الياس بجاني/أنا المسيحي، كيف يمكنني أن أتعاطف مع القضية الفلسطينية بعد أسلمتها وتحويلها إلى قضية أصولية وجهادية؟

152

أنا المسيحي، كيف يمكنني أن أتعاطف مع القضية الفلسطينية بعد أسلمتها وتحويلها إلى قضية أصولية وجهادية؟
الياس بجاني/30 تشرين الأول/2023

اضغط هنا لقراءة الخاطرة التي في أسفل باللغة الإنكليزية/Click here to read the below piece in English

أنا المسيحي اللبناني، وحتى المسيحي الفلسطيني، كيف يمكنني أن أتعاطف مع القضية الفلسطينية بعد تحويلها إلى قضية إسلامية جهادية وأصولية، وكيف أؤيد من ينادون بتحرير فلسطين ورمي اليهود في البحر والقضاء على دولة إسرائيل، فيما كل الدول والمجموعات والمنظمات التي تريد القيام بهذه المهمة هي جهادية وأصولية وإسلامية. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فحزب الله اسمه المقاومة الإسلامية في لبنان، وحماس اسمها حركة المقاومة الإسلامية وباقي كل المنظمات التي تدعي أنها مقاومة وهدفها تحرير فلسطين هي جهادية بمنطقها وثقافتها وعقيدتها وممارساتها، وكذلك الدول من مثل جمهورية إيران الإسلامية. إن أخطر ما أصاب قضية فلسطين هو أسلمتها وتحويلها إلى حرب جهادية ضد اليهود ورمي دولة إسرائيل في البحر.

من هنا فإنه وفي خضم الجدل السياسي والعقائدي الدائر حالياً حول القضية الفلسطينية والصراع الإسرائيلي الفلسطيني الدامي، وما يشهده قطاع غزة من حرب مدمرة وخراب وموت، يُثار سؤال مهم: كيف يمكن لشخص مسيحي لبناني أو غير لبناني وحتى مسيحي فلسطيني أن يتعاطف ويؤيد هؤلاء الذين ينادون بتحرير فلسطين جهادياً وبالطرق التي تتضمن رمي اليهود في البحر والقضاء على دولة إسرائيل، خاصة وأن كل الدول وفي مقدمها إيران، وكل المجموعات والمنظمات المناهضة لإسرائيل تتبنى مفاهيم وأهداف إسلامية جهادية؟

إن جواب هذا السؤال يعتمد على القيم والمعتقدات الشخصية، ويمكن أن يختلف من شخص لآخر. لكن من المهم التفكير بعناية في الأخطار المميتة والمدمرة التي وصلنا إليها بنتيجة تحويل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى حرب جهادية-إسلامية ضد اليهود. كما إن أسلمة القضية الفلسطينية وتحويلها إلى حرب إسلامية جهادية قضى عليها وحول غالبية دول وشعوب العالم ضدها وافقدها التعاطف والتأييد من غير الأصوليين والجهاديين أكانوا دولاً ، أفراداً، أو منظمات.

لتصحيح مسار القضية الفلسطينية ولإعادتها إلى قضية وطنية وليست دينية يجب:
أولًا، أن ندرك أن هناك اختلافًا كبيرًا بين دعم حقوق الفلسطينيين والعمل من أجل تحقيق حل سلمي وعادل للنزاع العربي- الإسرائيلي، وبين الترويج للعنف والجهاد ضد اليهود ولرمي إسرائيل في البحر. كما أن التحالف مع جماعات تعتنق الجهادية يمكن أن يكون خطيراً على شعوب الشرق الأوسط والأمن الإقليمي. وفي هذا السياق علينا أن نعي الحقائق وندرك بأن حركات ودول من مثل إيران وحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي وباكو حرام وداعش والقاعدة وكل أقرانهم قد جلبوا الدمار والفوضى والصراعات إلى العديد من الدول في مقدمها لبنان وسوريا ونيجيريا وإيران والعراق وغيرها الكثير، وساهموا في تفاقم الصراع بدلاً من الوصول إلى حلاً دائمًا وشاملًا للقضية الفلسطينية.

وثانيًا، يجب على الجميع وفي مقدمهم الشعب الفلسطينيين، أن يفكروا في التأثيرات والنتائج الإيجابية لتعاون مشترك وحوار بناء بين الأديان والثقافات والدول والشعوب، بدلاً من دعم الجهاد والعنف. هذا ويمكن للمسيحيين والمسلمين واليهود وغيرهم من الأديان أن يعملوا معاً من أجل تحقيق السلام والتسامح والتعايش في الشرق الأوسط عموماً حيث كل الحروب هي للأسف حروب آلهة، وفيما يخص الصراع العربي-الإسرائيلي تحديدا..
في النهاية، يجب أن نتذكر بأن القضية الفلسطينية تتضمن حقوقًا مشروعة للفلسطينيين، وأن هناك سبلًا سلمية وحضارية ووطنية للوصول إلى حل دائم لها، أما أسلمتها كما هو واقعها راهناً سيقضي عليها.

في الخلاصة، إن أسلمة القضية الفلسطينية لن يؤدي إلى حلول لها لا اليوم ولا في أي يوم، فيما التعاون والحوار وقبول الآخر هما المفتاح لنجاحها وإيجاد مخارج سلمية لها، ولهذا يجب على المعنيين محلياً وإقليمياً ودولياً البحث الجدي عن وسائل لدعم الجهود الرامية إلى السلام وتحقيق العدالة في المنطقة، بدلاً من دعم الجهادية الإسلامية والأصولية والعنف والدمار والموت والخراب..

*الكاتب ناشط لبناني اغترابي
عنوان الكاتب الألكتروني
Phoenicia@hotmail.com
رابط موقع الكاتب الألكتروني
http://www.eliasbejjaninews.com