جرّه الكلام لحوالي الساعة والنصف، التقط حسن المغرور أنفاسه وقال إنّ الوضع في جنوب لبنان مفتوح على كلّ الاحتمالات، وهو مرتبط بإيقاع الحرب في غزّة!!! هل مَن يُخبر هذا الرجل القابع تحت، بأنّ 35% من غزّة سوّي بالأرض، والقتلى بعشرات الآلاف!!؟ فأيّ إيقاع أعظم من هذا ينتظره المغرور حسن ليدخل الحرب!!؟
وهل مَن يجرؤ في لبنان، لاسيّما من بين مدّعي التغيير من الداخل، أن يُسائل حزب الله عن جدوى سلاحه طالما أنّه لم يتضامن فعليًّا مع غزّة، وأنّها الفرصة الأخيرة لرمي إسرائيل قبل أن يحلّ الطوفان الحقيقي على المنطقة!!؟
وهل مَن بمستطاعه إنقاذ أطفال غزّة وأن يوقف اعدامهم الثاني؟؟؟