جنى بركات/وسيم منصوري: من محامٍ لنبيه بري إلى النائب الأول لحاكم مصرف لبنان

41

وسيم منصوري: من محامٍ لنبيه بري إلى النائب الأول لحاكم مصرف لبنان
جنى بركات/موقع درج/الاثنين 04 أيلول 2023

تولّى المحامي وسيم منصوري، النائب الأول لحاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، منصب الحاكمية عملاً بقانون النقد والتسليف. من هو منصوري الذي كان محامياً لرئيس مجلس النواب نبيه بري، وأصبح النائب الأول لحاكم مصرف لبنان بدعم من بري نفسه ؟.

“لن يتمّ التوقيع على أيّ صرف لتمويل الحكومة إطلاقاً خارج قناعاتي وخارج الإطار القانوني لذلك”، كرّر النائب الأول لحاكم مصرف لبنان المحامي وسيم منصوري الذي تسلّم المنصب ريثما يعيَّن حاكم جديد، وفقاً للمادة 27 من قانون النقد والتسليف.

بات رياض سلامة حاكماً سابقاً لمصرف لبنان، إثر انتهاء ولايته في 31 تموز/ يوليو 2023، بعد ثلاثين عاماً متتالياً. لكن مع عدم اجتماع مجلس الوزراء لتسمية حاكم جديد، يبقى المنصب شاغراً حتى إشعار آخر، وفي هذه الحالة، يشغل نائب الحاكم الأول المنصب بحسب قانون النقد والتسليف.

يبدو أن منصوري فتح جبهة على الحكومة برئاسة نجيب ميقاتي، مشدداً بين الجملة والأخرى على رفضه إقراض الحكومة إلا بشروط قد تكون تعجيزية. على سبيل المثال، إذا وافق المصرف المركزي على إقراض الحكومة بالدولار، عليها سداد الدين بالدولار. وهذا أمر مستحيل من جانب الحكومة المفلسة. كما وضع الكرة في ملعب الحكومة لإقرار قانون يسمح للمصرف المركزي بالتدخل في سوق “القطع”، أي السوق السوداء.

وسيم منصوري ونبيه برّي
لا تقتصر علاقة وسيم منصوري برئيس مجلس النواب ورئيس “حركة أمل” نبيه بري، على القرابة العائلية، إنما كان وكيله القانوني سابقاً، ولعلّ أشهر قضاياه هي تلك التي رفعها ضد الناشط صلاح نور الدين عام 2015. كان السبب وراء هذه القضية رفع نور الدين لافتة تجمع بري ورئيس الحكومة حينها سعد الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط بعنوان “رؤوس الإجرام والفساد والسرقة”، وفي هذه الفترة كان لبنان يشهد تظاهرات كبيرة بسبب تخلّف الحكومة عن مسؤولياتها، أهمها إدارة أزمة النفايات التي أغرقت الشوارع.

أعلن منصوري حين تسلم الحاكميّة أنه لن يقرض الحكومة إلا بهامش معين، وأشار أيضاً إلى تحرير سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار، وذلك يعني اعتماد العملة على حركة البيع والشراء، وبالتالي يحدّد سعرها على أساس العرض والطلب.

خلال مرافعة نور الدين، اعتبر محامي بري رضا صالح، الذي حضر نيابة عن منصوري، أن ما حصل في 2015 مؤامرة ضد السلطة، واتهم نور الدين بأنه كان “يحاول أن يخلق شارعاً مقابل الشارع المؤيد للرئيس بري ويحدث فتنة”. انتهى المطاف بإدانة نور الدين بالقدح والذم وتغريمه مليون ليرة لبنانية عام 2017 (قرابة 650 دولاراً أميركياً حينها). إلى جانب ذلك، تعرض نور الدين قبلها للضرب من مجموعة ادّعت أنها من “حركة أمل”.

انتقل منصوري بعدها ليصبح المستشار لوزير المالية السابق وعضو المكتب السياسي في “حركة أمل” علي حسن خليل. استمر في المنصب الأخير حتى تموز 2020، حين رشحه بري لتولي منصب النائب الأول لحاكم مصرف لبنان، وفعلاً حدث ذلك خلال ترؤس حسان دياب الحكومة وميشال عون رئاسة الجمهورية آنذاك، وأدى قسم اليمين أمامهما.

