إيلي الحاج/رفضاً لإزهاق أرواح المدنيّين العُزّل في غزّة كما في مُستوطنات غزّة

55

رفضاً لإزهاق أرواح المدنيّين العُزّل في غزّة كما في مُستوطنات غزّة
إيلي الحاج/info3/
11 تشرين الأول/2023
لا لمجزرة غزّة التي يواصل ارتكابها الإسرائيليون ثأراً للضربة الموجعة المدوّيّة التي تلقوها من “حماس”.
ولا لمجزرة “غلاف غزة- المستوطنات” التي ارتكبتها “حماس” بحق مدنيّين عُزّل، فأفقدت القضية الفلسطينية أي قدرة على إيصال صوتها إلى ضمائر العالم.
ولا لمجزرة سربرنيتسا بحق مسلمي كوسوفو.
لا لمجزرة الأرمن، القديمة والحديثة.
لا لمجزرة صبرا وشاتيلا.
لا لمجازر الدامور والكرنتينا والجبل
وكل مجازر حرب لبنان.
لا لمجازر المُجرمَين الكبيرَين حافظ وابنه بشار بحق السوريين واللبنانيين والفلسطينيين.
ولا لمجازر صدّام حسين و”داعش” في العراق وسوريا، و”القاعدة” وأخواتها في العالم أجمع.
لا لمجزرة “الهولوكوست” بحق اليهود. ولكل مجازر هتلر على امتداد أوروبا، وستالين في شعوب الاتحاد السوفياتي، وصولاً إلى بوتين أوكرانيا والشيشان وسوريا.
ولا لمجازر اليهود في كفرياسين وشقيقاتها.
لا لمجزرة سيفو وكل المذابح بحق السريان والكلدان والأشوريين عبر التاريخ.
ولا للمجزرة بحق اليونانيين البونتيك في الأناضول، زمن السلطان العثماني وزمن الثائرين على السلطان.
لا لمجازر اليابانيين بحق الصينيين
ولا لمجازر الصينيين بحق الشعوب السيّئة الحظ، وآخرهم شعب الإيغور.
لا للمجزرة في بورما بحق شعب الروهينغا، ولا للمجازر بحق المسلمين والسيخ والهندوس في الهند.
لا لمجازر الاستعمار الأوروبي في الجزائر وكل أفريقيا وآسيا والقارة الأميركية،
وأيضاً للمجازر المتبادلة في فييتنام.
لا لمجزرة هيروشيما ولمجزرة ناغازاكي
ولا لمجازر قبائل الهوتو بحق قبائل التوتسي في رواندا
لا لمجازر المغول والبيزنطيين والصليبيين،
ولا لكل مجازر الفتوحات باسم الأديان
ولن أسمّي ضحاياها.
لا لكلّ الاغتيالات السياسية التي ارتكبها الإيرانيون عبر أذرعتهم في لبنان، والتي إذا جمعناها تساوي مجزرة نوعية بحق نخبة المجتمع.
وكلّا ليس صحيحاً أن الغرب ضدنا مهما فعلنا.
عندما شاعت صور مجزرة صبرا دم وشاتيلا ضرب مناحيم بيغن كفاً بكفّ
“خسرنا”، قال.
وكان حدسه صائباً.
من اللحظة الأولى، الغرب لم يتحمّل.
الشعب الإسرائيلي نفسه لم يتحمّل.
وأذكر، خلال الحرب التي سمّاها الإسرائيليون “عناقيد الغضب” في ربيع 1996 كنت أعمل في وسيلة إعلامية أحرّر أخباراً ومقالات، وفجأة قفز أحد الزملاء عن كرسيه متهلّل الوجه، وكان جالساً أمامي، وصاح بي “مجزرة مجزرة”. استفسرت عمّا جرى فأخبرني بفرح غامر أن صواريخ وقذائف إسرائيلية سقطت قرب موقع للوحدة الفيجية في “اليونيفيل” في بلدة قانا، وكان لجأ إلى هناك عدد كبير من أهالي البلدة وجوارها للاحتماء من القصف، ولا شك وقعت مجزرة. أذكر تماماً قلت له في هذه الحال يجب أن نحزن ولا أفهم فرحه، فأوضح زميلي المتحمّس لخط “الممانعة والمقاومة”، مستغرباً سذاجتي على الأرجح، أن وقوع مجزرة سيغيّر مسار المعركة لأن الغرب لن يقبل بإزهاق أرواح مدنيّين أبرياء وأفراد عائلات، كبار وصغار. “انتظرناها وجاءت من ألله”، قال.
لن أنسى وجه طفلة جميلة “كأنها نائمة” ( تحيّة بلا مناسبة للياس خوري) من ضحايا المجزرة، تأمّلت في صورتها مليّاً لا أعرف كَم من الوقت، وأصبت بكآبة عميقة منعتني لأيّام من الكلام. وعندما التقيت زميلي بادرني بزهو: “ألم أقُل لك؟ تراجَعَ الإسرائيليون”.
لا بد من أن تدرك البشرية يوماً أننا أصبحنا في عصرٍ لم يعد يجدي فيه أسلوب المذبحة، وأن زمناً سوف يأتي تنتصر فيه الضحايا على قاتليها.
وأنّ دمَ الثأر يستسقي دمَ الثأر.
والعنف لا يولّد إلا الإرهاب والكراهية.
وأدرك بينما أكتب هذه الكلمات أنها خارجة عن سياق تفكير كثيرين وإيمانهم. لكنّي أحفظ مَثَلاً سمعته مرّة في مقابلة للكاتب الفرنسي البلجيكي إريك- إيمانويل شميت: عندما يلتقي الرجال على رأيٍ واحد وكلامٍ واحد، تَطولُ آذانُهم.
* Le tableau de François Dubois: Le massacre de la Saint-Barthélemy. vers 1572-1584.