مريم سيف الدين/هل اغتيل لقمان سليم لأنه كشف حقيقة انفجار مرفأ بيروت؟

176

هل اغتيل لقمان سليم لأنه كشف حقيقة انفجار مرفأ بيروت؟
مريم سيف الدين/موقع جسور/04 آب/2023
تأتي الذكرى الثالثة لانفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب 2020، بينما يفتقد الكاتب والمفكر لقمان سليم. أبرز من رفع الصوت بُعيد وقوع الانفجار الذي هز العاصمة بيروت مطالباً بالحقيقة رافضاً حصر التحقيق “بالأطر القضائية والأمنية اللبنانية التي هي جزء من منظمة الفساد، وحصر المسؤوليات بموظفين صغار وتقزيم التحقيق”. بمواجهة محاولات طمس الجريمة، أشار سليم بجرأة ووضوح إلى “ميليشيا حزب الله صاحب الدالة الكبرى على اللبنانيين كبيرهم وصغيرهم” وفق تعبير سليم. في اتهامه الحزب استند سليم إلى الوقائع والمنطق وتحليل المعطيات. فالتحقيق غير ممكن في زمن يستولي فيه المجرم على ساحات الجريمة ويعبث بالأدلة.
وبينما كان يعمل حزب الله على تطويق الحدث ومحاصرة التحقيق، استمرّ سليم في رفع صوته والحديث عن علاقة الحزب بنيترات الأمونيوم الذي انفجر باللبنانيين بالإضافة إلى ملف الاتجار بالمخدرات. ما استدعى غضب أمين عام الحزب، حسن نصرالله، وإن لم يسم لقمان سليم بالاسم. خصوصاً وأن تصريحات سليم كانت تلقى صداً في المناطق التي يفرض عليها الحزب نفوذه في تلك الفترة، حيث كان الحزب أمام تحد تمثل بازدياد الأصوات الشيعية المعارضة والامتعاض منه. فبتاريخ 8-1-2021، أي قبل أقل من شهر على العثور على جثة لقمان سليم، بتاريخ 4 شباط 2021 ملقية بسيارته في أحد الطرق الفرعية، ومن شماتة نجله بسليم، كان نصرالله قد خرج بخطاب يحدد فيه خطوطاً حمراء أمام الإعلام اللبناني ويهدده فيه.
في الخطاب عبّر نصرالله عن انزعاجه مما اعتبره “استخدام” ملف المرفأ “ضد حزب الله” وكذلك من المقالات الصحفية والإعلام الذي تحدث عن دور الحزب في تجارة المخدرات. وهما ملفان كان لقمان سليم أبرع وأجرأ من تناولهما. يومها اتهم نصرالله الإعلام بالاعتداء على حزب الله قائلاً “أنتِ أيتها المحطة التلفزيونية الفلانية والإعلام الفلاني ‏والجريدة الفلانية والموقع الاخباري الفلاني أنتم تعتدون علينا، أنتم تعتدون على كراماتنا، ‏تتهموننا بأشياء بشعة ومستنكَرة ومسيئة جداً، هذا الأمر لا يجوز ان يستمر بهذه الطريقة”. وهدد بأن “الناس” ستتصرف وقد تقوم بتسكير المحطات. وتابع “هذا الأمر لم يعد يحسن السكوت عنه ويجب أن يعالج”.
بالطبع لم يمتثل سليم لتهديدات نصرالله، كما لم يفعل من قبل رغم ما وصله من رسائل. ففي مقابلة له على قناة العربية بتاريخ 15-1-2021 صرح قائلاً: “بتنا نعرف جيداً من استورد ولكن أهم من الاستيراد بتنا نعرف جيداً من خزن ولمصلحة من خزنت هذه المواد …. كانت تصنع ليتم استخدامها فوق الشعب السوري… نحن اليوم أمام جريمة حرب أطرافها موسكو وبيروت ودمشق وكل من شارك- سواء بالصمت أو بتقديم التسهيلات- هو متهم وبحكم الساقط…”
ولم تكن صدفة أن يقتل لقمان بعد أقل من شهر من خطاب نصرالله، وبعد إصراره على مواقفه. ولا أن يعلن نصرالله بعد أقل من أسبوعين على مقتل سليم انتهاء التحقيق في جريمة المرفأ في خطاب ألقاه بتاريخ 16 شباط 2021. فإنهاء التحقيق لا يقتصر فقط على عرقلته قضائياً وإنما يستوجب إقصاء كل من يرفع لواءه ويتحدث عنه بجرأة وبمنطق.
وتظلّ فرضيّة اغتيال لقمان سليم بسبب مواقفه المؤثرة بقضية المرفأ قائمة حتى ينجز تحقيق مهني إما يؤكدها لتصبح حقيقة أو ينفيها. لكنّ عرقلة التحقيق في جريم اغتيال سليم ورفض التعاون مع التحقيق تحمل في ذاتها إجابة تؤكد الفرضية.
وكانت عائلة سليم قد طالبت، في الذكرى السنوية الثانية لاغتياله، بتشكيل لجنة تقصي حقائق لتضم كل الاغتيالات التي تلت الانفجار ومن بينها اغتيال سليم للتحقيق في ما إذا كان اغتياله مرتبطاً بقضية انفجار المرفأ. يومها رجحت رشا الأمير، شقيقة لقمان أن يكون تحليله السياسي في القضية هو الشعرة التي قصمت ظهر البعير.
وبعيد انفجار المرفأ وقعت عدة عمليات اغتيال جرى توثيقها وشكل ملف المرفأ رابطاً مشتركاً بين جميع ضحاياها. لكنّ أياً منها لم يصل التحقيق فيها إلى نتيجة، وراح ضحيتها منير أبو رجيلي، العقيد المتقاعد في الجمارك، وجورج بجاني الذي عمل مصوراً مع الجيش والتقط صوراً للمرفأ، بالإضافة إلى لقمان سليم.
وفيما تستمر عرقلة التحقيق في انفجار المرفأ وفي كل جرائم الاغتيال يبقى الحزب مداناً حتى يترك التحقيقات تأخذ مداها، إذ لا مبرر لأيّ عرقلة سوى الخوف مما قد تكشفه هذه التحقيقات.