وفقاً لقانون النقد والتسليف، يعيَّن الحاكم ونوابه الأربعة بمرسوم يوقعه مجلس الوزراء، الذي يوافق على النائب الأول بناء على اقتراح وزير المالية، في هذه الحالة كان خليل، ومستشاره في هذه الحالة أيضاً، كان منصوري نفسه.

ولاية النواب الأربعة مدتها خمس سنوات، قابلة للتجديد بحسب قانون النقد والتسليف، لذا، وبحسب القانون أيضاً، على منصوري تولّي منصب الحاكمية بعد شغوره. لتكون هذه المرة الأولى التي يتسلّم فيها “مسلم – شيعي” حاكمية المصرف، لأن هذه المرة الأولى أيضاً التي يشغر فيها منصب الحاكم من دون تسمية شخص آخر منذ عام 1963. بحسب العرف اللبناني، وبما أن كل المناصب موزعة على أساس طائفي، يجب أن يكون حاكم المصرف المركزي مسيحياً – مارونياً، والنائب الأول شيعياً، مجدداً ذلك عرفاً لا قانوناً.

التنصّل من المسؤولية
قبل الأسابيع الحاسمة من نهاية ولاية سلامة ورفضه البقاء في منصبه، حاول نواب الحاكم الأربعة برئاسة منصوري غسل أيديهم من سياسات سلامة وقراراته خلال الأزمة، خصوصاً تلك المتعلقة بمنصة “صيرفة”.

كما أنهم اجتمعوا مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وأبلغوه أنه في حال أصرت الحكومة على العمل بمنصة “صيرفة” سيستقيلون من مناصبهم، وأصدروا بياناً بذلك، لكنهم تراجعوا عن هذه الخطوة.

في المؤتمر الصحافي الذي عقده منصوري ليعلن فيه عن تسلّمه الحاكمية، أعلن أنه لن يقرض الحكومة إلا بهامش معين، وأشار أيضاً إلى تحرير سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار، وذلك يعني اعتماد العملة على حركة البيع والشراء، وبالتالي يحدّد سعرها على أساس العرض والطلب.

وبذلك، يُفتتح صراع بين مصرف لبنان والحكومة التي يصر نائب رئيسها، سعادة الشامي، على تحميل النواب والحاكم المسؤولية، لتُفتح جبهة من تقاذف المسؤوليات بين الطرفين من دون تقديم أي خطة بديلة أو حل.

خلفية منصوري الأكاديميّة
وسيم منصوري محام وأستاذ متفرّغ في كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية في الوقت نفسه الذي كان فيه مستشاراً لوزير المالية علي حسن خليل، وذلك مخالف لقرار مجلس الوزراء الصادر عام 2014، الذي يمنع على الهيئة التعليمية في الجامعة اللبنانية ممارسة أي عمل مأجور خارج عملهم الأساسي في الجامعة.

منصوري حاصل على دكتوراه في القانون العام تخصص القانون الدستوري من “جامعة مونبيليه1” في فرنسا، ودكتوراه أخرى في الجامعة نفسها، بالإضافة إلى إجازة في الحقوق من الجامعة ذاتها، ودبلوم دراسات عليا في القانون الشامل.

في عام 2018، حاز منصوري الوسام الأعلى لجمهورية غينيا الاستوائية من رئيسها، “تقديراً لعطاءاته وأعماله، وذلك في احتفال حضره وزير عدل الجمهورية جوزي أولو ومستشار الرئيس أوسكار أونغومو والقنصل الفخري للبنان في غينيا الاستوائية محمد عبد الله والقنصل الفخري لجمهورية غينيا الاستوائية في لبنان حسين ريحان، بالإضافة إلى وفود رسمية وشعبية”.

كما أنه عضو في مجلس إدارة “المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس”، وأستاذ زائر في كليات القانون لدى جامعات عدة، مثل “السوربون”، و”غرونوبل”، و”رين”، و”إكس مرسيليا”. ناهيك بأنه مالك ومدير “مكتب منصوري وشركاه للمحاماة”، وعضو “الشعبة الوطنية لمحكمة التحكيم الدائمة”، وأستاذ في “الجامعة اللبنانية”.